الشهيد سمير القنطار.. وجائزة نوبل لتحسين صورة اسرائيل
إبراهيم السراجي
كلما قام الكيان الصهيوني باعتداء على أرض عربية تجد أن الشخصيات التي تم تلميعها وصناعتها تنبري لتبرر ذلك الاعتداء وتبعده عن مساره وتلوم كل شيء ماعدا تلك الخطوة الصهيونية وذلك ليس لأن لدى أولئك قضية يسعون لإبرازها بل لأنهم يؤدون دوراً محدداً يصب في تغيير صورة إسرائيل في الوعي العربي.
قبل أيام استشهد العميد المناضل سمير القنطار بغارة إسرائيلية استهدفته في سوريا فكان له ما أراد بالشهادة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي بعد ان قضى عمره في سجون الاحتلال 30 عاماً ليكون عميدا للأسرى العرب، وقد عرف عنه أن بعد إطلاق سراحه قام بتأسيس المقاومة في الجولان المحتل وقال في آخر مقابلة له أن المقاومة في الجولان قد ترسخت وستبقى سواء اغتالته إسرائيل هو ورفاقه او لم تفعل.
على وقع استشهاد القنطار خرجت الأصوات التي تحدثت عنها في البداية بشكل منظم ومدروس لتشوه صورة المقاومة والشهيد وتشوه القضية العربية في مواجهة الاحتلال بهدف خلق صورة جديدة للكيان الصهيوني تبعده عن موقع العدو الأول للعرب واستاء كثيرون من ردود الأفعال تلك غير أنهم لم يدركوا الغاية من وراء ابراز تلك الأصوات لمواقف تصب في مصلحة إسرائيل.
وعلى سبيل الاستدلال لا الحصر كتبت القيادية في حزب الإصلاح من تركيا توكل كرمان على صفحتها على الفيسبوك قائلة :” إذا اردتم ان تعرفوا ماهي سوء الخاتمة فانظروا الى مصرع سمير القنطار، قتلته اسرائيل في سوريا وهو يقاتل ابناء الشعب السوري !!”
المدعوة توكل كرمان كتبت ذلك وهي على يقين انها ستتلقى الشتائم من المعلقين على صفحتها وتدرك أنها ستكشف جزءً جديداً من الصورة التي نتحدث عنها وتدرك ايضاً أن كثيرين من البسطاء سيغيرون نظرتهم لها باعتبارها حاملة لجائزة نوبل للسلام فهل كانت هي بشكل شخصي تحتاج لهذه الخسارة؟ نعم لأنه لم يجري تلميعها ومنحها نوبل إلا لتلعب هذا الدور وبدونه لم يكن بمقدورها أن تكون شيئا يذكر ثم ان من يتابع نشاطها منذ البداية فليخبرنا عن مساعي السلام التي بذلتها لتنال جائزة السلام وكل ما تكتبه او تصرح به يبعث على الكراهية والانقسام واللاسلام؟؟
وبالعودة لما كتبته كرمان حول القنطار، فهل هي حريصة على الشعب السوري؟ والاجابة يمكن استخراجها مما كتبته في العدوان على الغزة عندما قالت أن ما قتله الإسرائيليون من سكان غزة الفلسطينية ليس الا نسبة بسيطة مما فعله الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والجيش المصري بحق المعتصمين في ساحة رابعة العدوية بالقاهرة، ثم عادت لتحيي الجيش المصري لأنه قبل بالمشاركة بالعدوان على اليمن، ولذلك فهي في حالة القنطار أرادت ان تقدم إسرائيل باعتبارها قد خلصت الشعب السوري من قاتلهم وليس لأن القنطار يشكل خطرا على الكيان الصهيوني، وهي في حالة رابعة العدوية تريد أن تقول أن الجيش المصري أسوأ من الجيش الإسرائيلي وفي الحالتين لم تكن حريصة على السوريين والمصريين بل على تحسين صورة إسرائيل.
وهي حين كتبت عن القنطار بذلك الشكل وتعرف ما ستكون ردة فعل الناس على ذلك هي فعلت لأنه مكلفة بكسر الصورة المرسومة عن إسرائيل لدى الشعوب العربية وهي تساهم كما يفعل الكتاب السعوديون والخليجيون والاعلام بشكل عام لتتلاشى تلك الصورة البشعة عن إسرائيل في ذهنية العرب يوما بعد يوم.
الشعب السوري الذي تحدثت كرمان عنه وكأنها حريصة عليه هو بنظرها المقاتلون الذين جيء بهم من كل اقطار الأرض للقتال في سوريا وتمثله المعارضة التي صنعتها أمريكا ومنهم الدكتور كمال اللبواني الذي قال صراحة في مقابلة مع صحيفة إسرائيل أنهم سيمنحون الجولان لإسرائيل من اجل السلام بين الشعبين السوري والإسرائيلي على حد تعبيره. وللتأكيد أكثر فحين قام رفاق القنطار بعملية ضد الإسرائيليين وقتلوا عدد من الجنود الإسرائيليين في الحدود اللبنانية خرجت كرمان ومن على شاكلتها للتشكيك في العملية فلماذا على الأقل لم تحتقر خاتمة أولئك الصهاينة كما فعلت مع القنطار؟
صحيح أن القنطار ليس بحاجة لمثل هؤلاء ليؤكدوا شهادته فهو لم يقم بعمليته ضد إسرائيل عندما كان في السابعة عشر من عمره ثم قضى في سجونها ثلاثين عاما من اجل ان تشهد له كرمان وامثالها هو فعل ذلك ليعمق حالة المقاومة ضد إسرائيل وليبقيها في الوعي العربي باعتبارها الكيان المحتل الذي قتل مئات الآلاف من العرب فكان شرف له أن يكون في قائمة أمريكا السوداء، فأمريكا هي المساند والحليف الأول للكيان الصهيوني الذي يمنح جوائز نوبل لمن يستحقها نظيرا لجهوده في تحسين صورة إسرائيل فيما يمنح الله الشهادة للقنطار نظير مقاومته لذلك الكيان الصهيوني.
لقطة أخيرة:
الحياة السيئة والخاتمة الاسوأ لمن يقف في خندق العدوان حيث يلقى الاسرائيلي من بلاك ووتر مصرعه في تراب تعز وهو يدافع عن شرعية توكل واخوتها أما الشهيد سمير القنطار فقد روى أرض العروبة بدمه وكان شوكة في حلق إسرائيل منذ كان فتى إلى أن لقي الله وسيبقى دمه لعنة تطارد إسرائيل، فيما ستبقى دماء الإسرائيلي والأمريكي والاسترالي والفرنسي في باب المندب وصمة عار في جبين أبناء العاصفة.