هيئة الزكاة توجّه ضربةً قاصمةً للعدوان
ألطاف المناري
عقودٌ مضت والزكاة لا تصلُ إلى مستحقيها، ولا تعطَى إلا لذوي الجاه والمال، غُيِّبَ دورُ الزكاة الذي شرعه الله لكل ذي حاجة وفاقه، فعم الفقر وانتشر الفساد، وأزداد حجم المعاناة في ظل الحرب الكونية على بلد الأوس والخزرج فسارعت المنظمات تحمل عناوينَ برّاقة، ومشاريع َإنسانية دست فيها السم الزعاف، فاستهدفت الشباب والشابات تحت عناوين مختلفة وبدل أن تساعدهم في التغلب على بؤس العيش سعت لأن تربط قوت يومهم بها فتذلهم وتجعلهم دمى في يدها لينفذوا كُـلّ مخطّطاتها الهدامة.
لم تستهدف المنظمات الشباب بمشاريع تقضي بها على بطالتهم، ولا لتزويجهم، وإنما استقطبتهم لإيقاعهم في وحل الرذائل والمفاسد الأخلاقية، ولم تكتفِ بالشباب والشابات بل استهدفت من يعول أسرة، وسهلت له كُـلّ سبل الوصول إلى الرذيلة، بدل أن تسعى لتحقيق أحلام الفقراء والبؤساء كالزواج، عملت بكل جهدها لتفكيك الأسر وهدم كُـلّ أواصر المحبة فيها، وللأسف وقع البعض في شباكها، فتشرد أطفاله على الأرصفة، وضاعت أسرته، وخسر حياته.
وأمام ما تقوم به المنظمات سعت هيئة الزكاة وبكل قدراتها على تنفيذ مشاريع استهدفت الفقراء والمساكين، والمعسرين، من باب المسؤولية والواجب الديني الملقى على عاتقها، ومن أجل حماية ذوي الحاجة من الوقوع في شباك المنظمات التي تسعى لهدم كُـلّ القيم والمبادئ في الشعب اليمني، ومنذُ تأسيس الهيئة وإلى اليوم حقّقت نتائج مبهرة، والعرس الجماعي الأكبر خير شاهد على حنكة القيادة والقائمين في الهيئة، فالعرس الجماعي استهدف عدة شرائح من المجتمع اليمني أهمها أحفاد بلال والجرحى، وكذلك بعض الجاليات.
هيئة الزكاة اليوم ومن خلال العرس الذي أقامته تقول لكل معطي الزكاة فلتقر أعينُكم أيها التجار وأيها الشعب المؤمن، فزكاتك تذهب في مصارفها الحقة، ليس كالسابق لا تدفع إلى مستحقيها بل إلى جيوب الحكام، فهنيئاً لمؤدي الزكاة الأجر والثواب، هنيئاً له البركة في ماله ورزقه، وعلى مَن لم يدفع زكاةَ ماله أن يسارع بدفعها ليسد رمق جائع، ولإسعاد شاب فقير، وتسكين متشرد بائس.
أي عمل أعظم وأقدم من أن يتزوج رجال بلغت أعمارهم خمسة وأربعين سنة! لم يكف دخلهم اليومي لتوفير متطلبات الزواج، فمضى بهم العمر وهم يحلمون بأن يكملوا نصف دينهم، وكم هو الفارق بين يمن الإيمان والحكمة الذي يمر في ظروف عصيبة وبين مملكة نجد، فاليمن يقيم حفلاً لتزويج 7200 عريس وعروس، لتحصينهم من المفاسد الأخلاقية، وحرصاً من القيادة على زيادة الروابط الاجتماعية، وفي المقابل تقيم كُـلّ شهر مملكة العُهر مهرجانات للرقص والغناء!
لا زال اليمن يمن إيمانٍ وحكمة، يمناً يتسع لكل العرب والأحرار، وما رأيناه في العرس الجماعي من تزويج لجاليات أفريقية وكأنهم في بلدهم لا فرق بينهم وبين إخوانهم اليمنيين يدل على أن زوالَ الظلم والجهل والفقر في العالم سيأتي على يد قائد الثورة العلم السيد عبدالملك الحوثي، وأن اليمن سينتصر؛ لأَنَّه ينتصر لكل مظلوم، وهيئة الزكاة توجّـه ضربة قاصمة للعدوان، فذلك العرس أحرق أوراقه، وأفشل خططه ورهاناته في إيقاع الشعب في حربه الناعمة التي تنفذها المنظمات، العرس الجماعي الكبير الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ اليمن والمنطقة الذي أقيم في العاصمة صنعاء وبمشاركة شعبيّة ورسمية يمثل نصراً للجبهة الاجتماعية، ويدل على إيمان هذا الشعب، وثباته وقوة تماسكه وفي ظل حرب تسعى لهدم كُـلّ عادة حميدة يتحلى بها.
نجاح هذا الحفل العرائسي لا يقل تأثيره على الأعداء من تلك الصواريخ تقصف معسكراتهم ومواقهم الحساسة بل هو أشد تأثيراً، فتزويج 7200 شاب وشابه في ظل الحرب والحصار الشديد يعني نجاح سير العمل في المؤسّسات الحكومية ونجاحها يعني وجود قيادة حكيمة ورشيدة، وَإذَا كانت الجبهة الاجتماعية بهذا الشكل وبهذا التنظيم وبهذه المسؤولية وبهذا النجاح فكيف بالجبهة العسكرية؟!
يرسل اليمانيون رسائل في أفراحهم وأحزانهم بأن اليمن سيظل مدرسة لتلقين العالم دروساً في الأخلاق والقيم والمبادئ، والصبر والثبات، وسيظل متفرداً في إيمانه وولائه لله ولرسوله ولأعلام الهدى، فلا حرب ناعمة تغويه، ولا حرب اقتصادية تعميه، ولا حرب عسكرية تذله وتكسره بل تقويه، وهو بفصل الله وبفضل القيادة القرآنية سيسعى لتحقّق ولو جزء بسيط من سبل العيش الرغيد لشعبٍ لم تزده الحرب إلا تماسكاً وقوة لان لها الحديد، وسيكون له النصر والفتح المبين.