صنعاء ترتدي ثوب الجمال احتفالًا بميلاد المصطفى
محمد يحيى الضلعي
تتجرد صنعاء من كُـلّ العناء وتخلع ثوب السكون وآثار الحب لتعلن للعالم أجمع حدثها الأهم وهو الاحتفاء بالمولد النبوي الشريف عليه منا أفضل الصلاة وأتم التسليم، وما أذهلنا هو الاستعداد والتحضير غير المسبوق وبأُسلُـوب مختلف يفوق تحضير العربان في الخليج للبطولات الرياضية وحفلات الفنانين ومهرجاناتهم، ونحن أهلها وفيها ومنها، وهذا أبرز لنا الوجه الأجمل الذي يليق بالمناسبة، وكما نعرفها طيبة جميلة والطيب بأهلها.
صنعاء بالرغم أنها المحاصرة إلا أنها تحرج عواصم كثيرة عربية وإسلامية بوجهها الجميل ولوحتها المعبرة عن حب المصطفى -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- وَسَلَّـمَ- رغم المعطيات، من أين استمدت هذا الجمال وهي محدودةُ الإمْكَانيات وأناسُها البسطاءُ محدودو الدخل وقد يعدم؛ بسَببِ عدوان الجيران وعمالة المرتزِقة من اليمنيين، وحين تساءلنا عن سر شموخها وبهجتها أخبرنا أهلها أن من تتحدث عنه صنعاء وكل المدن والقرى اليمنية بالراية الخضراء هو مولدُ المصطفى محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- وَسَلَّـمَ- رسول العالمين والرسول الخاتم الذي بميلاده انجلت كَثيراً من الظلمات وعم النور كُـلّ أرجاء المعمورة.
لقد جعل منا حدث الربيع الأول أُمَّـة لها مكانتها وشموخها وكبريائها ولا غريب أن تكون صنعاء وأخواتها من المدن اليمنية هي لوحة وفاء وفرح وعزة بعزة الإسلام والنبي محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ-، ومما لوحظ أَيْـضاً أن كُـلّ مرافق القطاع العام من وزارات وهيئات وشركات ومؤسّسات حكومية تحتفي وتدشّـن الاحتفال بذكرى مولد النبي الأكرم وكذلك القطاع الخاص الذي يتسابق الجميع لإحيَاء الفعالية.
جميلة هي الحياة بذكراه وحدث كبير وقد لا نفيه حقه لكننا سنكابر إجلالاً لعظمة الحدث ورداً لجميل سرد في قوله جل وعلا: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين.
لقد اكتست صنعاء اللونَ الأخضرَ رغماً عن الحرب والحصار والدماء التي تراق؛ لأَنَّ المصطفى يستحق ولأن صنعاء لا تغيّر وجهتها وأولوياتها مهما كانت العقبات والمؤامرات، لتعلن الاحتفال والابتهاج والفرح وتزين شوارعها كأنها حديقة ملونة تشد الناظر إليها وتعكس مكانة المصطفى في قلوب أبناء اليمن الذي كانوا أنصاره عندما جاء الإسلام وسيبقون كذلك بعد أن خذل الكثير هذا الدين ورسوله لهثاً وراء الغرب وتفاهاته.
يحتفل اليمني بميلاد المصطفى بيد ويمسك سلاحه دفاعاً عن البلد باليد الأُخرى ليعلم العالم أن الشعب الذي لا يتخلى عن ذكرى نبيه، وفي أحلك الظروف لا يمكن كسره ولا يمكن مساومته على كرامته ودينه وأرضه.
احتفلي يا دولَ الخليج بالكريسماس واستضيفي الفنانين والفنانات وأقيمي لهم الحفلات فهذه حقيقتكم وهذا مستواكم، ونحن نعرف أنكم لن تحتفلوا بميلاد المصطفى فهذا شرف ولا ينال الشرف العظيم هذا إلا الصادقون مع الله والرسول قولاً وفعلاً وهذا ما تثبته الأيّام كُـلّ يوم.
شوارع صنعاء مضاءةٌ بالأخضر والمنازل وحتى السيارات كلها أنارت والأهازيج تهز المكان والصلوات ترفع والرجال يتسابقون على الشهادة في الجبهات والزحف للتحرير لا يتوقف والشعب لا يكل ولا يستسلم، فكيف بالله تكسرون شعباً يفعل كُـلّ هذا في نفس اللحظة وتحت عدوان عالمي ومؤامرات دولية وحصار غاشم ومحاولة تركيع مُستمرّة ليحتفل ويقاتل ويحرّر في وقت واحد.
لا يليق بصنعاء إلا هكذا ولا يمكن أن تكون إلا السباقة لكل مجد وفخر وعزة وقبلة للأحرار والرجال وأنصار المصطفى الذين تركوا الدنيا خلفهم وحملوا على عاتقهم رفع راية الإسلام وتحرير الوطن من احتلال عربان الخليج ومن خلفهم الغرب المعادي للإسلام ورسوله.
مرحبًا بذكرى ميلاد المصطفى وأهلًا به من رسول أنار الكون وأضاء العالم، مرحباً بك يا رسول الله بيننا في صنعاء المصطفى فلا زلنا على العهد يا حبيبنا ما هنّا ما تنازلنا ما ساومنا ما تراجعنا ما خذلناك ولا خذلنا دينك وسنبقى كذلك رجالك وسهامك وأنصارك ولو كلفنا ذلك حياتنا.