رئيس منظمة إنسان للحقوق والحريات أمير الدين جحاف في حوار لصحيفة “المسيرة”: العدوان الأمريكي السعودي يتحمل مسؤولية قتل وتعذيب الأسرى في معتقلات المرتزقة
المسيرة – حاوره منصور البكالي
قال رئيسُ منظمة “إنسان” للحقوق والحريات، الدكتور أمير الدين جَحَّاف: إن وضعَ الأسرى والمختطفين في معتقلات مرتزِقة العدوان مؤلمٌ للغاية، حَيثُ يتعرَّضون لأشدِّ أنواع التعذيب، والبعض توفي، وآخرون تم بيعُهم للعدوان الأمريكي السعوديّ.
وأكّـد جحَّاف في حوار خاص مع صحيفة “المسيرة” أن الانتهاكاتِ في سجون مرتزِقة العدوان أسوأُ مما حدث في غوانتانامو وأبو غريب، محمِّلاً العدوانَ الأمريكي السعوديّ مسؤوليةَ قتل وتعذيب الأسرى في معتقلات المرتزِقة.
وأشَارَ جَحَّاف إلى أن مطاراتِ سيئون وعدن تحوَّلت إلى مطارات للموت والاختطاف، مطالباً بالضغطِ باتّجاه فتح مطار صنعاء، لافتاً إلى أن الرهانَ على الأمم المتحدة ضعيفٌ وهي شريك أَسَاسٌ في استمرار الحصار وإغلاق مطار صنعاء.
إلى نص الحوار:
– بداية دكتور أمير..؛ باعتبَاركم عشتم سنينَ في معتقلات مرتزِقة العدوان بمأرب، حدثونا عن الانتهاكات والأساليب التي تعرضتم لها داخل السجون وما الذي يحدث فيها بالضبط؟
في الحقيقة، لقد كان هناك تعذيبٌ جسدي وتعذيبٌ نفسي، وهناك ممارساتٌ بشعةٌ وشنيعةٌ، لا تمُتُّ إلى القيم الإنسانية بأية صلة، ويتم فيها ارتكابُ أبشع الجرائم، ويتم فيها قتلُ المدنيين، وَقتلُ الأسرى في تلك السجون، كما يتم فيها بيعُ الأسرى والمدنيين المختطَفين، ومن الأمثلة على ذلك صفقةُ بيع الدكتور مصطفى المتوكل، وهو مواطِنٌ ودكتورٌ في جامعة صنعاء، حَيثُ تم بيعُه لتحالف العدوان على بلادنا، وكذا المواطن ماجد مجاهد الجيلاني، تم اختطافُه في 2018م في شهر سبتمبر وتم بيعُه للتحالف أَيْـضاً.
كما أن هناك بيعاً لأسرى الحرب، وَقد حصل في السجن الذي كنت فيه عملياتُ قتل لبعض الأسرى والمختطفين، مثل ما حدث للحاج يحيى القحم، الذي تم ضربُه وركلُه في منطقة الحالب، وأُصيب بفشل كلوي، وقاموا بإدخَاله إلى عندي في العشر الأواخر من شهر رمضان بصفتي طبيباً، وهو مغطًى ببطانية، وكنت أظُنُّ أنهم رموا بشيء داخله أكل أَو سحور، فنظرت إليه وهو شائب لا يستطيعُ أن يتنفَّسَ، وبقي إلى الساعة التاسعة صباحاً، وبدأ ينازعُ، يعني لم يستطع التحدث، فكنا نطرُقُ البابَ وننادي: يا فندم الراجل يموت، فقال: يموت ما نزَّل بأبوه مأرب.. وتركوه إلى أن توفي –رحمه الله- فدخلوا إلى المعتقل، ونظروا إليه بمنتهى البساطة، ووجدناهم لا يحملون القيم ولا المبادئ الإنسانية ولا توجد فيهم الفِطرةُ الإنسانية على الإطلاق.
والحقيقةُ أن ما يتعرَّضُ له المواطنون المدنيون داخل المعتقلات، انتهاكاتٌ جسيمةٌ جِـدًّا، ولك أن تتخيَّلَ أن يصل المستوى إلى أن يخلع ملابس أسير حرب وإحراق القضيب بخنجر أوقد عليه بالنار، وهذه الانتهاكات بصراحة لم تحدث لا في معتقلات غوانتنامو ولا أبو غريب، ولو تحدثنا على تفاصيل ما كان يحصل في تلك المعتقلات، فلن تكفيَ المقابلة للحديث عنها.
