خاتمُ الأنبياء والمرسلين أعظمُ شخصية تاريخية
مطهر يحيى شرف الدين
شرفٌ وفخرٌ عظيمٌ جِـدًّا في تاريخ الأنبياء والمرسلين أن يحظى نبينا محمد صلوات الله عليه وآله بالثناء والمديح الإلهي لشخصيته الفريدة ولمكانته المقدسة ومنزلته الرفيعة.
ولكي نستشعرَ وندركَ عظمة ومكارم المبلِّغ عن رب العالمين علينا أن نجتهدَ دون عناء ونبحثَ في معاني ودلالات الآيات الكريمات التي تتحدث عنه صلوات الله عليه وآله؛ كونها أهمَّ مصدر لمعرفة النبي الخاتم لنعرفَ بشكلٍ دقيق صفات وسمات وخُلق المؤدي للأمانة وَمنها أن يكون على قدرٍ كبيرٍ من المسؤولية التي أُوكلت إليه وعظيم الأمانة التي يحملها وأثرها الكبير في شؤون حياتنا ومعاملاتنا ومواقفنا وتوجّـهاتنا.
ولذلك يبدو جليًّا من خلال القرآن الكريم أن أعظم وأسمى بلاغٍ سماوي تاريخي أزلي منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها هو البلاغ من الله المدعّم بالحُجج على خلقه والبراهين الواضحة البيّنة، وهو البلاغ الذي حملهُ سيّد البشرية جمعاء ونور هذا الكون محمد صلوات الله عليه وآله.
بلاغٌ بالرسالة التي دعت إلى تحرير الإنسان من العبودية والوثنية، بلاغٌ بعبادة من هو جديرٌ بالعبادة ومن هو إلهٌ واحدٌ فردٌ صمد ليس له كفواً أحدٌ، عبادة من يريد لنا أن نكونَ خير وأعز أُمَّـة أخرجت للناس وليس أذل وأحقر أُمَّـة أخرجت للناس.
عند ذلك نقف وقفة تأمُّل وتدبر وتمعن لحاملِ البلاغ الإلهي المبين الظاهر الذي لا يجحد وصولَه واستقباله وتأثيره على النفوس والأرواح إلا كافرٌ ولا ينكرهُ إلا منافق، بلاغٌ للعباد أنذر به نبيُّ الرحمة وبشّر به العالمين بالنور لمن اتبع هدى الله وتجنّب الوقوع في الضلال.
بلاغٌ لجميع أجناس البشرية المحطّمة الضائعة التائهة التي ضلّت الطريقَ واتبعت سبل الشياطين وانحرفت وَانسلخت منها القيم والمبادئ، وَافتقدت لقائدٍ عظيم مثّل الإنسانيةَ في كُـلّ تفاصيلها ومعانيها، وَبلغ أعظم مراتب الكمال الإيماني واصطفاهُ الله ليكون للعالمين بشيراً ونذيراً استحقاقاً لما حظي به من تأييد وتوقير وتعزير وتعظيم.
بلاغٌ بالرسالة المحمّدية وَبالتشريع السماوي الذي يحق الحق ويُبطِلُ الباطل، بلاغٌ بالدين الإسلامي الذي أخرج الناس من الظلمات إلى النور وحمل معه القيم الإيمانية والأخلاقية والإنسانية التي يجب أن تتحلى بها كُـلّ الأمم وَيجب أن تترسخ في أذهان وأقوال وأفعال البشر حركةً واستقامة وبصيرة.
ولا يكون المرءُ كذلك إلا من اختارهُ الله طاهراً زاكياً زكياً نقياً تقيا ليصبح أنموذجاً في إيصال البلاغ وتحمّل الأمانة فريداً في الكمال الإيماني والإنساني، وأسوة عظيمةً لخلق اللهِ أجمعين، ومثالاً حياً ومتجدداً للمُثل والأخلاق العالية في حياة الأمم.
ندركهُ ونقتدي به خُلُقاً وقيماً وتعاملاً في واقعنا وحياتنا ونقرأهُ نبياً وَرسولاً وقائداً ومجاهداً في قرآننا ومنهجنا.
وحين يسمو ويرتفع ذكرنا للنبي الخاتم امتثالاً لقوله تعالى: “ورفعنا لك ذكرك”، فذلك إنما هو إحياءٌ لنا ولنفوسنا وإحياءٌ لفطرتنا وتبصيرنا واستقامتنا وبذلك فَـإنَّ الرحمات والهدايات تتنزل علينا يقيناً وتحيط بنا عناية الله وحفظه ورعايته.
فطاعة رسول الله هي من طاعة الله سبحانه من أمرنا ووجّهنا إلى حب وطاعة رسوله الأمين الرحيم، من تمسكت به القلوب والأفئدة باحثةً عن السكينة والطمأنينة، وتعلّقت باتِّباعه أعنّةُ المستضعفين والمقهورين، وانتصرت لمظلوميتها أناسٌ ظلّت حيناً من الدهر تنشُدُ المنتصِرَ للمستضعف وَالحامي للضعيف والمدافع عن حقوق المظلوم، قال تعالى: “قل إنْ كنتُم تحبونَ اللهَ فاتبعُوني يُحببكمُ اللَه ويَغفر لكُم ذنوبَكم وَاللهُ غفورٌ رَحِيم”.