لماذا نحيي ذكرى الشهداء؟
إلهام الأبيض
الذكرى السنوية للشهيد التي هي ذكرى للعز والإباء ذكرى للثبات والشموخ، ذكرى لكل قيم الحق والخير والعدالة، ذكرى تُحيي فينا من جديد روح المسؤولية، وتزيدنا من جديد عزماً إلى عزمنا وثباتاً في مواقفنا وصموداً في مواجهة التحديات والأخطار.
في هذه الذكرى نستذكر ثقافة الشهادة، ونستذكر الشهداء بما قدموه لنا من دروس وعبر، ونستذكر إسهاماتهم العظيمة والمجيدة والخالدة، ونستذكر واقعنا وما نتحمله من مسؤوليات تجاه هذا الواقع.
حينما نحيي الذكرى إنما نحيي أَيْـضاً ونرسخ في واقعنا مبدأ الشهادة في سبيل الله تعالى، في سبيل الحق، في إقامة العدل في مواجهة الظلم والطغيان والإجرام، وخُصُوصاً ونحن في هذه المرحلة وفي هذا العصر نواجه كـشعوبٍ مستضعَفةٍ تحدياتٍ كبيرةً، نواجه قوى الطغيان العالمية وقوى الاستكبار وقوى الإجرام بأياديها داخل مناطقنا وشعوبنا وكذلك بمكرها الكبير وطغيانها وإجرامها الهائل.
ولذَلك مهما كانت التحديات ومهما كانت الصعوبات مهما كان حجم الأخطار، فَـإنَّ أُمَّـة تعشق الشهادة في سبيل الله تعالى هي ستظل الأُمَّــة الصامدة، والأمة الثابتة، والأمة القوية التي لا تهزها ولا تحنيها العواصف الجسام ولا الأحداث الكبار، ستبقى هي الأُمَّــة التي لا تكبل بقيود وأغلال الخوف والمذلة والمسكنة ولا تُستعبد بالترهيب ولا تُستضام ويهيمن عليها بالسطوة والجبروت والبطش من الطغاة والظالمين والمجرمين.
من المهم جِـدًّا الاهتمام بهذه الثقافة التي تُحيي فينا العزة والإباء في زمن نحن أحوج ما نكون فيه إلى أن نرسخ في أنفسنا العزة وأن نحيي في وجداننا الإباء في زمن سعت قوى الطغيان بكل إمْكَانياتها وبكل الوسائل والأساليب، بالبطش والجبروت بالغزو الثقافي والفكري، بالنشاط الإعلامي المضلل، إلى أن ترسخ في نفوس الشعوب ثقافة الهزيمة، وروح اليأس والاستكانة! وكذلك حالة الإذلال والقبول بالهوان؛ لأَنَّها ترى في ذلك السبيل الميسر للهيمنة على المستضعفين وللتحكم بشؤونهم وبمصائرهم.
نحن اليوم بثقافتنا القرآنية كشعوب مستضعفة مسلمة، نحيي في أنفسنا كُـلَّ عوامل الصمود وكل العوامل التي تمدنا بالأمل في مواجهة اليأس، وبالقوة في مواجهة الضعف وبالعزة في مواجهة المذلة، لنكون فعلاً بمستوى مواجهة التحديات ولنكون بالاستعانة بالله تعالى والاعتماد عليه والتوكل عليه، واكتشاف كُـلّ عناصر القوة التي نختزنها فيما وهبنا الله كشعوب مستضعفة من إمْكَانات ومقدرات نفسية ومعنوية ومادية وثقافية وفكرية نستفيد منها، فتكون فعلاً نعم عوامل القوة والثبات والصمود.
نحن اليوم حينما نستذكر شهداءنا الأبرار فَـإنَّنا نستذكر منهم الدروس والعظة والعبرة، نستذكر منهم المجد والصمود والإباء.