ما وراء التصعيد ضد لبنان؟
ألطاف المناري
في كُـلّ زمان ومكان تثور ثائرة الطغاة إن قيل لهم اتقوا الله في أفعالكم، يجن جنونهم من كلمة الحق التي تقال في وجههم من أناس عُرفوا بصدق القول، فقد قال سبحانه وتعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أخذتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ) تلك هي نفسية الطغاة المجرمين في كُـلّ زمان ومكان لا تتغير تأخذهم العزة بالإثم فيمعنوا في الإجرام والتغطرس، وهذا كان حال محمد بن سلمان المختل عقلياً الذي تصرف كطفلٍ صغير لا يعرف السياسية أمام ما قاله وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي عندما قال: “الحرب في اليمن عبثية ويجب أن تتوقف” هكذا نظر البعض لقضية التصعيد السعوديّ ضد لبنان، وهكذا جعَلت السعوديّة الأمر، ولكن الحقيقة التي جعلت السعوديّة ودول الخليج تكشف بنفسها عن إجرامها وطغيانها وسياستها الاستعبادية، وتفضح نفسها بنفسها هي تلك الهزائم والانتكاسات المدوية التي توالت عليها في جبهات الجهاد المقدس في اليمن، ضربات أبطال اليمن قاصمة مغيرة لموازين الحرب مبددة لأطماع الغرب، تلك الهزائم جعلت السعوديّة تُفكر في ساحة حرب أُخرى تنفق فيها أموالها، وتشبع طيش ملكها الصغير، وهل توجد ساحة أفضل من لبنان التي تمر بأزمات متعددة؟
دعونا نتساءل: لماذا أثار خطاب الوزير جورج قرداحي الذي مضى عليه ما يقارب شهرين غضب السعوديّة حتى تقوم بخطوات تصعيدية ضد لبنان؟!
هل لأَنَّه قال إن الحرب في اليمن عبثية ويجب أن تتوقف؟
هي حرب عبثية قالها الكثير حتى أسيادهم الذين يتلقون منهم التوجيهات ونعتوهم بأقبح العبارات ولم تثر ثائرتهم! إذَاً ما وراء التصعيد ضد لبنان وما خلفية الهجوم على الهامة الحرة جورج قرداحي؟
لقد أرادت السعوديّة بتلك الهجمة على وزير الأحرار جورج قرداحي أن تحرف أنظار العالم إلى لبنان لتغطي عار هزيمتها في اليمن، وعدم تسليط الضوء على الانتصارات العظيمة في بلد الحكمة والإيمَان، فآخر أحلامها (مأرب) أصبحت رايات نصرها تعانق السماء، وقيادة البلد انتقلت من مرحلة الدفاع إلى مرحلة التحدي للسعوديّة، وكل من يدور في فلكها..
فاليمن اليوم يطوي صفحات السبع العجاف وكلها صفحات ناصعة مشرفة لليمنيين، وفي المقابل صفحات قاتمة ملطخة بالدماء والعار لبني سعود وأسيادهم، وسبع الخير المبشرة بالنصر لليمن وللأُمَّـة العربية على الأبواب، فشمس النصر تغزل خيوط ضوئها في شرق اليمن وستصل إلى كُـلّ بلد عربي عانى الأمرّين منها، لبنان التي تمر اليوم في مرحلة اختبار صعبة، وتحدٍ كبير.. يجب أن تقف أمامه شامخة متغلبة على كُـلّ المخاوف والأزمات، ويجب أن تحذو حذو اليمن، فأبناء اليمن بذلوا قوافل من الرجال في سبيل حريتهم واستقلالهم، وعلى لبنان التضحية بتلك الدبلوماسيات الخليجية التي هي في غنى عنها للحفاظ على استقلالها، ويجب أن لا تقبل بسياسة الضغوطات وأن لا تقدم التنازلات التي لن يكون هناك حَــدّ لها إن نفذت ما أرادته مملكة الرمال، فهي كجهنم هل من مزيد، لا تشبع ولا تقنع وإنما يزداد لعاب الطمع.
السعوديّة اليوم أصبحت بين مطرقة اليمن وسندان لبنان ولا منقذ لها، فهي تغرق في الوحل أكثر وكل الأحداث تجعلها تفقد صوابها وتدعوها لتخبطٍ أرعن والغرق في مستنقع الجرائم والحروب.. ولم تتخذ من حديث وزير الإعلام اللبناني إلا ذريعة لتنفذ خططاً مبيتة رسم معالمها البيت الأبيض، التي شعر أن هناك خطر يُحدق به من اتّحاد محور المقاومة التي وحدت هدفها ومنطقها، ذلك التوحد أصاب قلب كيان العدوّ، وقض مضجعه، وجعله يعيد ترتيب حساباته العدائية ضد العرب ويصعدها ويقدم السعوديّة ككبش فداء لقطع ما يسمونهم بأذرع إيران وذلك هو السبب الأصل في كُـلّ الأحداث المتسارعة في الشأن اللبناني؛ لذلك هم اليوم ينفثون سمهم في لبنان لخسارتهم اليمن، يريدون أن يغرقوا لبنان في حرب اقتصادية وسياسية، كما فعلوا في اليمن، فعلى اللبنانيين معرفة خطورة ما يحاك ضدهم ويجب أن يكونوا بمستواه في وعيهم وإدراكهم، وأن يكونوا أحراراً في قراراتهم، ويقفوا أمام تلك المخطّطات الرامية إلى عزل لبنان عن بعض البلدان وجرها لحرب داخلية، يجب أن تتوحد كلمتكم أيها اللبنانيين ضد ما يدبره العدوّ ضدكم وأن تلتفوا حول المقاومة فقد اختارهم الله ليوجهوا ضربة كبيرة وجديدة إلى عدو الأُمَّــة أمريكا وإسرائيل وكل من أراد ويريد تفكيك لبنان واستعمارها سياسيًّا وإقلاقها أمنيًّا.