وما أود أن أقوله إن هناك العشراتِ من المعتقلين أصبحوا مختلِّين عقلياً؛ بسَببِ ممارسات المسؤولين على سجون مأرب، ولا يزال مرتزِقةُ العدوان يمارسون اختطافَ الطلاب إلى اليوم، وهناك استحداثٌ في سجن الأمن السياسي بمأرب، وتم توسعته وعملُ عنابر جديدة، وأصبح عددُ المعتقلين فيه يصل إلى قرابة ٣٥٠ ويزيد عنه بتُهَمٍ ملفَّقة.
– تقول إن هناك معتقلين توفوا في السجن جراء التعذيب!
نعم، هناك الكثيرُ من الأسرى والمعتقلين الذين تم قتلُهم تحت التعذيب، ومنهم صادق القسيمي، الذي توفى بالسجن في مأرب وهو معتقل مدني من بني مطر، وَنصار الخولاني تم قتلُه بالسجن، وحامد العامري، من أبناء محافظة إب يعمل في الضرائب، إضافةً إلى ٥ أسرى من أبطال الجيش واللجان تم قتلهم بالسجن ذاته، كما أن هناك عدداً من الأكاديميين في سجون مأرب، وآخر من تحرّر منهم، كالدكتور مصطفى الحمزي دكتور أدب لغة انجليزي، والدكتور خليل الخطيب، دكتور في وزارة التعليم العالي وما زال، وكذا الدكتور مصطفى المتوكل تم بيعُه من مأربَ لقيادات العدوان.
– برأيكم دكتور أمير.. الانتهاكات التي كنتم تتعرَّضون لها داخل سجون مأرب هل هي ممنهجةٌ ومقصودة ومخطَّطٌ لها أم هي مزاجيةٌ مرتبطةٌ بشخصية الجلاد المكلَّف بالتحقيق معكم، ونفسياته ومعتقداته وأفكاره المضللة؟
طبعاً الجرائم التي كانت تُرتكَبُ والتي كانوا ينفذونها بالنسبة لسجن مأرب هم أناسٌ للأسف الشديد خريجو علوم قرآن كريم -كما يدَّعون- وخريجو جامعة الإيمان، ومثل هذه الانتهاكات التي تحصل للمدنيين هي نابعة عن دوافع حقد ودوافع مِن أجلِ إرهاب الشعب اليمني وبتوجيهات أكيد، ومن يقومون على السجن هم أناس يقومون باختيارهم بعناية، كما أن المعطيات تؤكّـد أن المدرسة مدرسة واحدة، والعدوّ عدو واحد متمثلاً بالعدوّ “الإسرائيلي”، وهؤلاء القائمون على السجون من سعوديّين وإماراتيين ومرتزِقتهم هم أتباع مدرسة واحدة، فعمار عفّاش كان يرتكب مثل هذه الجرائم، ومثل هذه البشاعة في سجون الأمن القومي، ونعرف من كانوا مشرفين على هذه الأجهزة الأمنية، وكذلك الآن إذَا بحثنا ودققنا سنجد أن من يقف وراء هذه السجون هم العدوّ الأمريكي و”الإسرائيلي”، ويسعون لتقديم نسخةٍ أشدَّ وأنكى من الانتهاكات التي تحصل بحق الشعب الفلسطيني.
فمدرسةُ الانتهاكات بحق الأسرى في سجون مرتزِقة العدوان في مأرب وفي الساحل الغربي وفي عدن لا تختلف ببشاعتها وما كان إعدام عشرة أسرى إلا تعبيراً عن عقيدة وحقد قيادة دول العدوان على هذا الشعب وعلى أبنائه، ومشاهد رمي الأسرى وجثثهم من أعالي الجبال أَو سحلهم في شوارع تعز أَو دفنهم أحياءً، وجهٌ آخر يحمل البصمات الأمريكية وإرهابها للشعوب، وهذه الوحشيةُ سيسجلها التاريخ في خطوط عريضة تقول إن مثل هؤلاء المرتزِقة الذين باعوا أنفسهم للأمريكي سجلت هذه الانتهاكات باسمهم.
