الثـــورةُ وقواتُ النّجـــدة.. مواقفُ مشرّفـة

 

العقيد/ محمَّد محمَّد الحوري

إنّ ما هوَ مُتعارفٌ عليهِ، في واقعِ الثَّوراتِ الشعبيّة، أنَّها تُبنى على منطلقاتٍ ثابتةٍ وعواملَ راسخةٍ وأبجدياتٍ رسمت مسار الخط الثّوري، حَيثُ كانت ثورة الـ21 من سبتمبر ثورةً انطلقت من شعبٍ قويِّ الإرادَة والعزيمة، صادقِ الولاءِ للقيادة القرآنية، ولذا ظهرت بأهدافها ومراحلها، كما وجدناها عليه، ثورةً تستحق التّضحية والصّبر والثّبات.

ومن المعلوم للجميع أن أية ثورة تقف خلفَها ومع ثّوارها وتسندُها جهاتٌ مختلفةٌ، سواءٌ أكانت مدنيّة أم أمنية من جموعِ الشّعب نفسه، وفي هذا السياق، وبعد مرور أَيَّـام من إحياء الذّكرى السّابعة لعيد ثورة الـ21 من سبتمبر التَّحرّرية، لفتَ انتباهي، وأثار شعوري ووجداني مسألةُ “التَّناسـي” بعدم ذكر وحدة أمنيّة من أبرز الوحدات الأمنية بوزارةِ الدّاخلية، ألا وهي “قوّاتُ النَّجدة” وذلك عند الحديث عن فصول الثّورةِ وتفاصيلها ومقوّمات نجاحها ومؤيديها، ولو لم يكن إلّا كهامش يُسطّر في صفحاتها النّاصعة، استنادًا في ذلك لمميزات اختصّت بها قوّاتُ النَّجدة، حَيثُ كانت الوحدة الأمنية الأولى التي انضمت للثَّورة والثّوار بصفةٍ رسميّةٍ مُعلنة على قناةِ صدق الكلمة “المسيرة”، وأُعلن انضمامُها على لسان العقيد صادق أمين المليكي-المديرُ المالي لقوّات النَّجدة آنذاك- نيابةً عن كُـلِّ جندي وصف وضابط بقوّات النَّجدة، مع العلم أنَّ أولَ قافلة تصل بعد الثَّورة إلى العاصمة صنعاء كانت من نصيبِ قوّات النَّجدة قادمةً من صعدة من قائد الثَّورة -كما قيل حينها-، حَيثُ حملت الكثير من المواد الغذائية والإبل والمواشي، عرفانًا من القائد والثّوارِ بالموقفِ الصّائب لقوّات النَّجدة بإعلان انضمامهم للثَّورة.

كما حظيت قوّاتُ النَّجدة بمواقفَ مشرّفةٍ ومشهودٍ لها في مواكبة خُطَى اللجنة الثّورية وما أعقَب الثّورة من تداعيات سياسية واقتصادية وعسكرية، فقد كان لها دورٌ بارزٌ في التحَرّك الجهاديّ في جبهاتِ القتال ومنها ارتقاء ما يقارب خمسمِئة شهيد “عليهم وعلى جميع الشّهداء أزكى السلام”.

قوّاتُ النَّجدة مثَّلت الأُنموذجَ المتميَّزَ والفريدَ خلال عملية دمج اللجان الأمنية وما عبّرَ عنهُ وجسَّدهُ حجمُ التَّقارب والتَّـآلف والتَّوافق والانسجام القائم -آنذاك- بين ضبَّاطها وأفرادها مع اللجانِ الأمنيـة إليهـا، وبين كلتا القيادتين؛ ولا أبالغُ إن قلتُ: إن هذا ما لم يحصل في سواها من الوحداتِ الأمنيّةِ وللحقيقة أبواب للوصول إليها ومعرفتها.

قوّاتُ النَّجدة مِن الوحدات التي ظلّت متماسكة بإداراتها وأدائها وضبّاطها وأفرادها وكيانها مقارنةً بالوحداتِ الأُخرى، فهيَ لم تتماسك فحسب، وإنَّما ازداد ظهورها وتوسّع انتشارها وتنوّعت مهامها وذلك خلال الفترة ما بين 2016-2020م.

قوّات النَّجدة كانت معولَ بناءٍ وسنداً لِـ اللجنةِ الاقتصادية وذلك من خلال أدائها ونجاحها في مكافحة التَّهريب عقب إسناد وحدة مكافحة التهريب لها، حَيثُ حصل وفي فترةٍ وجيزةٍ ما بين 2018 – 2019 م تغيّر كبير وملموس في ارتفاع مستوى الإيرادات نحو الأعلى فتمثل ذلك لأن تكون قوّاتُ النَّجدة عاملًا من العوامل المساعدة في إرفادِ خزينةِ الدولة لتواجه أجزاء من مرتباتِ موظَّفيهــا.

وبذلك تجدها وبما أُسند إليها من مهام كمكافحةِ التَّهريب صارت ذات تأثير إيجابيٍّ بمهامِ ونجاحاتِ بعض الوزارات كـ (المالية، التجارة، الصّحة، الزّراعة) من خلال ما تُقدمهُ فيما تُعنى به تلك الوزارات، إضافة إلى ما تحقّقه من إنجازات أمنية كبيرة في إطار مهامها الأمنية بوزارة الداخلية.

قوّاتُ النَّجدة تصدّرت خلال الثلاثة الأعوام الماضية لتكون الوحدة الأمنيّة الأولى في وزارةِ الدّاخلية، ظهوراً وانتشاراً وإنجازاً، وقد لَمِسَ الجميع جدّية وفاعلية تحَرّكها ونشاطها وإمْكَانياتها بدءًا بالمواطنِ وانتهاء بالجهاتِ الرَّسمية.

إنَّ ما سبقَ ذِكرُهُ تركّز حول دور قوّات النَّجدة وبيان مواقفها ومدى تأثيرها في الواقع المجتمعيّ والأمني، وهناك من التفاصيل الكثير والذي لا أستطيع بيانه عن تحَرّكها في جوانب عدّة كـ (البِناء الثَّقافي، البدني، الأمني، الإداري، التنظيمي،… إلخ، لمنتسبيها وواقعها).

وعليــه: جديرٌ بالذّاكرين حينما يستذكرون ثورة الـ 21 من سبتمبر، وعندما يحيون أعيادَها المتعاقبةَ بإذن الله جيلًا بعد جيل، أن تأخُذَ قوّاتُ النَّجدة مساحتَها من ذاكرة الثورة الشعبيّة، ليس لِيُعلقَ وسامًا على مبنى قيادتها..!، وإنَّما حتى يُقدّم تاريخ الثورة كاملًا بجميع تفاصيله المهمة، وحتى يُشكّلَ ذلك دافِعًا معنويًّا لكل من ارتبط بهذهِ الوحدة، سابقًا كان أم لاحقًا، فحبرُ التّدوين لم يجفّ بعدُ والصفحاتُ ما زالت تُقرأ، وتجميعُ الأجزاء جارٍ ما دامت شرارة الثّورة متوقدة في خلجات نفوسنا.

دمتم ودامت الثورة خالدةً مُستمرّة ما بقينا وبقي الليل والنهار، ودام قائدها وملهمها نبراسًا للثَّائرين في أنحاء المعمورة، ودام الشَّعب حرًّا أبيًّا عزيزًا شامخًا مستقلًا.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com