سجن “داعش والقاعدة” في الصومعة.. “المسيرة” تظهر خفايا الإجرام التكفيري
“المسيرة” تلتقي اثنين من المحرّرين من سجون “الإجراميين” في حازمية البيضاء:
اختطاف متواصل للأبرياء وبتهم كيدية يستخدمها كُـلّ فصائل المرتزقة ضد المارّة
تعذيب وحشي وتنويع لنماذج إجرامية منقولة من داخل السجون الأمريكية والصهيونية
المسيرة: نوح جلاس
فوقَ كُـلِّ شبرٍ محرَّرٍ من دنس ومخلفات العدوان وأدواته، تظهر مآسٍ وأوجاعٌ ومظلومياتٌ أزاحتها أيادي الحرية بسواعد المجاهدين من أبطال الجيش واللجان الشعبيّة، ومع مواكبة عدسات “المسيرة” لمستجدات المناطق المحرّرة فور دحر العدوان وأدواته، تلقائياً تظهر ما كانت تخفيه تلك المنظومة العدوانية الوحشية، التي وجدت كي تحتلَّ الإنسان اليمني وتعبث بحقوقه ومقدراته وحرياته.
وبعد تحرير مديريتي مسورة والصومعة بمحافظة البيضاء، واكبت عدسة “المسيرة” لتغطية المستجدات وتسليط الضوء على ما خلفته أدوات العدوان التكفيرية والمرتزِقة داخل أوكارها المظلمة، المليئة بالوحشية والعدوانية المفرطة، وعلاوةً على ما كابده المواطنون من وحشية وعدوانية من قبل تلك العناصر المأجورة، وصلت عدسة المسيرة إلى سجون ومقرات العناصر الإجرامية، لتحرير المظلومين المختطفين، بعد تحرير البيضاء بالكامل، وهنا مشهد آخر من مشاهد الغريزة الوحشية لعناصر ما يسمى “القاعدة وداعش”، وتحديداً داخل سجونها الموحشة.
منطقة الحازمية في مديرية الصومعة التي سقطت فيها آخر الرايات السوداء في محافظة البيضاء، خلّف التكفيريون سجوناً مظلمةً مليئةً بالمختطفين الأبرياء، المسجونين على ذمة براءتهم وانشغالهم بالعمل لحصد لقمة العيش لهم ولأطفالهم، وبتهمة كاذبة زائفة تتخذها العناصر المرتزِقة مبرّراً لممارسة الوحشية والعدوانية بحق المواطنين وهي الانتماء لـ”أنصار الله”، رغم معرفة تلك العناصر المأجورة بكذب زورهم وبهتانهم.
ومن سجن معسكر الحازمية في محافظة البيضاء التابع لعناصر الإجرام المسماة “داعش والقاعدة”، خرج عدد من المواطنين الأبرياء الذين تم تحريرهم، من بينهم المواطنان المحرّران أحمد الدهمشي ونسيم العيزقي، اللذان يرويان للمسيرة حكاية إجرامٍ ووحشية مارستها العناصر التكفيرية بحقهم طيلة أشهر، كانت دقائقها وساعاتها وأيامها مشغولة بالتعذيب الوحشي الذي مارسته عليهما عناصر الإجرام في كُـلّ المناطق التي تحتلها داخل وخارج اليمن.
سيناريو اختطاف الأبرياء.. تناغم “إصلاحي تكفيري”:
المواطنان المختطفان المحرّران أحمد الدهمشي ونسيم، يحكيان كواليس اختطافهما من قبل عناصر القاعدة واقتيادهما إلى سجن معسكر الحازمية في مديرية الصومعة، وطريقة اختطافهم لا تختلف عن طرق باقي المختطفين من قبل مرتزِقة الإصلاح في طرق مأرب وباقي المحافظات المحتلّة، حَيثُ تم اعتراض المواطنين في النقاط والطرق العامة والأماكن المدنية، ومن ثم اقتيادهم إلى أوكار الوحشية والإجرام.
