وزير الكهرباء العليي في حوار لـ “المسيرة”: شكّلنا غرفة عمليات لتنفيذ عملية صيانة وترميم لخطوط نقل الكهرباء من مأرب إلى صنعاء
المسيرة – حاوره إبراهيم العنسي
أكّـد وزيرُ الكهرباء في حكومة الإنقاذ الوطني بصنعاء، أحمد العليي، أن العدوانَ الأمريكي السعوديّ دمّـر الكثيرَ من أبراج وأسلاك الكهرباء منذ وقت مبكر خلال السنوات الماضية، وأن هناك عزيمةً وإصراراً بعد تحرير مأرب على إيصال الكهرباء إلى صنعاء وبقية المناطق.
وقال الوزير العليي في حوار خاص لصحيفة “المسيرة: إن الوزارة تقدم خدمةً لا تقصد منها الربحَ مطلقاً، وأن لديها الكثيرَ من الخطط لإصلاح أسلاك وشبكة الكهرباء في صنعاء وبقية المناطق، لافتاً إلى أن قراره الذي أصدره مؤخّراً عن إلغاء رسوم الاشتراك لملاك المحطات التجارية الخَاصَّة لا رجعةَ عنه.
إلى نص الحوار:
– بداية معالي الوزير.. بعد صدور قرار إلغاء رسوم الاشتراك التي تفرضُها شركات التوليد الخَاصَّة على المواطن المستهلك لخدمات الكهرباء الخَاصَّة لم نلحظ استجابة.. لماذا يتجاهل ملاك محطات التوليد هذا القرار ولم ينفذوه؟
القرارُ الوزاري الذي قضى بإلغاء رسوم الاشتراك الشهري الذي يفرضُه مُلَّاكُ المولدات التجارية على المستهلك ساري المفعول وغير صحيح أنهم تجاهلوه، فالقرار حَدَّدَ التنفيذَ بـ 15 من أُكتوبر وتم التعميم لكافة ملاك محطات التوليد، وهناك متابعة منا ومن كافة مناطق الكهرباء في المحافظات، ومن المبكر القول إن هناك تجاهلاً، أَو امتناعاً عن تنفيذ القرار فالبعض يصدر فواتير الاستهلاك كُـلّ نصف شهر وهؤلاء فواتيرهم ستصدر نهاية شهر أُكتوبر، والبعض الآخر كُـلّ عشرة أَيَّـام، ومعناه أن قرارنا صدر منتصف الدورة الثانية وفي العشرين من الشهر أصدر هؤلاء فواتيرهم، وربما لم يكونوا قد علموا بالقرار، أَو وصلهم التعميمُ وقد أعذرناهم ومع نهاية شهر أُكتوبر سيكون الوضع مختلفاً ولا تراجع لدينا عن تنفيذه.
– البعض يرى أنكم فاجأتم ملاك محطات التوليد بقرار إلغاء الرسوم دفعة واحدة بعد أن كنتم تطالبونهم بخفض الرسوم 30 %.. على ماذا استندتم في إلغاء رسوم الاشتراك مع أن القطاع الحكومي يفرض نفسه رسوم اشتراك؟
لا بد من الإشارة أولاً إلى أن دخولَ أصحاب المولدات الكهربائية التجارية لتقديم خدمة الكهرباء تم في لحظة اشتدت فيها اعتداءات تحالف العدوان على بلادنا والتي نال فيها قطاعُ الكهرباء نصيباً وافراً من الاستهداف المباشر لمحطات التوليد الرئيسية وأبراج نقل التيار عالية الجهد، وكذا إصابة الكثير من المحولات أَدَّى كُـلّ ذلك إلى توقف خدمة الكهرباء الحكومية، ودخلت مولدات الكهرباء التجارية الخدمة بطريقة عشوائية وغير منظمة ودون المواصفات الفنية المعتمدة وللأسف كان الربح هو الهاجس الأكبر لدى ملاك هذه المولدات.
وَحاولت قيادةُ الوزارة السابقة في حينه تنظيمَ هذا النشاط؛ بهَدفِ حماية المستهلك وصَدرت لائحةً تنظيميةً تم اعتمادُها من قبل دولة رئيس مجلس الوزراء، ومع تكليفنا من القيادة السياسية على رأس قيادة الوزارة قبل ثلاثة أشهر تقريبًا اقتربنا كَثيراً من هذا الملف، وفتحنا صدورنا لشكاوَى المواطنين، فوجدنا تجاوزات كثيرة من ملاك هذه المحطات تمثلت في فرض تعرفة مرتفعة ورسوم غير قانونية تتفاوت من محطة إلى أُخرى ومن منطقة إلى أُخرى.