إن هؤلاء يعتقدون حين يعذّبون الأسرى أنهم يتقربون إلى الله؛ باعتبَار أننا مجوس وروافض وإيرانيون، ولدينا واقعةٌ معينة أنه مثلاً عند زيارتنا لأحد جلاوزة التعذيب سألناه: هل هذا هو القرآنُ الكريم الذي تعلمته ودرسته؟ هل هو يعلمك أن تتعامل هكذا مع الأسير؟ قال لا! قلنا: ها كيف؟ فلم يستطِع الرد، فاكتشفنا من خلاله أن هذا الإنسان يعتبر الأسرى “مجوساً” “إيرانيين” ويجيز لنفسه ما يصنعه بهم بهذه الذرائع الكاذبة والواهية وغير المنصفة وغير المحقة أَيْـضاً، ويعتبر ذلك تقرباً إلى الله بتعذيبك.
– نفهم من كلامكم أن الفكر الوهَّـابي الدخيل على شعبنا منذ أكثر من خمسين عاماً، والأفكار المغلوطة والعقائد الباطلة لها دورٌ بارز ومهم في ذلك؟
الأفكارُ المغلوطةُ والعقائدُ الباطلة هي مَن تقفُ وراء كُـلّ هذه المساوئ والمشكلات التي تعاني منها أمتُنا العربية والإسلامية إلى اليوم، فحرّفوا العقيدة لتتناسَبَ مع مخطّطات قوى الهيمنة والاستكبار العالمي، وحوّلوا بُوصلةَ العِداء من العداء لليهود إلى العداء لأبناء الأُمَّــة وتحت مبرّرات ويافطات إعلامية ودعائية كاذبة، ليتمكّن من خلالها العدوّ خلخلة الصفوف وزرع التفرقة بين أبناء الأُمَّــة وتسهل له السيطرة عليها والتحكم بها.
– ما هي أبرز التهم التي كانت توجّـه لكم ولزملائكم المختطفين داخل سجون مأرب؟
ما أسهل تلفيق التهم خَاصَّةً عند جماعة ليس لديها قيم ولا مبادئ وهَمُّها كيفيةُ الحصول على المال والمكافآت من قيادات دول العدوان وضباطها الموجودين هناك، مقابل كُـلّ مختطف كان بريئاً أَو مشتبهاً به أَو غير ذلك، فهؤلاء يسعون لتحقيق المكاسب المالية ليس إلا، ومن التهم التي توجَّـه للمختطفين أنهم من الحوثة، أَو أن أسماءَهم وألقابَهم هاشمية، أَو أن فلاناً قريبُ القيادي فلان وهكذا.
– ما هي الأهدافُ التي تسعى قوى العدوان وأدواتُها من الوصول إليها لممارسة هذه البشاعة من الانتهاكات بحق الأسرى والمختطفين المسافرين؟
هناك أهدافٌ آنيةٌ، مثل تخويف الشعب اليمني ومحاولة إذلاله وإركاعه ودفعه إلى الاستسلام، وأهداف بعيدة المدى تتمثل في تقديم صورة مشوَّهة عن الدين الإسلامي وعن الحركات الإسلامية وعن الحروب بين المسلمين ومدى بشاعتهم ووحشيتهم، مقابل تلميع الصورة الصهيونية وطمس انتهاكاتها وجرائمها بحق الشعب الفلسطيني وكذا الجرائم الأمريكية في العراق وأفغانستان وسوريا، إضافةً إلى زيادة الضغط على القيادة السياسية والعسكرية في صنعاء وفرض شروط تعجيزية تمس الجانب العسكرية والسيادي لهذا البلد في المعركة السياسية على الطاولة، وما استمرار إغلاق مطار صنعاء الدولي إلا ذريعة لجر القيادة لتقديم تنازلات لم ولن تستطيع دول العدوان الحصول عليها في الميدان العسكري، لكنها تعوّل على استغلال الجانب الإنساني لعل وعسى.
ومن ناحية أُخرى، العدوُّ يراهنُ من خلال دفع أدواته لارتكاب المزيد من هذه الانتهاكات بحق المسافرين والأسرى ليوظِّفَها هو ويستغلها في توسيع الشرخِ داخل النسيج الاجتماعي بين أبناء الشعب اليمني الواحد وتعميق الحقد والكراهية والتفرقة والتقسيم، ليستطيعَ بذلك شرذمةَ الشعب وتقسيمه على أُسُسٍ طائفية ومذهبية ومناطقية، وهذا مكشوفٌ وواضح من أول يوم للعدوان على شعبنا اليمني، وجريمةُ السياني وغيرها من الجرائم الحية خير شاهد.
