اليمانيون بالمولد.. هيبةُ الحشود وتعدُّدُ الرسائل
سند الصيادي
لا تزالُ أصداءُ المشهد اليمني في ذكرى المولد النبوي حافلةً بالدلائل والآثار، فالموقفُ الذي احتفى به أحفادُ الأنصار بمولد نبيهم محمد صلوات الله عليه وَآله، كان استثنائيًّا وَعظيماً، لا يمكن أن تحتويَه مفرداتٌ أَو يختزلَه توصيفٌ، لقد كان بعثاً يمانيًّا من بين رُكامِ الحرب وَإعادة إحيَاء للحقيقة الغائبة وَالمفاهيم المغلوطة لدى أعداء الشعب اليمني وَخياراته.
وفي خروجِ الشعب اليمني بالملايين إلى الساحات التي امتلأت عن آخرها وَبدت ضيِّقةً رغم اتساعها، وتحديداً بهذه المناسبة، ثمة رسائلُ متعددةٌ وَمتشعبةٌ في أشكالها وَمقاصدها، يصعُبُ على الكاتبِ احتواءُ وحصرُ عناوينها وآثارُها وَدلائلها الجامعة والكاملة، على المستوى الديني وَالسياسي وَالثقافي وَالاجتماعي، وكذلك على المستوى الجبهوي وَالمعنوي المرتبط بالمواجهة لقوى العدوان، وكذلك معطيات الحرب التي تخوضُها اليمن ضد أكبر تحالف عسكري وإعلامي وَاقتصادي يمكن تجنيدُه وتحشيدُه في الحروب المعاصرة.
لقد انتصر الشعبُ اليمني لله والرسول وللتاريخ والهُــوِيَّة، وَأرعب أعداءَه بذلك الخروج المهيب والمنتظِم والحضاري بعد سبع سنوات من الاستهداف، كما قلَبَ الطاولةَ على رؤوسهم، وَأحرق أوراقهم الزائفة، داحضاً بالصوت والصورة كُـلَّ أكاذيبهم التي حرصت على تصوير الحرب التي يشنونها على اليمن بكونها تحتَ غطاء شعبي، وبأنهم يواجهون مليشيا قليلة العدد، وها هو الشعبُ الذي يفترون عليه بكافةِ أطيافه ومناطقه حاضرٌ في الساحات، في الموقف المناهِض لهم الرافض لعدوانهم، متمسكاً بخيارات قيادته الثورية، ومنحازاً إلى جانبِ جيشِه ولجانه الشعبيّة، رافداً لها بالدعم البشري والمالي والمعنوي.
وبذلك الخروج المهيب، تغيَّرت قناعاتُ الرأي العام الإقليمي والدولي حيالَ المعركة وعناصرها، وَتكشَّفَ لهم تضاؤُلُ حجم الواقفين في صَفِّ قوى العدوان والعمالة، وَهذا بدوره كشف أسبابَ وَدوافع الصمود اليماني رغم المزاعم التي ظل يسوِّقُها العدوان ومرتزِقته عن حجمنا وَحجمهم.
وَمن حشود المولد النبوي وَخطاب القائد في الجمع، ثَمَّةَ بشائرُ ملموسةٌ يُصَدِّرُها المشهدُ الحاضرُ إلى المستقبل كعناوينَ لا تقبلُ التشكيكَ ولا الاحتمالاتِ، بأن الحسمَ بات قراراً نافذاً، والنصر حتمي، وَالصبح قريب.