يقول المختطف المحرّر أحمد الدهمشي “كنت ماشي إلى الأخ أحمد بن محسن الذي كنت اشتغل معه عند الهناجر التابعة له ويعرفها الجميع، وفجأة شفت المتر (دراجة نارية) تلف حولي، وما جاء على بالي أنهم سيعتدون علي كوني مواطناً عادياً ولا يوجد مشاكل بيني وبين أي أحد”، وفي هذا الجانب يتبين وحشية وإجرام التكفيريين المرتزِقة الذين لا يفرقون بين بريء وخصم.
ويضيف الدهمشي “كانوا اثنين ملثمين وبشعر طويل، وصلوا سألوني عن اسمي، وكانوا يعرفونه؛ لأَنَّهم سألوني وقالوا أنت أحمد، قلت أيوه، ومباشرة أشهروا السلاح بوجهي وقالوا اطلع معنا، سألتهم ليش، قالوا بصوت مرتفع وبإشهار للسلاح لا تسأل ولا تقول أية كلمة اطلع وبس، فقلت لهم أنا شاقي على أسرتي والجميع يعرفني واسألوا من شئتم، حينها نزل واحد بالبندق وهدّدوني وقالوا لي بأن أطلع معهم الدراجة أَو سيقتلونني، واطلعوني الدراجة بالقوة وقادوني إلى سجن تابع لهم في الحازمية”.
والحال ذاته والطريقة ذاتها بالنسبة للمواطن نسيم العيزقي، حَيثُ يروي للمسيرة بقوله “كنت ماشي فوق باص (نوع بلكة)، ووصلت إلى نقطة لعناصر القاعدة، وجاءوا ملثمين وواحد لابس قبعة وسألوني من أين أنت؟ قلت أنا من الحديدة، قالوا من أية مديرية، قلت من مديرية جبل رأس”.
ويضيف المختطف المحرّر العيزقي “سألوني إلى أين متجه قلت لهم ذاهب إلى (خورة)، قالوا ليش، قلت لهم أطلب الله، وعلى طول أنزلوني وطلعوني في سيارتهم (هيلوكس) وحقّقوا معي فوقها، وحينها كانوا يعذبوني نفسياً، حَيثُ واحد يقول لي بأي شيء أذبحك بالسكين وإلا أرميك بالرصاص، وأنا قلت لهم أنا بريء وعندها نقلوني إلى السجن في الحازمية وأنا مغطى العينين”.
سجن الحازمية.. نموذج أمريكي وعناصر يتلذذون بالتعذيب:
وإلى كواليس ما بعد السجن، يروي المواطنان المحرّران الدهمشي والعيزقي، كواليس ما داخل غرف التعذيب، والطرق الوحشية التي مارستها العناصر التكفيرية وقضتها في سبيل تعذيبهم هم وباقي المختطفين.
يقول المحرّر أحمد الدهمشي “نقلوني إلى داخل السجن، ويحتوي على عدة زنزانات، وأودعوني في زنزانة يوجد داخلها ثلاثة أشخاص، وبجانبها الزنزانات المليئة بالمعتقلين، وجميعهم مرت فترة على اختطافهم من أربعة شهور إلى سنة”.
ويضيف الدهمشي “كانوا يعذبونا يوميًّا في الليل، وكأنه برنامج محدّد، ومخصص للتعذيب، وكانوا يعذبونا إلى حَــدّ أن إحنا نفقد الوعي”.
ويتابع حديثه “كانور يربطونا من أيدينا تحت الكتف إلى الخلف، يشدو أيدينا إلى حَــدّ أن يمزقوا أضلاعنا وأكتافنا، وكان الدم يتوقف من شدة الربط، وبعدها يأمرونا بالجلوس على الأفخاذ وممنوع نجلس على أية وضعية أُخرى، وبعدها يجيبوا (مشدة) ويضعوها على أفواهنا ويشدوها إلى خلف الرأس حتى يكاد الفك يكتسر”.
