عيد الجلاء.. بين احتلال الأمس واحتلال اليوم
أمين عبدالله الشريف
تحل علينا الذكرى الرابعة والخمسين لجلاء آخر جندي بريطاني من جنوب البلاد في 30 نوفمبر 1967، والبلاد تعيش وضعاً مشابهاً لما حدث أثناء الاحتلال البريطاني، حَيثُ تعيش محافظات جنوب البلاد وبعض المديريات في الشمال تحت وطأة الاحتلال السعوإماراتي، وفي هذه اللحظات الفارقة في تاريخ يمننا المعاصر نتذكر كيف أن هناك مجموعةً من الخونة والعملاء ساعدوا المحتلّ البريطاني على احتلال جنوب اليمن ولفترة استمرت عشرات السنين قدموا خلالها أنفسهم فداء للمحتلّ وجعلوا قرارهم بيده متناسين أن مصير أي محتلّ أَو غازي هو الرحيل والهروب، ونحن اليوم نرى مجموعة من الخونة والعملاء الذين يقدمون أنفسهم فداء للمحتلّ الإماراتي والسعوديّ ومن خلفهم الأمريكي والإسرائيلي وكيف أنهم جعلوا قرارَهم بيد هذا المحتلّ، متناسين هم أَيْـضاً أن المحتلّ مصيره الرحيل والخسارة ولم يعتبروا لما حدث للعملاء السابقين الذين ساعدوا المحتلّ البريطاني من خسارة للدين والوطن والشعب.
نستلهم من عيد الجلاء أَيْـضاً الصمود الأُسطوري الذي قدمة أبناء الجنوب والشمال في وجه المحتلّ البريطاني وكيف أنهم قاتلوا لسنوات طويلة ولم يتوانوا لحظة في تقديم أنفسهم قرابين لخدمة دينهم ووطنهم حتى تحقّق لهم ما أرادوا وهو رحيل آخر جندي بريطاني، وهو ما يزيد المقاومين اليوم الذين رفضوا المحتلّ السعوديّ والإماراتي قوة إلى قوتهم، فها هم الأحرار اليوم يجددون العهد والولاء للدين والوطن معمداً بالدم، وواقفين بشموخ أمام المحتلّ الجديد ومرتزِقته ومسطرين أروع الملاحم البطولية في سبيل الحرية والعزة والكرامة والاستقلال.
نستلهم من عيد الجلاء أَيْـضاً ضعف المحتلّ الذي مهما بلغت إمْكَاناته فَـإنَّ مصيره الخسارة والرحيل وبالرغم من إمْكَانات بريطانيا في ذلك الوقت حتى أطلق عليها “الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس” إلا أنها رحلت في الأخير وخسرت اليمن بعد أن مرغ المقاتل اليمني أنفها في التراب، وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على الاحتلال السعوإماراتي فرغم ما تمتلكه الدولتان من إمْكَانات هائلة من مال وعتاد وقوى بشرية إلا أن المقاتل اليمني مرغ أنفيهما في التراب وما زال، وسيكون مصير هذا الاحتلال هو الهزيمة والرحيل في الأخير مهما عمل ومهما مكر فالمسألة مسألة وقت لا أكثر أما المصير فهو مصير من سبقوه ولا غبار على ذلك.
نستلهم من عيد الجلاء أَيْـضاً المقولة الشهيرة اليمن مقبرة الغزاة، وهي مقوله تنطبق على كُـلّ من احتل اليمن في السابق وتتجدد اليوم في حاضرنا وستبقى لمستقبلنا أبداً ما دام الدهر ودامت اليمن، فمثلما خرج الأحباش والفرس والأتراك والبريطانيون سيخرج السعوديّ والإماراتي خاسرين ذليلين يجرون أذيال الخيبة والهزيمة، ومثلما كسر اليمني شوكة الإمبراطوريات السابقة سيكسر شوكة رعاة الإبل المحتلّين الجدد ومن يقف وراءهم من الأمريكي إلى الإسرائيلي إلى البريطاني وغيرهم وسيمنى هذا الاحتلال بهزيمة تسجل في التاريخ ليكون عبرة للأجيال في الحاضر والمستقبل.