في البداية أصدرنا قراراً بتوحيد الرسوم وتثبيتها عند 1200 ريال شهرياً لكن للأسف لم يلتزم الكثير بهذا القرار ومعه زاد امتعاضَ المواطن ووجه عددٌ من أعضاء مجلس النواب عدةَ أسئلة، والواقع أننا ذهبنا إلى مجلس النواب ثلاث مرات للرد عليها وأمام هذه الحالة تحَرّكنا بمسؤولية لحماية المواطن وتخفيف الأعباء عنه وخَاصَّة ونحن نواجهُ عدواناً وحصاراً ظالماً مُستمرًّا منذ حوالي سبع سنوات.
– أنتم تفرضون كمحطات كهرباء حكومية رسومَ اشتراك الآن.. أليس كذلك؟
نعم هناك اشتراكٌ شهري في الكهرباء الحكومية، لكن لا مجالَ للمقارنة.. لدينا شبكات نقل للكهرباء طويلة جِـدًّا وآلاف المحولات ومولدات كبيرة الحجم ذات استهلاكٍ عالٍ من الوقود، ونعمل ضمن نطاق جغرافي واسع جِـدًّا، وهناك الآلاف من الموظفين في المجال الإداري والفني، بينما يعمل ملاك المولدات التجارية بمولدات صغيرة الحجم ذات استهلاك محدود من الوقود، وبعدد لا يتجاوز أصابع اليد من الموظفين، وفي نطاقٍ جغرافي محدود جِـدًّا، وفي كثير من الأحيان يستخدمون شبكاتنا الوطنية داخل المدن والأحياء، كما أنهم يبالغون في فرض رسومِ إدخَال الخدمة للمشتركين مع قيمة العداد، حَيثُ تجاوزت العشرين ألف ريال؛ وكونهم أَيْـضاً يقدمون خدمة مؤقتة، هل سيعيدون للمواطن قيمة الاشتراك والعداد لحظة توقف خدماتهم.
– ولكن معالي الوزير.. كيف ستتعاملون مع هذا الرفض إن صح لنا تسميتُه بذلك؟
دعني أُجِبْ عليكم بكل شفافية، حَيثُ لا بُـدَّ من التذكير أننا جزءٌ من ثورة قامت لتصحيح الكثير من التجاوزات التي كانت تُتخذ من قبل سلطات العهد السابق، ونحرص على أن تكون كُـلّ إجراءاتنا قانونية وفيها الكثير من العدل والإنصاف، وبالتالي لا نخفي عليكم أننا نفتقد للكثير من الإجراءات الصحيحة والمنظمة لكافة إجراءات الضبط سواء للمخالفات، أَو لعمليات التحصيل للأموال المستحقة للدولة، كفواتير استهلاك كهرباء وغيرها قد لا يصدق القارئ الكريم بأن لنا مديونيةً لدى مستهلكي الكهرباء لسنوات سابقةٍ تجاوزت العشرين مليار ريال، وَقرّرنا أن نخوض معركة استعادتها ولكن كما أشرت سابقًا نحتاج إلى أن تكون إجراءات التحصيل صحيحة وقانونية، ولهذا الهدف هناك لقاءٌ سيجمعُنا بالنائب العام لمناقشة هذا الأمر إن شاء الله.
– محطات توليد الكهرباء التجارية قدمت تظلماً لمعاليكم.. ما فحوى هذا التظلم؟
في الواقع تلقينا بعضَ الاستفسارات من عددٍ من مُلاك هذه المحطات، وَعلى إثرها دعوناهم إلى الوزارة لنسمعَ منهم عن قُرْبٍ.. وعقدنا لقاءً بعدد محدود منهم، وأكّـدنا لهم أنه لا رجعة عن هذا القرار؛ كونه صدر لخدمة المواطن بالدرجة الأولى، لكننا منفتحون وصدورنا واسعة لمناقشة كُـلّ ما يتعلق بهذه الخدمة وخَاصَّة تعرفة أسعار الكيلو وات المباعة للمواطن من قبلهم، على أمل تثبيتها عند مستوًى معينٍ بناءً على كلفة حقيقية مع نسبة ربح معقولةٍ وعلى ذلك تم تشكيلُ لجنة مشتركة، إن شاء الله تقدم تقريرَها خلال اليومَين القادمَين.