ويشير الدهمشي إلى نوعية التعذيب بقوله ” يقوم اثنين ملثمين يأخذون الصميل والوايرات وأعصي يضربون المفاصل ونحن باقين مش قادرين حتى نصيح من الألم ومن شدة الربط على الفم، وكنا نحس الجسم كله كأنه مشلول”، وإزاءَ هذه الطريقة الوحشية من التعذيب تعود بنا الذاكرة إلى ذات الأساليب التي استخدمها الأمريكيون والصهاينة في تعذيب العراقيين والفلسطينيين، وهي التي تمارس في كُـلّ سجون المرتزِقة، سواء أكانوا تابعين للاحتلال السعوديّ، أَو الاحتلال الإماراتي، وكأن ثمة دروس وتنسيق بإشراف أمريكي سعوديّ لتدريس أساليب التعذيب، حَيثُ يشير الدهمشي إلى أن هناك أساليب تعذيب أُخرى تمارس في كُـلّ يوم ومن شخص لآخر تختلف طريقة التعذيب، لكنها تمر على جميع من يتم تعذيبهم في كُـلّ يوم.
وهنا يروي المحرّر نسيم العيزقي كواليس ومجريات غرف التعذيب، وينقل نموذجاً وحشياً آخرَ من النماذج الإجرامية، حَيثُ يقول العيزقي: “أخذوني إلى الحازمية، أخذوا الحبل وعلقوني وربطوني من أسفَل يدَيَّ وعلقوني وكانوا يضربونني بـ (لي من حق الغاز)، ويضربونني في كُـلّ مكان من جسمي”.
ويؤكّـد العيزقي أنه مكث خمسة أشهر تحت التعذيب اليومي، مُشيراً إلى تنوع الأساليب الوحشية الإجرامية.
ذكريات مظلمة داخل السجن:
وفي السياق، تنتقل عدسة المسيرة، رفقة المواطنين المحرّرين أحمد الدهمشي ونسيم العيزقي، للتجول داخل زنزانات معسكر الحازمية التي كانت تسيطر عليه عناصر التكفير والإجرام المسماة “داعش والقاعدة”.
ويشير المواطن الدهمشي إلى المكان الذي مكث فيه ويتحدث “كنت أنام في هذا المكان (مدخل الزنزانة) وأول ما يفتح الباب يضرب رأسي، ثم يدخل المكلف بالتعذيب ويسحبني من الحبل المربوط على رقبتي ويتم التغطية على عيوني، ومن ثم يضربوني حتى يغمى عليَّ، وهكذا كُـلّ يوم”.
بدوره، يتجول المواطن نسيم العيزقي داخل السجن رفقة عدسة المسيرة ويشير إلى الأماكن التي كان يتم تعذيبه فيها.
ويؤكّـد المحرّران أن صلاة الجمعة، وقراءة القرآن حرام من المنظور التكفيري، حَيثُ كانوا يتعرضون للضرب والرمي بالحجارة كلما وجدوا أحدهم يفعل ذلك، حَيثُ يروي العيزقي “كانوا يمنعوننا من قراءة القرآن وكانوا يتهمونا أننا كفار، وأن إحنا (روافض كفار)، وكنا ننكر تهمهم وهم يصرون على التهمة ومنعنا من قراءة القرآن.
وليس الدهمشي والعيزقي هما الوحيدان اللذان يرويان للمسيرة حكاية إجرام ووحشية داخل سجن الحازمية الذي كان يحتجز العديد من المختطفين الأبرياء، حَيثُ ستخرج العديد من الحكايات لمحرّرين آخرين، سيتم عرضُها عبر عدسة المسيرة في أوقاتٍ لاحقة، لكن القاسم المشترك بين كُـلّ المحرّرين، هو التعذيب الوحشي اليومي والتلذذ بتنويع التعذيب، وبتهمة لم يعرفها معظم من تم اختطافهم إلا داخل غرف التعذيب.