“ربيع النصر” يقلب الطاولة على العدوان الأمريكي السعوديّ.. قلاع المرتزقة تتهاوى بمأرب
تحولات مفصلية غير مسبوقة في مسار المواجهة
المسيرة| أيمن قائد
يتكِئُ المرتزِقةُ والتنظيماتُ الإجرامية التكفيرية في مأربَ على جدارٍ هَــشٍّ، ويعيشون هذه الأيّام آخرَ فصول سطوتهم في محافظة مأرب، التي كانت تشكل لهم الرئةَ التي يتنفسون منها منذ عام 2011، في حين يواصلُ أبطالُ الجيش واللجان الشعبيّة المضيَّ في تحرير كافة الأراضي الواقعة تحت الاحتلال وتطهيرها من فيروسات العدوان وجراثيم الخيانة الذين يقاتلون في صفوف الأجنبي.
وبالتوازي مع احتفالات اليمنيين بالمولد النبوي الشريف، أعلنت القوات المسلحة عن عملية “ربيع النصر”، لتزيدَ من فرحة اليمنيين المكلومين جراء عدوان وحصار غاشم مُستمرّ للعام السابع على التوالي، ولتعطي بشائر بأن النصر يلوح في الأفق، وأن أودية وجبال وصحراء مأرب تشتاق لمعانقة أبطال الجيش واللجان الشعبيّة واستنشاق عبير الحرية، كما هو بقية المحافظات اليمنية الحرة.
وتعد هذه العملية من أكبر العمليات لقواتنا المسلحة، حَيثُ بلغ إجمالي الأراضي المحرّرة حوالي 3200 كيلومتر مربع في محافظتي مأرب وشبوة، وسط تأكيد على مواصلة التقدم نحو تحرير كافة المناطق المحتلّة حتى تحقيق الحرية والاستقلال.
وتتضمَّنُ هذه العمليةُ الكثيرَ من الدلالات والأبعاد العسكرية الاستراتيجية، حَيثُ صعقت الإدارة الأمريكية وقلبت الطاولة عليها، وأربكت قوات العدوّ والمرتزِقة وأثقلت كاهلهم.
ويرى خبراء عسكريون أن قوات الجيش واللجان الشعبيّة مقبلة على مرحلة “الفصل الأخير” وهي قطع آخر أوردة العدوان ومرتزِقته في محافظة مأرب ضمن معركة التحرّر الشامل، معتبرين تطهير مديريتي “العبدية” وَ”حريب” في عملية “ربيع النصر” بوابة النصر الكبير.
ويقول المحلل العسكري زين العابدين عثمان: إن العملية العسكرية الكبرى “ربيع النصر” التي نفذها مجاهدو الجيش واللجان في محافظتي شبوة ومأرب يبدو من خلال معطياتها أنها واحدة من أضخم العمليات الهجومية التي نُفذت منذ بداية العدوان على اليمن، والأكبر من حَيثُ تحقيقها للنتائج العملياتية التي يتجاوز شعاعها كُـلّ العمليات السابقة وكل الحسابات العسكرية التي كان يفترضها العدوان، موضحًا أنه تم خلال هذه العملية تحرير 5 مديريات كاملة (بمساحة تزيد عن 3200 كم مربع أي ثلاثة أضعاف مساحة البحرين)، وَفي عمق أهم محافظتين يمنيتين هما مأرب وشبوة التي يركز العدوان ثلثي ثقله العسكري فيهما، وَكان فيها مناطق تعتبر “ولايات” مغلقة لتنظيم القاعدة وداعش والجماعات الإجرامية.
ويشير عُثمانُ إلى أن العمليةَ العسكريةَ تحملُ تحولاتٍ مفصليةً غيرَ مسبوقة في مسار المعركة، فهي من جهة أخذت الأوضاع بشكل دراماتيكي باتّجاه خارطة اشتباك جديدة خُصُوصاً في شبوة، ونحو مرحلة حاسمة في تطهير ما تبقى من جبهات مأرب، مُضيفاً أن الأخيرة أصبحت فيها المعركة بعد هذه العملية في مرحلة حاسمة فقد حرّرت أهم وأكبر المديريات بمأرب وهما “حريب والعبدية” التي كانت يسيطر عليهما مرتزِقة العدوان وَالتي كانت تعد الرئة الوحيدة المتبقية لتنظيم القاعدة وداعش والجماعات التكفيرية، وَأَيْـضاً كونها تحكم المنطقة الجنوبية التي تعد البوابة الجنوبية للمدينة.
ويوضح عثمان أن هذا التحرير يمثل قفزة استراتيجية مهمة أولاً حقّقت لمجاهدي الجيش واللجان إحكام السيطرة على هذه المنطقة، وهي الأكثر أهميّةً وحساسيةً في تحديد مسار المعركة، وَثانياً أنها قضت على آخر قلاع حصينة كان يتمركز عليها تنظيم القاعدة والتكفيريان والتي حرصت قوى العدوان على رأسها أمريكا على دعهَا وإسنادها لتكون متجذرة ومتحصنة، وَتكون خطاً دفاعياً صلباً أمام قوات الجيش واللجان لاستنزافهم ومنعهم من تحقيق أي تقدم أَو حسم نهائي للمعركة.
