قاب قوسين أو أدنى
د. فاطمة بخيت
موقع استراتيجي، معالم سياحية، ثرواتٌ نفطية وغازية جعلت السعوديّة تهتمُّ بمحافظة مأربَ اهتماماً كَبيراً جِـدًّا، وتجعلُها تحتَ رعايتها منذ عشرات السنين، فأولتها عنايةً خَاصَّةً، أنشأت فيها الجماعاتِ التكفيرية وَفرَّختها إلى بقية المناطق والمحافظات، حتى أصبحت وكأنها محافظة تابعة لها، وسيطرت عليها بشكل أكبرَ بعد عدوانها على اليمن عن طريق حكومة المرتزِقة، وأنشأت فيها أكبرَ قاعدة عسكرية لقوات التحالف السعوديّ- الأمريكي، تضم أكثر من عشرة ألوية عسكرية.
بعد كُـلّ هذه الجهود التي بذلتها في تهيئةِ هذا المكان لصالحها، ليس من السهل على السعوديّة وحلفائها الأمريكان والإسرائيليين أن تخرج محافظة مأرب عن نفوذهم وسيطرتهم، ليفقدوا بذلك أهمَّ معقل لهم، فيوماً بعد آخر يتضحُ بشكل أكبر حجم الخوف والقلق الذي يصل حَــدَّ الرعب من تقدم الجيش واللجان الشعبيّة نحو مركز المحافظة، وخَاصَّة بعد تحرير أغلب مديريات المحافظة من قبضتهم.
يأتي هذا التقدم والانتصارات المتلاحقة واليمن يعاني عدواناً غاشماً وحصاراً ظالماً على مدى 7 أعوام، ومعاناة تتفاقم بشكل كبير، وتمتد تداعياتها على مختلف نواحي الحياة في هذا البلد، مع صمت مطبق من العالم المنافق الذي لم يحرك ساكناً حيالَ ما يحدث من انتهاك صارخ لكل القوانين الإنسانية والأعراف الدولية، حتى الأمم المتحدة بدت عاجزةً عن اتِّخاذ موقف جاد تجاه هذا العدوان الذي قتل ودمّـر وشرّد وحاصر الشعبَ اليمني، ها هي اليوم تقف مع الجلاد ضد الضحية، ليتضح دورها المشبوه، وتبعيتها لقوى الاستكبار.
وقد بدت الهزيمة النفسية لهذا العدوان تتجلى أكثرَ فأكثرَ عندما تم تحريرُ مديريات محافظة مأرب واقتراب الجيش واللجان الشعبيّة من المدينة من خلال تكثيف الغارات وارتكاب المجازر الوحشية بشكل يومي بحق الأبرياء من أبناء هذا الشعب، وتدمير الممتلكات والمنشآت الخدمية وتشديد الحصار لتضييق الخناق عليه.
أما المرتزِقة فقد أصبحوا يعانون وضعاً صعباً جِـدًّا لما يحدُثُ في مأرب، تعكسُه تصريحاتُهم على وسائل إعلامهم، وحالة التخبط والانهيار تارةً، وتبادل التهم بالخيانة لبعضهم البعض تارة أُخرى، حتى وصل بهم الحالُ إلى تخوين رئيس شرعيتهم المزعومة، كمبرِّر لهزائمهم المتوالية.
ترسانتهم العسكرية المتطورة، والأعداد الكبيرة للمرتزِقة الذين جمعوهم من شتى الأماكن والبلدان، أصبحت –بقوة الله- عاجزةً عن إحرازِ تقدُّم على الميدان، خَاصَّةً مع الوعي المتزايد لأبناء الشعب اليمني بحقيقة هذا العدوان على بلدهم، وحقيقة المشروع القرآني الحضاري الذي يسعى لعزة وكرامة ورقي الإنسان، ليكون في المقام الذي أراد له المولى عز وجل أن يكون فيه خليفةً له على أرضه، ليتحرّر من قيود العبودية والذل والخنوع لقوى الطاغوت والاستكبار، ذلك الوعي الذي تجلى من خلال انضمام الكثير من أبناء القبائل للجيش واللجان الشعبيّة، والوفود القادمة من محافظتَي مأرب والبيضاء للقاء السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله- وتجديد العهد والولاء.
ستفشل مخطّطاتُهم اللاحقة كما فشلت مخطّطاتُهم السابقة، رغم توحُّشهم وإجرامهم وحصارهم الجائر، وكما تحرّرت الكثير من المناطق اليمنية، ستتحرّر مأرب قريباً –بإذن الله- مع كُـلِّ شبر من هذه الأرض، وسيذهبُ الخونةُ والعُملاءُ إلى مزبلة التاريخ، كما ذهب أسلافُهم على مر التاريخ، ولن يبقى على أرض اليمن سوى الأحرارِ من أبنائها.