عشَّاقُ محمد
يحيى المحطوري
بالملايين، خرج اليمنيون بالأمس، احتفالًا بذكرى المولد النبوي الشريف، وصوت هُتافاتهم دوَّى في أسماع العالم مجلجلًا هادرًا: لبيك يا رسول الله.
هذه الحشودُ الاستثنائيةُ تؤكّـدُ من جديدٍ حقيقةَ الارتباط الوثيق بين جماهير الشعب اليمني وبين رسول الله الخاتم محمد وبين رسالته الإسلامية الخالدة.
كما لم يحدث من قبلُ، شهدت هذه الفعالياتُ من مظاهر البهجة والفرح والحشود المليونية التي لم يسبق أن شهدتها أيَّةُ فعالية أُخرى في الساحة اليمنية وعلى مدى عشرة أعوام من عمر الثورة، بما يمثل شاهدًا على تميُّزِ المجتمع اليمني في ولائه وتقديسِه وتوقيره لرمز الوحدة الإسلامية الخالد محمد صلواتُ الله عليه وعلى آله الأطهار.
ولهذا المشهد التاريخي دلالاتُه الكبيرةُ والمتعددةُ، ومنها:
أَوَّلًا: عظمةُ ومتانةُ الصِّلات الوثيقة بين قيادة اليمن الثورية وبين جماهير الشعب التي تدفقت كالأمواجِ المتلاطمة الهادرة؛ استجابةً لدعوة السيد القائد عبدالملك الحوثي.. في مطلع شهر ربيع الأول.
ثانيًا: انسجامُ الموقف الرسمي والشعبي في اليمن وتلاحمُهما الذي أَدَّى إلى هذا الزخمِ الهائل في الفعاليات والأنشطة التحضيرية، وفي الحشود غير المسبوقة في ساحات الاحتفال.
ثالثًا: الأداءُ المتقدِّمُ والمبهِرُ للجان التحشيد والتنظيم، حَيثُ بدا واضحًا القدرةُ الهائلةُ في استيعاب تدفُّقِ الجماهير وتنظيمها وتوزيعها في مختلفِ الساحات التي تدفَّقت فيها المجاميعُ البشرية كالطوفان الذي يصعُبُ على أَيَّةِ إعدادات مسبقة استيعابُه وترتيبُه.
رابعًا: الارتقاءُ الواضحُ في أداء الجهات الأمنية التي عملت منذ أَيَّـام على تأمين المناسبة، وأحبطت الكثيرَ من التهديدات مبكرًا، وأفشلت العديدَ من المحاولات الخائبة لقوى العدوان في اختراقِ السَّدِّ الأمني المنيع الذي حافَظَ على كُـلِّ الحشود المليونية التي احتفلت في هذا اليوم المبارك.
خامسًا: فشلُ كُـلِّ محاولات الأعداء في حصار اليمن جيشًا وشعبًا، حَيثُ حطّمت هذه الفعالياتُ الكبيرةُ أحلامَ الغزاة بهزيمة هذا الشعب أَو بإمْكَانية قدرتِها على التأثير عليه بكل أساليب القهر والاستضعاف والعدوان والحصار.
سادسًا: قوةُ وصلابةُ الغِطاءِ الشعبي الصامد لقواتِ الجيش واللجان الشعبيّة المتزامن مع انتصاراتها الأخيرة في معركة التحرير المُستمرّة للمناطق المحتلّة، بما يُحْــرِجُ كُـلَّ الأطراف الإقليمية والدولية التي لا تتعامَلُ معها كشرعيةٍ ممثلةٍ لجماهير الشعب اليمني.
سابعًا: ارتفاعُ مستوى وعي الشعب اليمني مقارنةً بالشعوب الأُخرى، في معرفته لطبيعة الصراع مع أعدائه، وفي عودته للإسلام العظيم كحَلٍّ فريدٍ في مواجهة التحديات، وإلى محمد صلوات الله عليه وعلى آله، أسوةً وقُدوة ورمزًا وقائدًا، وارتباط هذا الشعب بمواقفه، وتجسيده لأخلاقه ومبادئه وقيمه في ميادين العمل المختلفة لمواجهة العدوان والحصار والتي أثمرت نجاحاتٍ كبيرةً خارقةً للعادة أذهلت العدوَّ والصديق، والفضل لله أولًا وأخيرًا.
وفي الختام.. تتوَّجت الفعالياتُ بالأداء الإعلامي الرائع الذي واكبها في كُـلِّ الساحات، وكان عينَ العالم على هذه الصورة البهية وأُذُنَه التي سمع بها صوتَ الشعب اليمني المدوي الهادر، فالشكرُ موصولٌ لكل القنوات الإعلامية التي غطت الفعاليات وعملت جنبًا إلى جنب مع كُـلِّ اللجان التحضيرية والتنظيمية منذ مطلع هذا الشهر.
لَٰكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأموالهِمْ وَأنفسهِمْ، وَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ، وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.