الثورة بين الوعي واللاوعي
أمل المطهر
لطالما كانت الثورات أَسَاسَ وبدايةَ التحَرّك نحو التحرّر من الاستعباد والهيمنة فكانت العامل الأَسَاسي وَالهام جِـدًّا لفضح الطغاة وتعريتهم وتوعية الشعوب بأهميّة العمل والتحَرّك للحصول على المكانة الإنسانية المناسبة للعيش الكريم والعزيز الذي أراده الله تعالى لهم.
وحينما نأتي لتعريف الثورة تعريفاً لغويا سنجد اللفظ ذاته يعبر عن نفسه، فالثورة هي مجموعة من المشاعر الإنسانية الفطرية التي تكمن داخل النفس وَتخرج متفجرة من أعماق النفس البشرية التواقة للحرية والعدالة، بصورة غضب واستياء من كُـلّ ما قد يمس ويمتهن كرامة الإنسان وسيادة الأوطان لتكون تحَرّكاً ثائراً كموج بحر هائج يجتث كُـلّ ما يقابله من تحديات للوصول إلى شاطئ العزة والرقي.
لذلك كانت الثورات في أعلى قائمة أهداف الطغاة على مدى تعاقب الأجيال وتوالي الحقب، فهي تندرج ضمن قائمة التوعية الفكرية والثقافية التي تنعكس أفعالاً واعيةً ثائرة ضد كُـلّ منابع الظلم والفساد في هذه الأرض وَتدفع الإنسانية نحو النجاة المطلقة من عبودية المستكبرين وتمنح النفوس طاقة ثقةٍ وَإيمانٍ إيجابية قوية بقضاياها العادلة.
فتكون النتيجة الحتمية هي انتصار لتلك الثورات وسقوط وخزي لكل الطغاة.
وحينما نقرأ واقع الثورات في عالمنا العربي سنجده بعيدًا في الغالب عن كُـلّ ما تم ذكره فلم نجد نموذجاً قوياً يُقتدى به سوى في نموذج الثورة اليمنية ثورة الـ21 من سبتمبر التي جسدت أرقى وأقوى معاني الخلاص الإنساني من أي تأثير خارجي وداخلي يحرف الثورة عن مبادئها وقيمها وأهدافها، فكانت الأصبع منذ البداية تشير إلى العدوّ الأمريكي الذي كان سبب المعاناة والوجع في اليمن فسارت الثورة في خُطى ثابتة واعية تحت ظل قيادة حكيمة رشيدة واعية كانت تعي جيِّدًا المخاطر والمؤامرات التي كانت تحاك من تحت الطاولات، كان الوعي على رأس تلك الثورة لذلك لم يقبل الثوار بأخذ مسكنات مؤقتة للألم بل أصروا على اقتلاع رأس الأفعى من تراب الوطن ليسهل بعدها بتر الذنب.
وها هو الشعب اليمني يحصد منجزات الثورة التي حقّقت صموداً ووعياً وثباتاً في وجه العدوّ الذي أجبرته الثورة على الظهور في الساحة علناً وصنعت قوة رادعة لدفع الخطر عن الوطن وتحرير سيادته من أية هيمنة خارجية وما زالت الثورة تسير نحو دفع ومواجهة الخطر الخارجي وبناء وتطهير جسد الوطن الداخلي.