مأرب في صنعاءَ والهدفُ واحد
سند الصيادي
على خلافِ المفاهيم السياسية والإعلامية التي جنَّدت لها وسوَّقت لها قوى تحالف العدوان، وَالتي استهدفت انفراطَ العِقد الاجتماعي وَوصفت المعارك بدوافعَ مناطقية، يعاد لَمُّ الشمل الوطني وَتظهر صنعاء في كُـلّ موقف حاضنةً لجميع أبناء الشعب، وَمجسماً يلخص عناوينَ وحدة النسيج وَالدم وَكُـلّ التفاصيل التي تختزلُها مفردةُ اليمن.
فمأربُ اليومَ حاضرةٌ في صنعاءَ بقبائلها ورجالها الأحرار الذين حسموا الخيارات وَعادوا إلى معسكر الشعب والوطن، عادوا بفضل الله وَحكمة القيادة، وعلى وَقْعِ انتصارات الجيش واللجان الشعبيّة تسهل لهم اتِّخاذ القرار، بعد أن منيت قوى الغزو والاحتلال بالهزائم، وَتهاوت أرتالُها التي جثمت سنواتٍ على مناطقهم وقوّضت خياراتِهم.
والقطيعةُ بين الوافدين وَبين عاصمتهم وَشعبهم كانت محكومةً بالإكراه وَالترهيب والترغيب الذي كان حادثاً، وَفي تفاصيلها دلائلُ ميدانية على اتضاحِ المشروع الخبيث الذي يحضّره العدوان وأدواته لمأربَ واليمن عُمُـومًا.
ومع أن مأرب لم تغِبْ يوماً عن صنعاءَ بالمعنى الحرفي، فأبناؤها يُمَثِّلُون جزءاً لا يتجزأُ من تركيبةِ العاصمة اجتماعيًّا وَسياسيًّا، كما أن رجالَها رقمٌ في قوام الجيش واللجان الشعبيّة، إلَّا أن قيمَ ومدلولاتِ هذه الزيارة التي قام بها جموعٌ كبيرةٌ من الوجاهات ورجال القبائل إلى صنعاء في توقيتها وَظروفها تمثل دليلاً إضافياً على زيفِ الدعاياتِ وَالأباطيلِ المعادية، وَانتصاراً للرواية التي ظلت تقارعُ بها صنعاءُ أبواقَ العدوان، كما هو انتصارٌ للنهج الذي يقودُ الدولةَ اليمنيةَ وَالقيادةَ الإيمانيةَ والوطنية التي تتولى دفتَه اليوم.
لم يكن مستغرَباً حفاوةُ الاستقبال والترحابُ الذي حظيت به الوفودُ في حضرة قبائلِ ريف صنعاء وَضواحيها، فهذا هو الحالُ في الماضي كما هو الحاضر، والناس أقارب وَأنساب منذ القدم، إنما المستغرَبُ أمام هذا المشهد الذي ينتصرُ للعُرف والعادات والهُــوِيَّة، هو رهانُ العدوّ على تغييرِ هذه الثوابت، والاستنادُ على ثلة من الحُثالات لتمريرها وشرعنة عدوانه وهيمنته، وهي رهاناتٌ فاشلةٌ بدليل الموقفِ الذي باتوا عليه اليوم، يتجرّعون الهزائمَ وَيتبادلون اللطمَ والاتّهامات.