بالمعلومات واعترافات فصائل المرتزقة المتصارعة.. تنسيق استخباري منظّم بين دول العدوان والعناصر التكفيرية
تهريب تكفيريين عبر عدة محافظات وإلحاقهم بشكل مباشر ضمن ألوية المرتزقة العسكرية
غرفة عمليات تجمع عناصر القاعدة ودول العدوان ومرتزقتها لتبادل المعلومات وتقاسم المهام العدائية
صفقات ميدانية بين التكفيريين وتحالف العدوان وتنسيق مشترك لتنفيذ العمليات الإجرامية
المسيرة: خاص
يستمرُّ تحالُفُ العدوان الأمريكي السعوديّ ومساندوه الدوليون في إعلان العلاقة الصريحة بتنظيمَي القاعدة و”داعش”، واستخدام التكفيريين كأدَاة أَسَاسية في شن العمليات العدائية ضد الشعب اليمني، وتجنيدهم للقتال ضد أبطال الجيش واللجان الشعبيّة في عدد من الجبهات، لا سيما مأرب وباقي الجبهات الشرقية، بعد استخدامهم واعترافهم بالقتال جنباً إلى جنب في عدنَ والبيضاء وشبوة، ومع مواصلة أبطال الجيش واللجان تقدمهم صوب آخر أوكار العناصر التكفيرية في مأرب، يتزايد الضجيج الدولي ابتداءً من مجلس الأمن، مُرورًا بالأمم المتحدة والمجتمع الدولي، وُصُـولاً إلى دول تحالف العدوان، وهو ما يزيد حقيقة الاصطفاف التكفيري السعوديّ الأمريكي انكشافاً ووضوحاً.
وبعد نشر جهاز الأمن والمخابرات في عدة تقاريرَ سابقة للمعلومات المتعلقة بتجنيد تحالف العدوان للعناصر التكفيرية التابعة لما يسمى تنظيم “القاعدة”، واعتراف عناصر الأخير في عدة مقاطعَ مرئية وانتشار وثائقَ ومراسلات، أظهرت حجمَ الارتباط الوثيق بين التكفيريين وتحالف العدوان، كانت صحيفة “المسيرة” قد نشرت، الأسبوع الماضي، تقريراً مفصلاً أظهر التنسيقَ العسكري بين الإجراميين وتحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي، بناءً على معلومات ووثائق واعترافات ومراسلات، ومصادرَ خَاصَّة، جميعها أظهرت قيام دول العدوان بتشكيل ألوية قتالية تكفيرية وتعيين قيادات إجرامية -مدرجة في قائمة “الإرهاب الأمريكية– على رأس تشكيلات عسكرية ومنحها الرتب والمناصب بكل أشكالها، والعديد من المظاهر التي أكّـدت وقوف مقاتلي “القاعدة وداعش” إلى صف تحالف العدوان في مختلف جبهات القتال شمالاً وجنوباً.
وفي هذا التقرير، تستعرضُ صحيفة “المسيرة” جُملةً من مظاهر التنسيق الاستخباري بين التكفيريين وتحالف العدوان، بناءً على المعلومات الخَاصَّة والوثائق والمصادر الميدانية المطلعة، في حين يعتبر التنسيق الاستخباري بين الطرفين أحد أوجه الارتباط الوثيق بينهما وتنفيذهما لذات الأجندة، في المقابل هناك عدة جوانبَ للعلاقة تمتد إلى الجانب الأمني واللوجستي والثقافي والتعبوي وغيرها، بما يخدم مصالح الولايات المتحدة الأمريكية –المنبع الأول للإجرام– ومخطّطاتها في عدد من البلدان، من بينها اليمن.
