النصرُ الخالد وحكمةُ القائد
بلقيس علي السلطان
طريق التحرير والنصر شاق ومتعب ويحتاج إلى عزيمة وإصرار ومثابرة كما يحتاج إلى أهم عنصر من عناصر الوصول إلى نصر خالد وناجح وهو وجود القائد الحكيم والشجاع، فإن تجد قائداً يقود رجاله الثابتين إلى نصر عظيم وهم يواجهون أكبر طغاة الأرض فلا بد لك أن تتشبث وتتمسك به وتمشي على خُطَى توجيهاته؛ لكي تصلَ إلى العزة والكرامة والحرية والاستقلال.
بعد تحريرِ العبدية وأسر من كان في صفوف العدوان من أبنائها ظن أبناءُ المديرية أنهم ذلوا وامتهنت كرامتهم وبقيت حسرتُهم على أبنائهم الأسرى فطلبوا لقاءَ السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي؛ مِن أجلِ أن يتشاوروا في أمرهم، فوفدوا على صنعاء المحرَّرة التي ظنوْها مدينةً تعاني الأمرَّين جراء وقوعها في يد أنصار الله كما كان يسوِّق لهم مرتزِقة العدوان وأسيادهم وظنوا أنهم سيصلون إلى أناس نفسياتهم متكبرة ومتغطرسة، لكن كُـلّ ذلك سرعان ما تبدد في ذهنهم بعد أن رأوا صنعاء التي تعرضت لمئات الغارات شامخة وصامدةً وتعيش جواً من الحرية والاستقلال، كما أن حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة التي حظوا بها جعلتهم يشعرون أنهم أعزاءٌ وكرماءُ بين إخوانهم، فكانت تعابيرهم توحي بمدى دهشتهم بما لاقوه من استقبال لا يقام إلا للعظماء.
وبعد حديث القائد معهم تعززت في نفوسهم الثقةُ بأن من دخلوا مديريتَهم مخلّصين ومنقذين وليسوا كما وصفهم مرتزِقة العدوان وأسيادهم عابثين ومدمّـرين ومنتهكين لأعراضهم، وما أن أعلن القائد قرارَ إطلاق أسراهم البالغ عددهم 52 أسيراً حتى تهللت وجوههم بالفرحة والشعور بأنهم فعلاً قد تحرّروا من الطغاة والجبابرة الذين أقحموهم في حرب خبيثة نهشت ثرواتهم ومقدراتهم وجعلت من أبنائهم مطيةً لتحقيق أهدافهم الشيطانية.
عادَ قبائل عبيدة بعد أن تأكّـدوا بأنهم ظلموا أنفسهم باتِّخاذهم العدوانَ وليًّا واتضح أنه كان باغيًا ومحتلًّا لهم، عادوا حاملين معهم مشاعر الأُخوة والتعاضد والاعتصام الذي لمسوه من إخوانهم وبأن اليمنيين أشداء على الكفار والطغاة ورحماء بينهم، أرضُهم واحدة ودينُهم واحد وغايتهم واحدة وهي الحرية والاستقلال من التبعية والوصاية.
تتوالى الانتصاراتُ الخالدة بفضل الله وبحكمة القائد الذي يولي أُمَّتَه جُلَّ اهتمامه وجعل من كرامتها وعزتها هدفاً أسمى لا بد من تحقيقه وجعل من وعيها وبصيرتها غايةً عظمى لا بد من الوصول إليها، كما جعل للقبيلة مكانتها وهيبتها التي عُرفت بها، واسألوا الطلقاءَ من شيوخ القبائل الذين وقفوا مع العدوان ثم وقعوا بقبضة رجال الرجال كيف احتُرمت مكانتهم وتم إطلاقُهم، وما العكيمي والعواضي عنهم ببعيد، فالقائد أوفى بعهده وأطلقهم وهم نكثوا عهدَهم وعادوا إلى أحضان المعتدين ليكونوا حُجّـةً على من نكث عهدَه وميثاقَه وليظلوا في خزيهم وإذلالهم يعمهون، ويظل من أفاقوا إلى الحقيقة والحق في العزة والكرامة ينعمون.