الرسولُ والهدى
طلال الغادر
نعرفُ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ- من خلال ما قدم القرآن الكريم وأَيْـضاً النماذج العظيمة، وقدم التعاطي السلبي في التفاعل من النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ- فإحباط الله أعمال من كان غير متوجّـه معظماً محباً للنبي وموقراً له فكان الدليل على ذَلك بارزًا في مواقف ذكرها القرآن الكريم لنستلهم منها عطاء تربويًّا وليعطينا هدًى في تعاملنا مع الهدى والهداة.
فمن تلك المواقف رفع الصوت وَالانفضاض وَعدم الإنصات وعدم التقديس للهدى الذي جاء به وحتى اللمز في الصدقات والاتّهام والقول فيه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ- إنه أُذُنٌ، لم يكن ذَلك مخالفة عليها وزر يوم القيامة بل تعاطٍ سلبي يترتب عليه نتائج كسنة إلهية في الواقع العملي، مثلاً عندما أمر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ- بإحضار خطاب تريد مرسولة حاطب بن أبي بلتعة إيصاله للمشركين فأرسل الإمام علياً والمقداد والزبير إلى مكان تواجدها في روضة خاخ فبعد أن فتشوا رحال المرأة ولم يجدوه فهموا بالرجوع لكن الإمام علياً عليه السلام قال: والله ما كَذَبْنا ولا كُذِّبنا لتخرجِنَّ بالخطاب أَو لأكشفنك، فأخرجت الكتاب من ضفيرة رأسها، كذَلك في الأحزاب نتاج لهذا كله نستطيع القول إن انقسامَ الناس إلى فئتين هو نتاج طبيعي للتفاعل الجاد من عدمه معَ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ- ومعَ الهدى فمن ازدادوا إيمَانًا حين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فأخشوهم، وحين رأوا الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله فزادتهم الأحداث وعيا وبصيرة؛ لأَنَّهم ممن يغضون أصواتهم عند رسول الله وامتحن الله قلوبهم للتقوى وانصتوا للنبي وعرفوا قدر النبي عليه السلام وعلى آله، فكانت قلوبهم توجل لذكر الله فكان أثر تعظيمهم وتسليمهم ومعرفتهم للرجال.
كان مردودُ عليهم نصراً وعزاً وتمكيناً ورضواناً من الله أكبر وعلى النقيض اللا إباليون تحول الأسوأ إلى منافق يقول ما وعدنا الله ورسوله إلَّا غرورًا حين الابتلاء والزلزال الشديد ومن بلغت قلوبهم الحناجر وظنوا بالله الظنون السيئة بل لم يسلموا حتى من ابتلاءات أُخرى حتى بعد موت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ-.
وهذا كله سببُه التعاطي السلبي مع الرسول والرسالة، ليكون درساً لزماننا وواقعاً معاشاً، فمن يتفاعلون معَ الرسول تعظيماً وتوقيراً وابتهاجاً وفرحاً وسروراً واقتدَاء واتّباعاً كيف نتاج ذَلك في مواجهتهم كل قوى الشر ظفرًا ونصرًا وعزًّا واستقلالًا وبصيرةً، ومن حذوا حذوَ قليلي الأدب معَ رسول الله آنذاك كيف طبعوا وأصبحوا تحت أقدم اليهود وانحرفوا عن مسار الدين وأصبحوا أسوأ من المنافقين.