مظاهر التنسيق الاستخباري:
عملت دول العدوان على اليمن ومرتزِقتها على التنسيق المُستمرّ مع تنظيم القاعدة في المجال الاستخباري بشكل كبير، ومن أبرز عمليات التنسيق في هذا المجال الاستقطاب والتجنيد، حَيثُ تفيد المعلومات التي حصلت عليها الصحيفة بأن تحالف العدوان يقوم بالتنسيق عبر عناصرَ محسوبة على مرتزِقته المتواجدين في محافظة مأرب مع بعض قيادات تنظيم القاعدة للقيام بعمليات استقطاب وتجنيد للكثير من العناصر التي تنتمي للتنظيم للعمل لصالح دول العدوان، سواء في أماكن تواجدهم في المحافظات التي تديرها سلطة المجلس السياسي الأعلى، مستغلين خبراتِهم السابقةَ في الجوانب العسكرية، أَو من خلال سفرهم إلى محافظة مأرب ومن ثَمَّ ضَمُّهم في كشوفات التجنيد التابعة للألوية والمعسكرات التابعة لمرتزِقة العدوان أَو تلك الواقعة داخل أراضي دولة العدوان السعوديّة للزج بهم في جبهات الحدود، علماً بأن هناك جبهة خَاصَّةً سبق وأن سُلمت لعناصر تنظيم القاعدة وهي جبهة علب شمال الجوف.
فيما يأتي التهريبُ ثاني مظهر من مظاهر التنسيق الاستخباري بين العدوان والتكفيريين، حَيثُ تؤكّـد المعلومات أن تنظيم القاعدة يقوم بالمساهمة في تهريب عناصر مقاتلة تريد الالتحاق بالمعسكرات والتشكيلات التابعة لمرتزِقة العدوان، حَيثُ تقوم عناصر من القاعدة باستقبالهم في مناطقَ متعددة ومن ثم أخذهم إلى أيٍّ من المساجد وإلقاء خطب مطولة عليهم عن “الجهاد”، وبعدها يتم فرزهم وإرسالهم بحسب الجهات التي ينتمون إليها، حَيثُ يتم إرسال عناصر كُـلّ فصيل إلى منطقة القتال التي يتواجد فيها هذا الفصيل، وفيما يتعلق بالمحسوبين على التيار الوهَّـابي “السلفيين المتشدّدين” أَو تنظيم القاعدة تؤكّـد المعلومات أنه يتم إرسالهم إلى معسكرات خَاصَّة في السعوديّة ومن ثم نقلهم للقتال في الجبهات الشرقية كونها خَاصَّة بعناصر تنظيم القاعدة والسلفيين المتشدّدين.
وفي السياق، تؤكّـد مصادر استخبارية أن عناصرَ من حزب “الإصلاح” وعناصرَ أُخرى من مرتزِقة العدوان كانت تقوم بتهريب السلاح والمعدات العسكرية التي يحتاجها تنظيم القاعدة من محافظة مأرب أَو أيٍّ من المحافظات الجنوبية إلى محافظة البيضاء، منها ما قام به المدعو عبد الفتاح الحسيني (أبو صالح الحسيني وهو من عناصر “الإصلاح” ومن أبرز المهربين بمحافظة مأرب) بتهريب أسلحة بمختلف أنواعها وكذا عناصر تابعة للتنظيم إلى محافظة البيضاء قبل تحريرها، فيما يستمر ذات الدور في محافظات أُخرى ما تزال تحتضنُ التكفيريين بغطاء ودعم أمريكي سعوديّ!.
أما بالنسبة لمجال تبادُلِ المعلومات، تؤكّـد مصادرُ خَاصَّةٌ لصحيفة “المسيرة” أن هناك عمليات تبادل للمعلومات بين تنظيم القاعدة وبين مرتزِقة العدوان، حَيثُ يقومُ تنظيمُ القاعدة بتمرير أية معلومات يحصل عليها إليهم، خَاصَّةً إحداثيات مواقع الجيش واللجان الشعبيّة؛ وذلك لاستهدافها بالطيران، وتضيف المصادر: “وإن كانت المعلومات تهم دول العدوان يتم تمريرها أَيْـضاً عبر قيادات مرتزِقة العدوان، وإن كانت لدى العدوان ومرتزِقته معلومات تهم القاعدة فَـإنَّه يتم تمريرها إليهم خَاصَّة إذَا كانت عن قوات الجيش واللجان الشعبيّة وتحَرّكاتها، وكذا عمليات الرصد التي تتم ضد قوات الجيش واللجان الشعبيّة”.
