قضيتنا لن تسقط بالتقادم
احترام المُشرّف
هناك قضايا لا تنتهِي وملفات لا تقفل وإن تعاقبت عليها الحقب والأزمان، كذلك هناك جروح لا تندمل وإن ضمدت وأوجاع لا تخف وإن أخفيت، ودموع لا تجف وإن كفكفت، وقلوب تظل تضطرب بين الحنايا وتلتاع من ألمها الذي نساه الجميع وهي لم ولن يذهب عنها هذا الألم حتى يتوقف نبضها.
توجد آلام لا ينهيها أَو يخففها الاعتذار، وهناك أوجاع لا تهدأ حتى بالانتقام، وهناك مواقف تكون أشد من وقع السهام، وهناك كلمات أفتك من النبال، وهناك صمت أخزى من الكلام.
وفي اليمن حصل كُـلّ هذا، اليمن السعيد أصل الحضارة ومهد العروبة الأولى، أرض تبع وحمير وسيف بن ذي يزن، اليمن أرض الأنصار الذين حملوا الرسالة وجاهدوا في الله حق الجهاد.
اليمن الذي شُنت عليه حربٌ كونية شارك فيها العالم أجمع، نعم العالم بكله ملطخ بدماء اليمنيين؟ فمن لم يشارك عسكريًّا فقد شارك أمميًا بصمته وحصاره ومنع هذا الشعب من الحياة على أرضه بسلام، العالم كلـه شاهد اليمنيين وهم يقتلون في أرضهم، شاهد مرضاه وهم ممنوعون من السفر من مطارهم، شاهد صعدة وهي تحترق وصنعاء وهي تقصف والدريهمي وهي تحاصر، شاهد المستشفيات والمدارس وهي تقصف، شاهد الأطفال وهم يقصفون، كُـلّ العالم شاهد وما زال يشاهد اليمن وهو في كُـلّ يوم يزف خيرة شبابه إلى المقابر.
نحن في اليمن وإن كانت حربنا مع السعوديّة ومن تحالف معها إلا أننا نعرف بأن الكل مشترك في هذه الجريمة التي ارتكبت بحق اليمن.
قضيتنا لن تنتهِي بانتهاء هذه الحرب وملفنا لن يغلق بانتصارنا عسكريًّا على دول التحالف، إن ما حصل لليمن ليس فقط هو الحرب العسكرية وإن كان ملف الحرب العسكرية كبيراً ولا يستهان به ولكن هناك ملفات من الخيانة والعمالة وموت الضمير التي تلقاها هذا البلد المنكوب المغدور المطعون في خاصرته.
ولله جزيل الحمد والمنة، فلليمن رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً، وهَـا هو اليمن في انتصارات متوالية وعدونا في هزائم متتالية ولن يطول به الوقت حتى يدحر عدوه ويطهر أرضه.
وبعد أن يأتي ذلك اليوم الذي ليس ببعيد ويعلن فيه عن انتهاء الحرب وانتصار اليمن، سنرى في حينها هل ستنتهي قضية اليمن وسيغلق ملفها؟!
وتنطوي هذه الصفحة الدامية من حياة اليمن وأهله وكأن شيئاً لم يكن!
لمن يدور في خلده هذا السؤال؟ إليكم جواب اليمن (لا) لن تنتهِي قيضتنا ولن يغلق ملفنا.
ولا بد من مقاضاة كُـلّ من شارك وبارك وسكت عن ما حدث في اليمن وكما تم القصاص لليمن عسكريًّا، أَيْـضاً سنظل حاملين قضيتنا فاتحين ملفنا حتى نقاضيَكم أخلاقياً، وليكن الجميع على يقين بأنه لن ينتهِي ما حدث لليمن من محاولة لإبادته بكل الأساليب ولا بُـدَّ من مقاضاة من وضع بصمته فيما حدث.