وبخصوصِ المرتزِقة الذين ينفذون هذه الانتهاكات ويصوِّرونها فهم مُجَـرّد أدوات تم تعبئتُهم تعبئةً خاطئةً، ويعملون بمكافآت وللحصول على المال، وهذا واضح من جريمة إعدام العشرة الأسرى ونشر المشاهد.
– أثناء ما كنتم في سجون مرتزِقة العدوان بمأرب ما هي المنظمات الدولية التي زارتكم؟
للأسف لم تزرنا أيةُ منظمة، غير منظمة “شاهد” التابعة لحزب “الإصلاح” والذين قاموا بتوجيه التُّهم لنا ولم يسألونا عن ما نعانيه أَو نحتاجُ له، بل قالوا: أنت قيادي حوثي، وهذا فلان أبوه هاشمي، وهذا… وَهذا…، ومن هذه الاتّهامات والتلفيقات، وأتذكر كان المسؤول عن تلك المنظمة التي زارتنا عبدالله البازلي.
أما منظمات دولية أَو الصليب الأحمر لم تزرنا أية منظمة، والسبب أن القيادة هناك لا تثق بما تعمله وبما تتعامل به مع الأسرى، وكما أن القرار ليس بيد مرتزِقة “الإصلاح” في مأرب بل هو في يد الأمريكي، بعكس ما يدور في صنعاء التي فتحت المجال لكل المنظمات لزيارة الأسرى في السجون وقدمت لهم كُـلّ الخدمات ولم يتعرضوا لأي عذاب، فهنا الواثق من نفسه وهناك غير الواثق من نفسه.
– جريمة قتل الأسرى الأخيرة في الساحل الغربي مشهد صادم لكل أحرار العالم، ماذا يدار بعيدًا عن الكاميرات في سجون مأرب وهل من أمثلة لجرائم مشابهة لما حدث في الساحل؟
جريمة قتل العشرة الأسرى في الساحل الغربي ليست الأولى بل سبقها الكثير من جرائم إعدام الأسرى، ومن الأمثلة التي حصلت في سجن مأرب بحق الأسرى والمعتقلين “مبخوت صالح النعمي -من مديرية نهم بمحافظة صنعاء، وَيحيى محمد الدموم -حجّـة كعيدنة، محمد ناجي عسكر مريط -الجوف، حسن عبدالله بن زيد الشريف -مأرب، يحيى أحمد القحم -حجّـة كحلان عفار، علي غثيم -صنعاء سنحان، عمار حسن المنعي -المحويت الطويلة، محمد العودري –صنعاء بني الحارث، فؤاد حميد مسعود -حجّـة حجور”.
– جرائم مرتزِقة العدوان وصل إلى حَــدّ اختطاف النساء، وتعتبر سميرة مارش نموذجاً لهن.. هل هناك أسماء أُخرى؟
بالفعل، لم تسلم النساء من الاختطاف وما سميرة مارش وسندس الجوفي إلَّا البداية في اختطاف النساء، وكذا أُمَّـة الله الحمادي تم اختطافها قبل فتره.
– يقال بأن مرتزِقة العدوان اعتقلوا جنسيات غير يمنية وأطفالاً.. ما حقيقة ذلك؟
جرائمُ الاختطاف والإخفاء القسري بمأرب لم تقتصر على حاملي الجنسية اليمنية، بل طالت العُماني والصومالي والفلسطيني، ووجهت لهم تهم بأنهم “حوثيون” وَمن هذا القبيل، ومنهم حسن محمد عبدالنور، صومالي خرج بعد ثلاثة أعوام، وعلي عبدالمحسن الشيخ، عُماني خرج بعد أكثر من عام، وسليم أبو معروف، فلسطيني تم تعذيبُه حتى الموت.
أما من الأطفال فمنهم على سبيل الذكر الطفل محمد الغويدي، محافظة صنعاء بني حشيش، والطفل أحمد الزغربي، صنعاء خولان الطيال، والطفل أنور الحوري، محافظة ريمة، وعارف الجبري، ذمار مغرب عنس، وعمر مزلم، محافظة ريمة، وغيرهم الكثير، وهؤلاء من الأطفال الذين لم تبلغ أعمارهم سن الـ 18 عاماً.
