هل هي ثورة جياع أم نتاج التيه والضياع؟

 

بلقيس علي السلطان

لقد كان من عظيم تكريم الله للإنسان أن جعل له عقلاً يفكر به وجعله مخيراً وليس مسيرا؛ مِن أجلِ أن يميز بين الحق فيتبعه وبين الباطل فيجتنبه وينبذه ويقف ضده، لكن أن تشاهد إنساناً يخالف فطرته السليمة فيتبع الباطل ويؤيده وينبذ الحق ويحاربه فهذا لا يعدو أن يكون كالأنعام بل أضل منها بكثير.

شن تحالف العدوان غاراته وسفك دماء اليمنيين ودمّـر وطنهم تحت ذريعة إعادة الشريعة وبموافقة وتأييد من بعض المرتزِقة الذين توسموا الخير في هذه الحرب فجعلوا من دماء الأبرياء البساط الأحمر الذي فرشوه لاستقبال التحالف المزعوم، وجعلوا من ثرواتهم ومقدراتهم قرابين لهم وقدموا جزيرة سقطرى كعربون محبة بينهم على أمل أن يحظَوا بالاهتمام وأن يدر عليهم قادة الخليج الأموالَ الطائلة وأن تصبح محافظاتهم التي احتلها العدوان جزءاً من أرض الخليج التي تنعم بالبذخ والترف.

ولكن! انتظر المرتزِقة اليوم الموعود لكن الطريق كان مسدود، مر العام الأول فالثاني فالثالث حتى جاءت السنة السابعة فكانت سنين عجاف أكلتها بقرات الخليج السمان!

لقد قدم المرتزِقة كُـلّ ما يملكون قرابين لأسيادهم من قادة التحالف حتى أرواحهم هانت عليهم في سبيل الوهم والسراب، واكتشفوا أنهم دخلوا في دوامة من الصراع يصارعون فيها الفقر والجوع والمرض وانعدام الأمن وفوق كُـلّ ذلك سلب كرامتهم وعزتهم، فها هي المحافظات الجنوبية اليوم تشتعل قهراً وظلماً بعد أن أذاقهم تحالف العدوان المسيطر عليها جميع صنوف العذاب وأي عذاب أشد وطأة من الإذلال وسلب الكرامة؟!

لقد خرج المواطنون في المحافظات المحتلّة بثورة تحمل مسمى هزيل (ثورة الجياع) ليتها كانت تحمل مسمى ثورة الأحرار أَو انتفاضة الخلاص؛ لأَنَّ جوع العزة والكرامة أشد إيلاماً من الجوع للمأكل والمشرب!

وافتقار الأمن والطمأنينة أعظم وطأة على النفس من افتقار المال!.

لقد آن الأوان يا أحرار الجنوب للخروج من التيه والضياع والعودة إلى الحكمة والإيمان اليماني الذي يحتم الوقوف مع الحق وطمس الباطل وأهله الذي تجلى في تحالف العدوان الذين دخلوا اليمن وجعلوا أعزة أهلها أذلة إلا من أبى الخنوع لهم والرضوخ لوصايتهم وأهدافهم وأجنداتهم ورفع صوت الحق في وجههم ومضى لمحاربتهم وإيقافهم عند حدهم فذاق مذاق العزة اللذيذ وأشبعته الكرامة وأغناه النصر رغم الحصار المشدّد ورغم الغارات المتواصلة إلا أن كُـلّ ذلك لم يكن عائقاً أمامه بل كان الدافع له ليمضي قدماً لتحقيق النصر ودحر المعتدين، فجوع البطن تسده بضع لقيمات لكن جوع الحرية لا يسده سوى الثورة ضد السجان المحتلّ الغاصب والعاقبة للمتقين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com