ويشير عثمان إلى الإسناد والدعم لهذه التنظيمات سواء على مستوى السلاح، أَو التغطية الجوية التي وصلت لآلاف الغارات والتي أدارتها أمريكا بشكل مباشر، مؤكّـداً أن ما حقّقته قواتنا قد قلب الطاولة على رأس تحالف العدوان وعلى رأس الإدارة الأمريكية بالدرجة الأولى، وقد تجاوزت كُـلّ الخطوط الحمراء التي رسمتها إدارة بايدن للحفاظ على أجندَتِها ومشاريعها ثابتة لنهب الثروات النفطية من مأرب كما تفعل في سوريا والعراق، منوِّهًا أننا مقبلون على مرحلة ربما هي الفصل الأخير من معركة التحرير في مأرب وقطع آخر أوردة العدوان ومرتزِقته من آخر الجبهات والأيّام القادمة ستشهد بذلك بإذن الله تعالى.
إفشال مخطّطات
من جهته، يوضح المحلل والناشط السياسي خالد العراسي أن المكاسب التي حقّقتها عملية “ربيع النصر” كثيرة وكبيرة، وأهمها أنه تم قطع خط الإمدَاد للمرتزِقة في مأرب، وبذلك يكون قد اكتمل الطوق على مأرب من كُـلّ الجهات باستثناء المنفذ المتبقي الوحيد وهو منفذ العبر والذي تركه الأنصار كما يتركون في كُـلّ معاركهم منفذاً للهروب تنفيذاً لتوجيهات السيد القائد -حفظه الله- مُشيراً إلى أن هذه تعتبر من الأخلاق والتعاليم التي حثنا عليها إسلامنا الحنيف والقواعد الدينية الخَاصَّة بالحروب.
ويضيف العراسي في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن من ضمن مكاسب عملية “ربيع النصر” إفشالُ خطة تحالف العدوان الرامية إلى تقسيم اليمن إلى عدة أقاليم، وكان مرسوماً أن يتم بعدَ إنهاك جميع الأطراف فيه، ولهذا فَـإنَّ تحرير ثلاث مديريات في شبوة وهي من المحافظات الجنوبية يعتبر مؤشراً على تمسكنا بالوحدة وبأننا عازمون على تحرير كُـلّ بقاع ومناطق اليمن ولن نرضى ببقاء الاحتلال في أي شبر من أرضنا.
أما عن تأثيرات هذه العملية وانعكاساتها على العدوان الأمريكي البريطاني، يشير العراسي إلى أن ذلك قد ظهر جليًّا من خلال التواجد المباشر للقوات الأمريكية في حضرموت والبريطانية في المهرة، وذلك بعد فشل الأدوات فكان لا بد من ظهور الوكيل، لافتاً إلى ما قاله قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في بداية العدوان بأن السعوديّة والإمارات مُجَـرّد أدوات لتنفيذ أجندة أمريكية بريطانية صهيونية، وهذا فعلاً ما اتضح للجميع مع بروز الوكلاء وظهورهم بشكل علني، رغم أنهم مشاركون في العدوان منذ البداية، إلا أن الظهورَ اليوم بات على المكشوف، مؤكّـداً أن الأهداف التي أعلنها تحالف العدوان مُجَـرّد أهداف وهمية، وَالحقيقة أنه تحالف للشر والظلام العالمي وله أطماع استحواذية ونهبوية في اليمن.
ويوضح العراسي أن قوى العدوان وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا يسعون للسيطرة على أهم المواقع الاستراتيجية وعلى رأسها المنفذ المائي الأهم عالميًّا (باب المندب) ومفاتيح البحار السبع (سقطرى)، وأن أطماعهم تتمثل في نهب ثروات اليمن من النفط والغاز والذهب وغيرها.
ويرى العراسي أن انتصارَنا يعني أولاً انكساراً للقوى العالمية، وَسيكون بمثابة النموذج الذي سيحتذي به كُـلُّ مستضعفي العالم، وأنه سيوقف كُـلّ عمليات النهب والاستحواذ المُستمرّة في اليمن، وكذلك سيجعل من اليمن دولة ذات مكانة مرموقة اقتصاديًّا وسياسيًّا، لا سِـيَّـما في ظل وجود حكومة برنامجها النهوض والتنمية المستدامة والاكتفاء الذاتي والمواكبة، بينما لا يريد الغرب لنا إلَّا أن نبقى دولة مستهلكة وغير منتجة ونعتمد عليهم في كُـلّ احتياجاتنا.
ترحيبٌ واسع
بدوره، يقول الناشط السياسي حكيم عزان: إن عملية “ربيع النصر” نقلت حجم الأداء العسكري المتميز لمجاهدي الجيش واللجان الشعبيّة في ميدان المواجهة وتفننهم القتالي والنوعي، مُشيراً إلى حجم خسائر العدوان ومرتزِقته خلال هذه العملية وهزيمتهم الكبيرة مخلفين قتلى وجرحى وَمئات الآليات والمدرعات المدمَّرة، إلى جانب الغنائم التي اغتنمها أبطال الجيش واللجان المغاوير.
ويؤكّـد عزان أن ما بعد هذه العملية ليس كما قبلها وأن موازين القوى العسكرية الجديدة التي فرضها الجيش واللجان في عملية “ربيع النصر” مهدت عسكريًّا لحسم المعركة، وأن معركة مدينة مأرب باتت قابَ قوسَين.
ويشير عزان إلى استقبال وترحيب أبناء المديريات التي تم تحريرها بشبوة ومأرب بأبطال الجيش واللجان الشعبيّة بكل حفاوة وترحاب، موضحًا بأن ترحيبهم يعكس مدى رفضهم القاطع لكل أدوات العدوان وجراثيم الخيانة والارتزاق وأنها دلالة واضحة ومؤكّـدة بأن الخونة والعملاء منبوذون ولا يقبل بهم الأحرار.