صفقاتٌ ثنائية بين “القاعدة” ودول العدوان:
وعلى غرار السعوديّة، عقدت دولةُ العدوان الإمارات العديدَ من الصفقات مع تنظيم القاعدة أبرزها (الانسحاب من المكلا، الانسحاب من وادي حضرموت، الانسحاب من الصعيد بمحافظة شبوةَ، الانسحاب من مناطق بمحافظة أبين، الانسحاب من محافظة لحج، الانسحاب من محافظة عدن)، وجميع هذه الصفقات أطلقت عليها دولة العدوان الإمارات مسميات مزعومة توحي أنها تندرجُ في إطار ما تسمى “عمليات مكافحة الإرهاب” وصبغتها بالإشراف الأمريكي.
وَبحسب المصادر، كان يتم الاتّفاقُ بين الاحتلال الإماراتي والتكفيرين على قيام عناصر تنظيم القاعدة بالانسحاب مقابل السماح لهم بأخذ الأسلحة والأموال التي سيطروا عليها أَو نهبوها وأن لا تتم ملاحقتهم، بالإضافة إلى ضم مجموعة من تلك العناصر إلى صفوف ما تسمى قوات الحزام الأمني الموالي للإمارات وضمهم إلى كشوف ألوية عسكرية تابعة لدول العدوان ومرتزِقتها.
وتشير معلوماتٌ مؤكَّـدةٌ أن المدعو صالح بن فريد العولقي (أحد مشايخ الصعيد بمحافظة شبوة) تمكّن مع آخرين من التفاوض مع عناصر من تنظيم القاعدة لإعلان الانشقاق عن التنظيم مقابل ضمهم على ما تسمى قوات “الحزام الأمني”، ورغم نفي العولقي عقد أي اتّفاق بين الإمارات والقاعدة إلا أن ما تم رصدُه من تحَرّكات يؤكّـد صحة الاتّفاق المشار إليه.
التنسيقُ لتنفيذ العمليات الإجرامية:
قامت عناصر تنظيم القاعدة بتنفيذ عمليات شبه يومية لاستهداف الجيش والأمن واللجان الشعبيّة وبالتحديد في محافظة البيضاء، علماً بأن بعض هذه العناصر التي كانت تنفذ العمليات على سبيل المثال تعتبر ضمن ما يسمى “مقاومة الحازمية” والتي كانت تقاتل في جبهة الصومعة قبل تحريرها وتتلقى الدعمَ من تحالف العدوان على اليمن ومرتزِقته على أنهم مقاومة وليسوا عناصر تابعة للتنظيم.
وتؤكّـد المعلومات التي حصلت عليها الصحيفة، أن حزب “الإصلاح” قام بالتنسيق مع تنظيم القاعدة للاستفادة من خبرات التنظيم عبر إشراكه في تدريب عناصرَ “أمنية” من الحزب تتبع ما يسمى (العمل الخاص)، على تنفيذ عمليات إجرامية مثل التي يقوم بها تنظيم القاعدة، حَيثُ عمد “الإصلاحيون” إلى جمع عناصرَ له من مختلف المحافظات إلى معسكر اللبنات بمحافظة الجوف، وقد شارك عدد من قيادات تنظيم القاعدة على رأسهم المدعو الصريع صدام المذحجي (شامل الصنعاني وكان آنذاك أمير ولاية صنعاء) في تدريب تلك العناصر على مجالات عدة، أهمها (تشريك وتفجير العبوات الناسفة -الاغتيالات)، وقد تم القبضُ على عناصر هذه الخلية في العاصمة صنعاء بعد أن قامت بتنفيذ العديد من العمليات الإجرامية (اغتيالات -تفجيرات)، بالإضافة إلى ذلك تؤكّـد المعلومات قيام المدعو علي محمد القوسي (سبق أن تم تعيينُه من قبل المرتزِقة محافظاً لمحافظة ذمار)، بالتنسيق مع المدعو محسن محمد علي القادري (أمير ولاية ذمار ومن العائدين من أفغانستان) للقيام بعمليات إجرامية وتخريبية بمحافظة ذمار تستهدف قوات الجيش واللجان الشعبيّة والرافضين للعدوان، وتقديم الدعم له للقيام بذلك.