– يتحدث أصحاب مولدات الكهرباء الخَاصَّة عن إجحاف في حقهم خَاصَّة مع وجود فاقد في التيار الكهربائي لا يتم احتسابه أي أنه يظل خسارةً يتحملها أصحابُ المولدات.. هم يتساءلون من يقوم بتعويض هذا الفاقد مع اعتمادهم على مولدات مستخدمة للتشغيل في الأصل؟
غير صحيح ذلك، هناك مراجعة من قبل المختصين في الوزارة لتعرفة قيمة الكيلو وات لأصحاب المولدات تتم بشكل دوري وتراعي متغيرات أسعار الوقود، ويتم فيها احتساب الفاقد ليتم بعدها اعتماد تعرفة ضمن محضر يتم التوقيع عليه من قبلنا ومن قبل من يمثلهم.
أما عن المولدات المستخدمة فيفترض أن تكون هناك قيودٌ نفرضُها على مُلاك هذه المولدات المستخدمة على الأقل؛ كونها تشكل أكبر ملوث للبيئة، وهذا واجبنا لكننا أعرضنا عن هذا الأمر حتى لا تقوم علينا قيامتهم.. نحن نواجه اتّهامات المواطن بأننا نتواطأ لصالح أصحاب المولدات التجارية وفي نفس الوقت نواجه اتّهام أصحاب هذه المولدات بالإجحاف في حقهم.
– شركات الكهرباء الخَاصَّة تستخدم أعمدة الكهرباء الحكومية.. هل تؤجرونها لهم أم ماذا؟
معظمُ محطات التوليد التجارية تستخدم أعمدة الكهرباء الحكومية لحمل أسلاكها الخَاصَّة مقابل رسوم محدودة للوزارة، باستثناء عدد قليل جِـدًّا من المحطات مثل محطة “جبن” وَ”دمت” في محافظة الضالع ومحطة في جزء من مدينة تعز تستخدم أعمدة وأسلاك الكهرباء الحكومية وتدفع رسوماً محدودة لمؤسّسة الكهرباء مقابل ذلك.
– رسوم الاشتراك التي تُفرَضُ على المستهلك من قبل الكهرباء الخَاصَّة.. ألا يفترض أنها تشمل الخدمات والتحسين للمناطق التي تغطيها تلك الشركات؟
قل التي كانت تُفرض.. عُمُـومًا ولعدم وجود مثل هذه الخدمات قمنا بإصدار قرارنا بإلغاء رسوم الاشتراك.
– لماذا تجاهلت وزارة الكهرباء الأمر ولم تلزم هذه الشركات بأعمال التحسين والخدمات لمناطق تواجدها؟
من الصعب وصفها بالشركات إلا ما ندر، حَيثُ الواقع يقول إنها عبارةٌ عن ملكيات فردية صغيرة بأحجام صغيرة من المولدات لا تتجاوز قدرتها 300 إلى 500 kw تولد كهرباء لعدد لا يتجاوز الـ 100 منزل أَو دكان داخل حي صغير وهكذا، حتى أن مسألة تنظيم نشاط هذه المحطات جاءت بعد أن بدأت أعمالها، وخَاصَّة أن الحاجةَ ماسَّةٌ للكهرباء ومع ارتفاع أسعار المنظومات الشمسية خَاصَّة البطاريات، وربما رأت قيادة الوزارة في تلك الفترة عدم الالتفات إلى قضايا التحسين والخدمات؛ نظراً لحاجة المواطنين الماسة للكهرباء.
– يتساءل البعض معالي الوزير: لماذا وصل سعر كيلو الكهرباء لهذا السقف ما فوق 300 ريال فيما كان قبل العدوان 17 ريالاً الخاص بالاستهلاك المنزلي.. هل يعقل أن يتضاعف بهذا الشكل إذَا ما قورن بسعر الوقود قبل وبعد العدوان؟
لا بد من التوضيح أن الوقود بمفرده لا يمكن اعتباره العاملَ الوحيدَ الذي يتحكَّمُ في تعرفة أسعار الكيلو وات من الكهرباء، فهناك عوامل أُخرى أهمها أسعار الزيوت وقطع الغيار وأجور العمالة، ناهيك عن أسعار المولدات نفسها التي أصبحت مرتفعة؛ بسَببِ ارتفاع أسعار العملات الصعبة، إضافة إلى حساب الإهلاك في المعدات المستخدَمة.
