المولدُ النبوي في اليمن رسالةٌ حضارية
د. تقية فضائل
ليس من المبالَغةِ القولُ إن التجمهُرَ العظيمَ للشعب اليمني في مولد الرسول الأعظم -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- الذي يفوقُ كُـلَّ التجمهرات في شتى بقاعِ الأرضِ هو رسالةٌ حضاريةٌ راقيةٌ جِـدًّا للعالم بأسره رسالةٌ مرتبطةٌ بمحمد بن عبدالله وَبمشروعه الإلهي ومرتبطةٌ بالأمة واستقلالها وعزتها ومكانتها.
رسالةٌ مفادُها أن محمدًا هو رمزٌ مقدَّسٌ لمليار ونصف مليار مسلم في الأرض يحتلُّ أفئدتَهم وعقولَهم، ويتجذَّرُ في كيانهم الوجودي والحضاري، ومهما حاولتم إيجادَ بدائلَ عنه واجتهدتم في ذلك فأنتم الخاسرون حَقًّا؛ لأَنَّه -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- جزءٌ من ذواتهم وهُــوِيَّتهم، وَإن حاولتم فصلَهم عنه بألاعيبكم فأنتم الواهمون؛ لأَنَّهم يدركون أنه أَسَاسٌ من أسس وجودهم، وَإن حاولتم تصويرَه بغيرِ صورته الحقيقية فأنتم الفاشلون؛ لأَنَّه الصورةُ المُثلى في وجدانهم التي يرى كُـلٌّ منهم أن بلوغَه بعضًا منها مكرمةٌ عظيمةٌ يَمُنُّ اللهُ بها عليه.
الرسالةُ الحضاريةُ تقولُ: إن محمدًا عاد ليسكُنَ اليمنَ وينتصرَ بأهلها مجدّدًا ليحميَ أمتَه التي حرص أعداؤها ويحرصون على إماتتها والقضاءِ على الدور الرباني المناط بها، وهو ‘الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله’، هذه الأُمَّــة التي يسعى أعداؤها والمفسدون في الأرض جاهدين لجرفِها بأساليبَ شيطانية ترغيبية وترهيبية، كما جُرف غيرُها من الأمم.
رسالةُ طوفان المولد النبوي في اليمن تجرِفُ بمياهه النقية كُـلَّ تلك المحاوﻻت الدنيئة وكل ما حقّقته من قبلُ؛ لأَنَّها مياهٌ هادرةٌ تمثل إرادَة الشعب اليمني للتطهر من كُـلّ رجس أحدثه الظالمون، ببركة محمد بن عبدالله وآله.
رسالةُ المولد النبوي الشريف تهُـــزُّ العالَمَ من شرقه إلى غربه لتقول لهم: إن الإسلامَ سيعودُ حتمًا كما بدأ بنُصرةِ أهل اليمن لله ورسولِه والمستضعَفين في الأرض.