الزكاة.. ما بين دولة الأنصار والعصورِ الغابرة
مرتضى الجرموزي
لنعُدْ قليلًا إلى الوراء إلى زمن العصور والعقود الغابرة لنغُصْ في بحر الأحداث وتراكماتها لنتحدث بواقعية وبجدية لنقول للمحسن أحسنتَ وللمسيء أسأت؛ لنسميَّ الأشياء بمسمياتها ولنعطي لكل ذي حقٍّ حقه وباختصار حتى لا نطيل عليكم ونسرد ما لا يعنينا فلكل زمن مقال ولكل دولة زمان ورجال.
وما رأيناه سابقًا عشنا واقعه وسمعنا أخباره فعلاً، كانت عقوداً وعصوراً غابرة ومظلمة عاشها الشعب اليمني في ظل دولة سلَّم نظامها وحكوماتها المتعاقبة أمر الطاعة الولاء المطلق لأمراء وزعامات الفساد والبغي والإجرام والعبودية لغير الله وخيانة الدين والوطن وجعلت اليمن بؤراً من الفساد والاقتتال الطائفي والقَبَلي والفقر المدقع والتسول خارجياً على حساب هذا الشعب المغلوب على أمره.
وفي خضَّم الأحداث التي تشهدها الساحة المحلية وحتى لا نخرج عن محور ومضمون المقال الزكاة ما بين دولة الأنصار والعصور الغابرة
فهل رأيتم فيما مضى إبَّان حكم المقبور عفاش هل رأيتم شيئاً من ثمار الزكاة؟!
هل أغنت فقيراً أَو أطعمت مسكيناً أَو أسعدت مكلوماً أَو آوت أسيراً أَو زوجت معسراً أَو دفعت لغارم أَو عالجت مريضاً؟! فهل رأيتم شيئاً من هذا يتحقّق على أرض الواقع والذي ما كنا نسمع عن الزكاة شيئاً يُذكر غير المتحصلين لها ومدراء الواجبات ينهبون الناس ومدخراتهم وممتلكاتهم تحت عناوين الزكاة ونرى الأجهزة الأمنية تطارد المتكلفين بحجة الزكاة التي لم نراها واقعاً غير هذا الذي جثم على ظهر الشعب لثلاثة عقود ونيَّف وحتى لا ننسى البرنامج الإذاعي (الزكاة في الإسلام) والذي كان يتحفنا به النظام العفاشي البائد في شهر رمضان، حَيثُ كان لا يزيد زمنه عن عشر دقائق قبل آذان المغرب من كُـلّ يوم رمضاني وغيره لم نرَ أَو نسمع قط، حتى أتى أمر الله وقلب الموازين وغيَّر المسار حين علم أن النفوس تغيَّرت وتطالب بالإصلاح العام والخاص في كُـلّ أَسَاسيات الحياة بما فيها العدل والمساواة وبسطه على سائر الشعب دونما تمييز بين فئة وأُخرى.
لنعيش اليوم بفضل الله وببركة قائد الثورة وتضحيات الشعب الذي ما برح ثورته حتى أطاحت بنظام الفساد والرذيلة العفاشي.
وها نحن وبعون الله وبرغم الحرب والحصار نعيش العزة والكرامة في كُـلّ سبل الحياة ونرى واقعنا واقعاً ملؤه العدل والصمود والتحدي والمثابرة وتم تفعيل مختلف مؤسّسات الدولة كُـلّ في مجال عمله بما فيها وأهمها إنشاء الهيئة العامة للزكاة والتي شكلت باكورة طيبة تضاف إلى سجلات الثورة السبتمبرية الخالدة وعناوين الصمود اليمني في مواجهة تحالف العدوان السعوديّ الأمريكي والذي من ثماره هي هذه الهيئة الزكوية التي أُنشأت حديثاً لتعيش واقع الشعب ولتُصرف في مصارفها الذي حدّدها الله ورسم معالمها عكس ما كانت عليه في السابق إلى جيوب المنتفعين والفاسدين وحكَّام الجور.
الهيئة العامة وفي ظل القيادة الثورية والسياسية تعمل جاهدة لإصلاحات متعددة وبطرق مختلفة واستهدفت الكثير في مجالات شتَّى وباتت تُصرف وفق الشرع المحمدي السماوي وأصبحت مصدر رزق مكفول كما حكى الله عنها:
(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)
فقد رأينا الزكاة تشبع الجائع والفقير وتطعم المساكين والعاملين عليها وتكسو العريان وتسعد الغارمين وتُنفق في سبيل الله للمجاهدين وتؤوي عابري السبيل وتزوَّج المعسرين والمعدمين فريضة وفضلاً من الله ورحمة من قائد الثورة الذي جعلها هيئة تهتم بمن ذكرهم الله في مصارفها الثمانية، ولعلَّنا رأينا المبادرات والأعمال التي تتكفل بها الهيئة العامة للزكاة ومنها تزويج المعسرين في الأعوام الماضية وفي هذا العام الذي شهدنا زفاف ما يزيد عن سبعة آلاف عريس وعروس احتضنت زفافهم العاصمة صنعاء برعاية كريمة من رئاسة الهيئة وقيادة والثورة، وما هذه اللفتة الكريمة والتوجّـه الناصح والسليم إلَّا آية من آيات الله ونفحات إيمانية حقة أسعدت الآلاف من المستضعفين والفقراء والمحتاجين وأسعدت الشباب وهي تحتفي اليوم بزفاف كبير لم تشهد البشرية مثله قط 7200 عريس وعروس من عموم محافظات الجمهورية إضافة إلى ما يزيد عن 70 من أبناء الجالية الأفريقية في اليمن.
وما كان هذا ليتحقّق لولا وصايا وتوجيهات قيادة الثورة ممثلة بالسيد القائد والعلم المجاهد والمربي القُدوة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- وكذا حرص رئاسة الهيئة العامة للزكاة ممثلةً بالشيخ شمسان أبو نشطان، ومن معه في قيادة سفينة الزكاة، وكذا المتكلفين ورجال المال والأعمال وكل الخيِّرين والموفين بعدهم إذَا عاهدوا والذين هم للزكاة فاعلون.
ومع هذا التوجّـه والاهتمام يجب علينا أن نحمد الله ونشكره على نعمة القيادة المؤمنة الصادقة المجاهدة ونسأله تعالى الهداية والتوفيق والصلاح..