ضروراتُ الأمن
د. شعفل علي عمير
عادةً ما يتم إنشاء أجهزة الأمن المختلفة عندما تعتري المخاطر إحدى جوانب حياتنا وتتعدد أجهزة الأمن تبعاً للمهام التي توكل إليها وفي ثقافتنا الأمنية ومفهومنا للأمن بأنها تقتصر على الجوانب الأمنية ذات الطابع الشرطوي الأمني أَو العسكري إن صح التعبير وكأن الجوانب الأُخرى لا تستوجب استحداث أجهزة أمن أَو أنها لا تعتريها أية مخاطر سواء أكان مصدر المخاطر داخلي أَو خارجي، مع علمنا بأن هناك جوانبَ أُخرى تتعرض للكثير من المخاطر التي قد تكون أكثر خطورة من تلك الجوانب التي أنشئت مِن أجلِها أجهزة أمن تعنى بحمايتها.
هناك على سبيل المثال الأمن الزراعي والمائي، الأمن البيئي والصحي هاذان جانبان من الأمن الذي يمس حياة المجتمع ويلامسه بشكل مباشر وهي أَيْـضاً جانب من استهداف العدوّ، أَو من عبث وممارسات مقصودة أَو غير مقصودة من أبناء مجتمعنا بوعي أَو بغير وعي.
فمن مقتضيات الأمن الزراعي والمائي أمور عدة منها الحفر العشوائي للآبار، عدم تحديد أعماق للآبار أَو عمل دراسة جيولوجية مسبقة وَأَيْـضاً مخاطر السدود القائمة والاستنزاف الجائر للمياه الجوفية وتلوث المياه الجوفية والزحف العمراني على حساب الأراضي الزراعية والمدرجات وكذا تلك التجاوزات التي تستهدف الأراضي الزراعية بشكل مباشر متمثلة بالبناء العشوائي غير المخطّط، أَيْـضاً تجاوز شجرة القات على مساحات واسعة على حساب المحاصيل الاستراتيجية في القيعان، أَيْـضاً ما تتعرض له الأراضي الزراعية بفعل زحف الكثبان الرملية كُـلّ هذه العوامل تهدّد أمننا الغذائي وتحول دون تحقيق طموحاتنا في الاكتفاء الذاتي.
وكذلك الأمن البيئي والصحي والذي كان في دائرة استهداف العدوان وهذا جانب في غاية الأهميّة لا سيما وقد سبق الإشارة إلى هذا الجانب في كثير من التقارير المحلية والدولية وآثار هذا الجانب أصبحت ملموسة ويعاني منها الكثير من أبناء المناطق المستهدفة إما بشكل أمراض مزمنة أَو عاهات جسدية نتيجة ما خلفته أسلحة العدوان المحرمة من آثار كارثية طويلة الأمد على صحة الإنسان وبيئته، فلم تُجْــرَ حسب علمي دراسة بيئية لآثار الأسلحة المحرَّمة على الإنسان في المواقع المشبوهة بتلوثها بالإشعاعات نتيجة استهدافها بالأسلحة المحرَّمة.
أليست هذه الجوانب من الأمن تستحق أن يكون لها جهاز أمني يضبط ويؤمن للإنسان جانباً مهماً من حياته؟!