– مع تشغيلكم لمحطة حزيز تفرضون رسوماً مقاربة لرسوم أَو سعر كيلو الكهرباء الخَاصَّة.. إذَا ما الفرق بين قطاع حكومي وخاص؟
لا بد أن يعلم الجميع أننا في الكهرباء الحكومية نقدم خدمة لا نقصد منها الربح مطلقاً، وبتحليل منطقي وعادل ستجد أننا نبيع الكيلو الواحد بسعر التكلفة، بل إننا نخسر في بعض المناطق مثل الجوف التي نبيع الكيلو الواحد للمواطن هناك بـ80 ريالاً وفي الحديدة نبيعه بـ 130 ريالاً.
وعندما نتحدث عن الكلفة الحقيقية لدينا نجد أن الفاقد من التيار كبير جِـدًّا؛ بسَببِ المسافات الكبيرة التي ننقل إليها التيارَ وعمليات التحويل التي تجري بين منطقة وأُخرى وحجم العمالة المرتفعة، إضافةً إلى قِدَمِ المولدات وسوء شبكات توزيع الطاقة كلها تؤثر سلباً على كلفة الكيلو الواحد ناهيكم عن متغيرات أسعار الوقود ارتفاعاً؛ بسَببِ الحصار وحجز سفن الوقود لأشهر ومنعها من الدخول إلى ميناء الحديدة، وهذا يدفعنا للشراء من السوق السوداء بأسعار مرتفعة جِـدًّا حرصاً منا على الاستمرار في تقديم الخدمة.
أما رسومُ إدخَال خدمة الكهرباء الـ 10000 ريال فهي مناسبةٌ جِـدًّا والتي يدخل من ضمنها قيمة العداد.
– مع تطورات مِلَفِّ مأرب.. هل سنعيدُ تشغيلَ كهرباء محطة مأرب الغازية للعاصمة؟
لم نكن يوماً بعيدين عن مشهد الدفاع عن الوطن ومشاركة مجاهدينا في تحرير أجزاء غالية من تراب وطننا العظيم، وبالتالي فلدينا يقينٌ كبيرٌ بحتمية التحرير وإعلان الانتصار، وتمثل لنا مأربُ بدايةَ الانفراجة للخروج من ضغط الحاجة لتوليد أكبر يلبّي الحاجة المتزايدة للكهرباء، ويقلل إلى حَــدّ كبير من تعرفة أسعار الكيلو وات الكبيرة والتي سنتمكّن من مواجهة وحل الكثير من المشاكل التي تقف عائقاً أمامنا اليوم.. كُـلُّ ذلك سيتحقّق من خلال إعادة كهرباء مأرب إلى العاصمة صنعاء إن شاء الله، وبهذا الصدد نستطيع القول إننا بادرنا بتشكيل فريق فني متخصص ومن وقت مبكر نزل إلى الميدان ابتداءً من صنعاء باتّجاه مأرب؛ بهَدفِ معاينةِ أبراج نقل الطاقة وعاد لنا بتقريرٍ يتضمن كافة الأضرار التي لحقت بكل برج وُصُـولاً إلى مفرق الجوف على طريق صنعاء مأرب.
وفورًا شكّلنا غرفة عمليات داخل الوزارة، سنقوم من خلالها ابتداءً من الأسبوع القادم بحشد كافة الإمْكَانيات لتنفيذ عملية صيانة وترميم لخط نقل الطاقة الكهربائية مأرب صنعاء.
وللعلم أن هذا الخطَّ دُمّـرت الكثيرُ من أبراجه وأسلاكه من قبل طيران دول العدوان من وقت مبكر للعدوان ويعتبر تحدياً كبيراً لنا، وخاصةً أننا بحاجةٍ للكثير من القطع اللازمة للأبراج المدمّـرة ولا نستطيع جلبها من الخارج؛ بسَببِ الحصار، وبالتالي لدينا الإصرار والعزيمة على تصميمها وتصنيعها محلياً وإن شاء الله ننجح بحول الله وقوته.
– ماذا عن تأهيل الشبكات الداخلية للعاصمة وَغيرها من المدن؟
بدون شك هذا الموضوع ضمنَ أولوياتنا، ويحظى باهتمامنا الشديد، حَيثُ إن هذه الشبكات في أسوأ حالاتها اليوم ليس في صنعاءَ فحسب بل وكافة المناطق، ولا بد من تحسين هذه الشبكات؛ باعتبَارها أَسَاساً لأية عملية تحديث، أَو إضافة لعمليات الزيادة في حجم الطاقة المتولدة التي نخطط؛ مِن أجلِ إنجازها وتضمنتها خطتنا المقدمة في إطار الرؤية الوطنية إن شاء الله.