– الكثير من المعتقلين الذين تم اختطافهم من الطرقات وتعذيبهم وقتلهم كان من أبرز الأسباب إغلاق مطار صنعاء الدولي.. أليس كذلك؟
بالتأكيد، فإغلاقُ المطار يجبر المسافرين من أبناء المناطق والمحافظات الحرة على المرور بمحافظتَي مأربَ وعدنَ للحصول على جواز سفر والتحَرّك منهما نحو الخارج، فيكونوا صيداً سهلاً لمرتزِقة العدوان المُستمرّ في تلفيق التهم لهذا المسافر أَو ذاك، واقتيادهم إلى السجون، أَو الخطف والقتل، ولقد كنت أحدَ ضحايا إغلاق مطار صنعاء الدولي، وقام مرتزِقة العدوان باختطافي وأنا في الطريق للسفر والدراسة في الخارج، وحين مررتُ من مأرب، سُجنت لأكثرَ من أربعة أعوام، وكذلك بقية المسافرين الذين يختطَفون من الطرقات والمطارات في عدنَ وسيئون أَو يُقتَلون وهم في طريقهم للعودة إلى أرض الوطن مثل الطالب السنباني، والشواهدُ كثيرة، وسببُها الأول والأخير هو إغلاق مطار صنعاء.
– برأيكم.. من يتحمل المسؤولية بالدرجة الأولى عن كُـلّ هذه الممارسات والانتهاكات؟
يتحمل المسؤولية بالدرجة الأولى قوى العدوان الأمريكي السعوديّ ويشاركهم في ذلك الأممُ المتحدة والمنظمات الإنسانية والحقوقية التي لم تحَرّك ساكناً إلى اليوم، وهذا عارٌ كبيرٌ عليها.
– كيف تقيِّمون دورَ اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى في هذا الملف الهام؟
لجنةُ شؤون الأسرى تقومُ بجُهدٍ كبيرٍ جِـدًّا، وهي تابعة لوزارة الدفاع، وأمامَها ملفاتٌ كثيرة، وتحتاجُ إلى جهات مستقلة تقوم بمساعدتها، ومع هذا لا نزالُ بحاجة إلى تحَرُّكٍ فاعلٍ من المنظمات الإنسانية والحقوقية الفاعلة في هذا المجال، ولكنها هي كذلك مشتتة بين أعمال واسعة وكثيرة؛ نظراً لجرائم العدوان والحصار، وما خلفه من مآسٍ بحق الشعب اليمني.
– تديرون منظمة “إنسان”.. ما دورُكم في هذا الجانب؟
منظمة “إنسان” للحقوق والحريات ستكون الصوتَ المعبِّرَ عن هؤلاء الأسرى والمسافرين المختطفين في سجون المرتزِقة، ولن نتوانى في تقديم كُـلِّ الجهود لإيصال مظلوميتهم إلى الجهات الدولية، وإلى كُـلّ أحرار العالم؛ كي يعرفوا ما يصنعه العدوانُ الأمريكي السعوديّ بشعبنا اليمني منذ 7 أعوام.
– ما الذي دفعكم لإنشاء هذه المنظمة؟ وما هي أهدافكم؟
الدافعُ هو إصدارُ جهة تمثل صوت المعتقلين والأسرى وضحايا الحرب التي لا توجد جهة تتبنى مواضيعهم وهمومهم ومشكلاتهم، وبالنسبة للجنة شؤون الأسرى فهي مختصةٌ بأسرى الحرب، أما بخصوص جمع معلومات وانتهاكات لما يتعرض له المختطفون المدنيون والمسافرون في سجون العدوان فلا يوجد أيةُ جهة تمثلهم، وعلى سبيل المثال والد عبدالملك السنباني، لم يجد الجهةَ التي يذهبُ إليها ويتابع عبرَها عن ولده وعن الجناة المجرمين، كذلك العديد من الزملاء الذين كانوا في الأسر والاختطاف خرجوا ولم يدروا إلى أية جهة يذهبون ليقدموا معلومات، أَو يرفعون دعاوى، ولا يوجدُ من يتبنى قضايا هؤلاء، ولهذا نحن ندعو الجهاتِ الرسميةَ إلى دعمنا لنقومَ على أرجلنا ونوثق ونرصُدَ ونجمع البيانات ممن خرجوا وعن مصير وحال من لا يزالون في السجون أَو تم إخفاؤهم وقتلهم هناك.
ونحن في صدد البداية ونعمل، وفقاً للأهداف التالية:
- حماية الأشخاص من الإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي والدفاع عنهم ومناصرتهم.
