حشودُ تعز بالمولد تسقِطُ رهاناتِ العدوان
د. مهيوب الحسام
إنها تعز بما تمثِّلُه من موقع جيواستراتيجي هام في اليمن وكتلة ديمغرافية كبيرة عُرفت بأدوارها الوطنية عبر التاريخ وبتسامح ومحبة، فكانت أولَ مَن يتصدر التصدي لكل عدوان وغزو واحتلال لليمن وليس آخرها دورها الكبير والفاعل في مواجهة وطرد الاستعمار البريطاني من جنوب الوطن بحضورها ومشاركتها في ثورة الـ 14 من أُكتوبر 1963م والذي لم ينسَه لها الاحتلالُ البريطاني ومن سبقه، وهو ما جعل استهدافها أمرًا حتميًّا.
الاحتلالُ البريطاني لم يغفر لها دورَها في هزيمته وطرده، فعمل على استهدافها من خلال عملائه وصنيعته جماعة الإخواوهَّـابية التي استهدفت أبناء تعز في وعيهم الديني والوطني وهُــوِيَّتهم وانتمائهم بما حملته من أفكار مضللة وثقافة منحرفة لإبعادهم عن وطنيتهم وثقافتهم وهُــوِيَّتهم المرتبطة بنبيهم ونهجه ورسالته وقيمه وأخلاقه محاولة بذلك طمس الهُــوِيَّة ومحو الذاكرة ثم تفتيت نسيجها الاجتماعي… إلخ.
إن استهدافَ الاحتلال البريطاني لتعز هو لضمانةِ إبعادها عن أية مواجهة قادمة بل وتجنيده أبنائها لتحقيق مصالحه وتنفيذ مشاريعه بالعمل ضد وطنهم وشعبهم ليواصل الأمريكي ذلك الدورَ ويرعاه من خلال تنفيذ مشروع النقطة الرابعة في تعز عام 1959م ونشره من تعز لبقية المحافظات اليمنية ساعده في ذلك كياناته التي صنعها في المنطقة ونظامه الوَصائي في الداخل ومن خلال المدارس والمعاهد العلمية والمعلمين والجامعات الخَاصَّة ومناهِجها الصهيواستعمارية ليراهن الاستعمار على جماعاته في اليمن ككل وبالذات في تعز رهان الواثق.
حين أعلن العدوُّ عدوانَه على الشعب اليمني كان مراهِنًا رهانًا كَبيراً على تعز وكتلتها الديمغرافية بأنها ستكون معه وإلى جانبه في حسم معركة غزو واحتلال اليمن وقد تحقّق له بعض ما أراد بداية العدوان من خلال جماعته الإخواوهَّـابية في كُـلّ أنحاء اليمن والتي اتخذت من تعز مركَزًا لخيانة الشعب اليمني ولكن مع مرور الوقت بدأت رهاناته تتضاءل شيئاً فشيئاً ولولا خيانة عفاش منذ بداية العدوان ما تحقّق للعدوان شيء في تعز رغم كُـلّ ما أعد ونتذكر تلك الحشود من أبناء تعز التي كانت تخرج مؤيدةً لأنصار الله قبل العدوان.
ورغم سيطرة الجماعة ومشتركها اليسار على تعز وتجنيدها لأتباعها وأصحاب الحاجة للمال والمغرَّر بهم، ورغم وجود تقصير في التوجّـه لإخراج الكثير من أبناء المديريات الحُرَّة عن مربع الحياد، فقد كان للأحرار الشرفاء الثوار من أبناء تعز حضورُهم الوطني الفاعل سواء في جبهات العزة والشرف في مواجهة العدوان وفي المناسبات الوطنية والدينية، وما الحشود الكبيرة والمهيبة التي حضرت في ذكرى المولد النبوي الشريف 1443ه والتي أرهبت وأرعبت العدوان ومرتزِقته وهي كفيلة بإسقاط كُـلّ رهاناته على تعز وأبناء تعز.
إن تلك الحشود الجماهيرية من أبناء تعز التي حضرت للاحتفاء بمولد نبيها -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- جاءت عائدةً إلى الله وحباً وإيماناً وارتباطاً بنبيها ورسالتِه بعيدًا عن المذهبية والطائفية والمناطقية، وهذا هدمٌ لتلك الأفكار الضلالية ووأدٌ لكل تلك الحروب التكفيرية التي شنها الاحتلال، بجماعاته الإخواوهَّـابية عليهم لعشرات السنين.