في ذكرى الاستقلال: معركة ضد محتلين جدد
د. مهيوب الحُسام
ونحن نعيش اليوم الذكرى الـ 54 لعيد الاستقلال ورحيل آخر جندي بريطاني عن الأراضي اليمنية في الجنوب يوم30 نوفمبر 1967م هذا اليوم الذي كان نتاجاً طبيعياً لثورة مجيدة وثمرة من ثمار ثورة أُكتوبر التي انطلقت يوم 14 أُكتوبر 1963م من جبال ردفان الشماء بقيادة غالب بن راجح لبوزة ورفاقه المناضلين الأحرار الذين عادوا من صنعاء بعد مشاركتهم في ثورة 26 سبتمبر1962م ليفجروا ثورة أُكتوبر ضد الاحتلال البريطاني.
إن الاستقلال المعلن في 30 نوفمبر 1967م لم يكن مِنَّةً من أحد ولم ينَلْه الشعبُ اليمني ولم يصل إليه إلا بعد دماءٍ وتضحيات ونضال وكفاح مسلح طويلٍ خاضه الأحرارُ الشرفاءُ الثوارُ من أبناء الشعب اليمني كله من جنوبه وشماله ومن شرقه وغربه ضد المحتلّ البريطاني وما سطروه من بطولات ومعارك بطولية ضد الإمبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس وأخرجوها ذليلة من الأراضي اليمنية ممرغاً أنفها في التراب اليمني.
في هذا اليوم الوطني لذكرى الـ 54 للاستقلال يحق لنا أن نسألَ أنفسنا: لماذا عدنا بعد أقل من47 عاماً فقط من هذه الذكرى ثورة حرية واستقلال مجدّدًا ونخوض للعام السابع معركة الحرية والاستقلال ضد نفس الاستعمار بذات الأطماع وذات الأهداف وهذه المرة ضد عدوان وغزو واحتلال تشارك فيه كُـلّ دول الاستعمار الغربي الإنجلوصهيوأمريكي وبمشاركة أنظمة وجيوش دول تسمي نفسها عربية، والسؤال الذي يطرح نفسه ما الذي حدث ولماذا احتجنا إلى خوض معركة التحرير والحرية والاستقلال مجدداً?
الإجَابَةُ باختصار لسنا كشعب يمني مثقوب الذاكرة ولم تكن ثورة الـ14 من أُكتوبر إلا ثورة تحرير واستقلال خالصة حقيقية ولم يكن نيل الحرية والاستقلال في العام 1967م إلا ثمرة واستحقاق لنضال وتضحيات الشعب اليمني منذ انطلاقة الثورة التي أرغمت المحتلّ البريطاني على الخروج بجنوده وجيشه مرغماً مهزوماً ذليلاً، ولكن كعادة وسلوك كُـلّ مستعمر لا يخرج إلا وقد غرس أياد له في الداخل ما بالنا باستعمار مكث ما يربو على 130عاماً لبلد كان ولا يزال يمثل بموقعه الجغرافي وأهميته الجيواستراتيجية مطمعاً لكل الإمبراطوريات والقوى الكبرى الاستعمارية قديماً وحديثاً، هذا أولاً.
ثانياً نؤكّـد أن اليمن وللأهميّة التي ذكرناها آنفاً مضافًا إليها ما يمتلك من ثروات ضخمة زادت من أطماع دول الاستعمار وزادت من مؤامراتها على اليمن وشعبه وعلى ثوراته التي تنشد الحرية والاستقلال تباعاً وحركت أدواتها وعناصرها وعملائها في الداخل سواء كانت عناصر مخترقة لثوراته كطابور خامس أَو العناصر المعادية والمضادة لهذه الثورات وبها ومن خلالها أدخلت اليمن قبل الوحدة أو بعدها في فتن وحروب داخلية وانقلابات وثارات؛ خوفاً من الاستقرار وبناء دولة قوية تحمي السيادة والاستقلال.
وحريٌّ بنا أن نذكر في عجالة بأن اليمن منذ الاستقلال سواء أَيَّـام التشطير أو بعد الوحدة لم تحكم من قبل الثوار الأحرار الشرفاء الذين قادوا الثورة إلا لفترات وجيزة وتم التآمر عليهم من الخارج والقضاء عليهم وتم حكم البلاد من قبل العملاء الخونة وما فعله النظام الوَصائي الإخواعفاشي باليمن كلها وبالشعب اليمني كله هو خير نموذج لعدوان داخلي ودمار ندفع ثمنَه حتى اليوم.