- المساهمة الفعالة في حماية حقوق المتضررين المدنيين معتقلين، مختطفين، ضحايا الحصار والتدمير.
- تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الثقافية للمختطفين والمخفيين قسراً، وأسرهم ورفع الضرر عنهم.
- مناصرة وممارسة الضغط والحملات على الكيانات التي تقوم بالاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري.
- توفير تحليلات قانونية على المعتقلين والمخفيين قسراً.
- الضغط والتحشيد لدى المنظمات الدولية.
- تقديم الدعم اللازم للمتضررين المدنيين “الإخفاء القسري والاعتقال التعسفي، ضحايا الحرب والحصار”.
- إيصال صوت المدنيين المعتقلين والمختطفين والمرضى نتيجة الحصار الذين لا يستطيعون السفر، إيصال أصواتهم إلى المنظمات الدولية والحقوقية.
– كيف تعاملت المنظمات الإنسانية والحقوقية ووسائل الإعلام الخارجية معكم بعد خروجكم من سجون مرتزِقة العدوان في مأرب، وإصداركم لكتاب رحلة خلف القضبان؟
للأمانة منذ خرجت لم تسأل عنا أية جهة، ما لم نذهب نحن إليها ونتحَرّك إليها، والمنظمات الموجودة بصنعاء لا تطلب شهادات أحد وهي تعمل وفق أجندة ترى أنها تعود عليها بالفائدة والمصالح ولا يهمها الإنسان الذي هو مُجَـرّد شماعة لتصل إلى ما تريد الوصول إليه من المعلومات أَو المصالح، فلم تتواصل بنا أية وسيلة إعلامية خارجية ولا أية منظمة دولية بل ترجمنا الكِتابَ إلى اللغة الانجليزية، وأرسلنا منه نسخاً إلى الخارج ولبعض الناشطين والقنوات، ولم نُدرِكْ أيَّ ردود فعل من قبلها سوى من فريق خبراء اليمن الذي أخذ منه معلومات حول التعذيب داخل سجون مأرب فقط.
– كيف تقيِّمون دور المنظمات الإنسانية والحقوقية في الضغط على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ودول العدوان لرفع الحصار عن مطار صنعاء الدولي؟
الأمم المتحدة ومنظماتها شريكٌ أَسَاسٌ في استمرار الحصار وإغلاق مطار صنعاء، والرهانُ على الأمم المتحدة ضعيفٌ ولا جدوى منه.
– أخيرًا.. ذكرتم في منشور سابق أنكم قمتُم بزيارة أحد الجلَّادين لكم في سجون مأرب بعد أن أصبح اليومَ أسيراً في صنعاء.. حدثنا عن ذلك؟ وكيف كانت ردة الفعل؟
لقد تفاجأ الجلادُ، وشعر أن الدنيا قصيرةٌ وتعاملنا معه بقيمِنا وأخلاقنا القرآنية، فكانت دموعُه ورعشةُ جسده مثيرةً للشفقة في قلوبنا، فقبلناه على رأسه، وأعطيناه كُـلّ ما في جيوبنا من المال وذهبنا، ونحن نلحظ عليه الندم والقهر على ما كان يصنعه في حقنا من العذاب والشتم والإهانة، ولكن أثبتنا له أن قلوبنا لا تحمل الحقد على أبناء وطننا وأن عدونا الحقيقي هو الأمريكي و”الإسرائيلي” وليس هم.
– رسالة أخيرة؟
رسالتي للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والحقوقية بأن يقوموا بدورهم، لا أن يكونوا شركاءَ في الجرائم والانتهاكات، وأول اختبار يضع الجميع على المحك هو الضغطُ باتّجاه فتح مطار صنعاء، وإن كنا صادقين وجادين في واجبنا الإنساني والحقوقي؛ لأَنَّ مطارات سيئون وعدن تحوّلت إلى مطارات للموت والاختطافات، حسب وصف طلاب اليمن، والشواهد كثيرة على تواطؤ الأمم المتحدة مع قوى العدوان في هذا المِلف، كما نُحِبُّ أن نهمِسَ في أُذُنِ الأمم المتحدة ونقول لها: “شعبُنا اليمني فقد الثقةَ بكِ كوسيطٍ يسعى إلى الحل”.. بل صار يرى بأنها تسعى لاستدامة العدوان وجرائمه وانتهاكاته لتستمرَّ مصالحها ومصالح الموظفين فيها.