استراتيجية الردع اليمني تفتك بأوهام دول الارتهان
غالب المقدم
حملت ديباجةُ حرب العدوان على اليمنِ عدةَ مسميات وذرائعَ كاذبة، منها استراتيجية كمحاربة المد الإيراني، وإعادة ما تسمى الشرعية، والحفاظ على السلام في المنطقة، وأُخرى دينية، باسم المذهبية والطائفية، التي حاولت من خلالها إيجاد غطاء ومشروعية لما تقوم به من عدوان، لتنفيذ مخطّطها الاستعماري عبر البروباجندا الإعلامية التابعة لها، والتي تصور مدى ضخامة الترسانة العسكرية والعدة والعتاد، وخلق حالة من الرعب، لكن كُـلّ هذا تبخر مع أول عملية من عمليات توازن الردع.
ما تحملهُ عملياتُ توازن الردع، من أبعاد ودلالات في توقيتها المباغت، وآثارها المدمّـرة والكارثية على العدوّ ومواقعه العسكرية ومنشآته الحيوية، هي تلك الخيارات والمفاجآت التي تحدث عنها قائد الثورة السيد عبدالملك-يحفظهُ الله- في بداية العدوان، بأنها لن تكون في حُسبان العدوّ ولا في توقعاته، لا في الرد ولا في حجم عملية التدمير وآثارها البالغة.
أولًا: التنامي المتسارع لمنظومة القدرات الصاروخية وسلاح الجو المسيَّر المتطورة التي باتت قادرةً على رصد الأهداف وإصابتها بدقة متناهية مع استمرارية التطوير.
ثانيًا: القدرة على الرد في الوقت الذي تريدهُ القيادة، وكيف تشاء، مع إمْكَانية استهداف المنشآت الاستراتيجية البالغة الأهميّة بطرق متعددة وأساليب متنوعة الأداء والتكتيك، الأمر الذي يشكل هاجس رعب للنظام السعوديّ والإماراتي معًا في حال اتباعهم الوهم الأمريكي الكاذب.
ثالثًا: عدم جدوى السلاح الأمريكي، وعجز قدراته أمام أسراب المسيَّرات والصواريخ العابرة للحدود المهدّدة للنظامين السعوديّ والإماراتي، لأمنهما ومنشآتهما واستقرارهما، والتي بات من الواضح أنها غير قادرة على توفير الحماية الذاتيّة الداخليّة والخارجيّة لهما دون الاعتماد على “الكفيل الأمريكي”.
رابعًا: تراجع الدور الأمريكي وانحساره بالأداء المباشر كما كان في السابق، ومن ثَمَّ الوظيفة التاريخيّة لدول الخليج في الاستراتيجيّة الأمريكيّة بالشرق الأوسط.
فقد وُجدت هذه الدول لأجل خدمة الكيان الصهيوني، الذي أسَّس علاقتَهُ الاستراتيجيّةَ بالمملكة المتحدة “بريطانيا” والولايات المتّحدة، على الوظيفة التي يمكن أن يقوم بها في الدفاع عن المصالح الأمريكيّة في الشرق الأوسط، دون تورّطٍ أمريكيٍّ مباشر، عبر الأدوات التي أنشأتها اتّفاقية سايكس بيكو، لخلخلة المنطقة العربية وإضعافها، مع استمرار تنامي الكيان الصهيوني، لكن هذه الخطط الاستعمارية بدأت بالتبخر مع أول هزيمة تلقتها الولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان، ومن ثم العراق، وآخرها صمودُ الشعب اليمني الذي أثبت للعالم مدى هشاشة الدول المرتهنة للقرار الأمريكي، بهزيمته لأكبر ترسانة عسكرية في منطقة شبه الجزيرة “السعوديّة”، مدمّـراً أُسطورةَ السلاح الأمريكي وكفاءته وقدرته القتالية، التي ظل يصورها في وسائل إعلامه لأجل إخافة العالم، بأول عملية من عمليات توازن الردع، التي بددت الأساطير، وكشفت الحقائق، ومنذ ذلك الحين والسلاح الأمريكي والغربي يخسر مكانته، بعد أن كان يثير مخاوف العالم.