وعلى إثر ارتفاع حدة التباينات والاقتتال بين فصائل مرتزِقة العدوان الموالية للاحتلال الإماراتي، وفصائل المرتزِقة الموالية للاحتلال السعوديّ، انعكس ذلك بشكل أكبر على تنفيذ العمليات الإجرامية في المناطق المحتلّة وعلى وجه الخصوص في محافظة عدن، بالإضافة إلى محافظتي أبين وشبوة، وأغلب هذه العمليات -إن لم تكن جميعها- عبارة عن أهداف للأطراف المتصارعة، ويقوم كُـلُّ طرف بتنفيذ عمليات ضد موالين للطرف الآخر، وكمثال وشاهد حي على ذلك يمكن الإشارة إلى نموذج من الاتّهامات المتبادلة بهذا الخصوص، حَيثُ تقوم الفصائل الموالية للإمارات بتوجيه الاتّهامات لحزب “الإصلاح” بالقيام بعمليات إجرامية واغتيالات ضد عناصر وقيادات من هذه الفصائل، وكذا الاتّهامات الموجهة من قبل “الإصلاحيين” للفصائل الموالية للإمارات بالقيام بعمليات إجرامية واغتيالات طالت خُطباءَ وأئمةَ مساجد تابعين للحزب، بالإضافة إلى بعض قيادات الحزب، ومن ذلك ما تم رصده في وسائل إعلام الطرفين، حَيثُ وجهت اتّهامات ضد “الإصلاح” بالقيام بـ”86″ عملية إجرامية ضد الفصائل الموالية للاحتلال الإماراتي منذ بدء العام 2018م، ومؤخّراً اتهمت قيادات ما يسمى “الانتقالي” حزب “الإصلاح” باغتيال كوادر “جنوبية” أمثال (بن علي جابر ورفاقه في حضرموت -طلال عريق في شبوة – الإعلامي والمصور نبيل القعيطي في عدن) وجاء ذلك على لسان قيادات “الانتقالي” ومنهم المرتزِق التكفيري هاني بن بريك والمرتزِق أحمد عمر بن فريد العولقي.
وفي مقابل ذلك وجهت الاتّهامات ضد الفصائل الموالية للاحتلال الإماراتي، بتنفيذ “102” عملية إجرامية منذ بدء العام 2018م، وحوالي”30″ عملية اغتيال خطيب وأمام مسجد محسوبَين على حزب “الإصلاح”، وذلك منذ بداية العام 2017م وحتى منتصف شهر أُكتوبر من العام 2018م، وقد نشرت العديد من وسائل الإعلام التابعة للإصلاح كصحيفة “أخبار اليوم” وكذا الإعلامي المرتزِق محمد الضبياني، اتّهامات للمرتزِق التكفيري هاني بن بريك بتنفيذ عشرات الاغتيالات التي طالت خطباء وشخصيات دينية محسوبين على “الإصلاح” والوهَّـابيين “السلفيين المتشدّدين”، وقد تم تسريب وثائق وكشف تفاصيل عن هذه العمليات وفق اعترافات المتهمين.
ومع كُـلّ ذلك، يتأكّـد للجميع أن دول العدوان وعناصر القاعدة تجمعهم علاقةٌ متينة ومتعددة الأشكال، وما التنسيق الاستخباري المشترك بين الطرفين إلا أحد جوانب تلك العلاقة التي كانت دول العدوان تخفيها قبل سنوات، وأظهرتها الحرب العدوانية على اليمن، كاشفةً بذلك –بشكل أوضح وأكبر– القِناعَ الأمريكي الزائف، الذي كان يدّعي قيامَ واشطن بـ”محاربة الإرهاب” عكس الحقيقة الناصعة التي باتت واضحةً أكثرَ من أي وقت مضى، والتي تؤكّـد أن أمريكا وأدواتها في المنطقة رُعاةٌ للتنظيمات الإجرامية التي تعتبر الذريعةَ الأكبرَ لقيام واشنطن باحتلال أي بلد تتواجد فيه تلك العناصر، غير أن العدوان على اليمن وما قابله من صمود وعزم كان كفيلاً بإسقاط كُـلِّ عناوين أمريكا وأوراقها الخفية، التي انفضحت مؤخّراً، وما تزال تزدادُ انفضاحاً.