حضور استراتيجي متصاعد للدفاعات الجوية اليمنية في معادلات “تغيير الموازين”
عبد السلام: قدراتنا تتطور باستمرار وعلى العدوّ أن يدرك ألا خيار أمامه سوى وقف العدوان ورفع الحصار
خلال 9 أَيَّـام.. إسقاطُ طائرتي تجسس ومقاتلتين بدون طيار واعتراض (F15)
في الوقت الذي يتخبط فيه النظام السعودي باحثاً عن ذخائر “دفاعية”:
المسيرة | خاص
شهد ميدانُ المواجهة مع قوى العدوان الأمريكي السعوديّ ومرتزِقتها، منذ مطلع الشهر الجاري، حضورًا متزايدًا واستثنائيًّا للدفاعات الجوية اليمنية، حَيثُ تمكّنت من إسقاط أربعِ طائرات بدون طيار معادية، بينها مقاتلتان، إضافةً إلى اعتراض طائرة حربية من نوع “F15″، في سلسلة إنجازات نوعية متتالية كشفت خلال عشرة أَيَّـام فقط تعاظم القدرات الدفاعية التي بدأ تطويرها خلال السنوات القليلة الماضية من مرحلة الصفر بجهود محلية وفي ظروف بالغة التعقيد والصعوبة، الأمر الذي يعزز استراتيجية قلب الموازين، ويمثل صفعة مدوية لتحالف العدوان الذي يعتمد بشكل رئيسي على سلاحه الجوي.
عصر الجمعة، عرض الإعلامُ الحربي مشاهدَ جديدةً وثّقت عمليةً نوعيةً اعترضت فيها الدفاع الجوية طائرة (F15) تابعة لسلاح الجو السعوديّ، بصاروخ “أرض جو” من نوع “فاطر1” المصنع محليا.
وبحسب المتحدث باسم القوات المسلحة، العميد يحيى سريع، فقد كان الطائرة تنفذ أعمالاً عدائيةً في أجواء مديرية “الجوبة” بمحافظة مأرب، الخميس، عندما تم اعتراضها و”إجبارها على المغادرة”
وعرضت مشاهدُ الإعلام الحربي عملية رصد الطائرة أثناء تحليقها في أجواء المديرية، كما عرضت انطلاق الصاروخ، وتتبعه للطائرة التي حاولت المناورة لكن الصاروخ أصابها وأجبرها على المغادرة فورًا.
وتعتبر هذه واحدة من العمليات اللافتة والاستثنائية للدفاعات الجوية اليمنية؛ كونها تبرز القدرة على استهداف المقاتلات الحربية المتطورة التي يعتمد عليها تحالف العدوان بشكل رئيسي في المعركة، ويعتبرها “نقطة قوته” الوحيدة في الميدان.
على الرغم من أن معطياتِ ونتائجَ المعارك قد أثبتت عمليًّا طيلة السنوات الماضية أن عمليات الاسناد التي تنفذها هذه الطائرات الحربية لقوات العدوّ محدودة الفائدة، في مقابل بسالة وشجاعة وتكتيكات الجيش واللجان الشعبيّة، إلا أن دخول الدفاعات الجوية على خط هذه المواجهة بتقنيات قادرة على إصابة واعتراض هذه الطائرات، يعني حرمان العدوّ حتى من تلك الفائدة المحدودة وهو ما يعني انهيار كامل لقواته التي بات معلوماً أنها لا تستطيع أن تتحَرّك شبراً على الأرض بدون إسناد جوي، وبالتالي اكتمال عناصر هزيمته العسكرية المدوية.
النجاحُ في اعتراض طائرة الـ”F15″ لا يأتي من قبيل “الصدفة”، فقد أثبتت قواتُ الدفاع الجوي خلال السنوات الماضية قدرتَها على مواجهةِ العديدِ من أنواع الطائرات الحربية المعادية وتمكّنت من إسقاط عدد منها، في إطار مسار تطوير المنظومات الدفاعية.
هذا المسارُ برَزَ مؤخّراً بملامحَ مدهشةٍ تؤكّـد أنه قد تصاعد بثبات وبخُطًى راسخة إلى مستويات عالية، سواء على مستوى تصنيع وتطوير المنظومات الدفاعية، أَو على مستوى مساحة انتشارها، بما في ذلك جبهات المواجهة التي مثلت مشاركة تلك المنظومات فيها إضافة استراتيجية أسهمت بشكل كبير في نجاح العديد من العمليات العسكرية الكبرى على الأرض مثل “ربيع النصر” و”البنيان المرصوص” وغيرهما.
ومنذ مطلع الشهر الجاري لوحظ حضور واسع واستثنائي وغير مسبوق لقوات الدفاع الجوي في معركة المواجهة، وبالذات في مأرب، حَيثُ تمكّنت الدفاعات الجوية من إسقاط أربع طائرات بدون طيار معادية، اثنتان من نوع (سكان إيغل Scan Eagle) أمريكيتين، وطائرتان مقاتلتان من فئة (CH4) التي تعتبر نسخة صينية من طائرات (MQ9) الأمريكية المقاتلة والتي تعتبر من مفاخر “الدرونز” الأمريكية.
وأعلن المتحدث باسم القوات المسلحة أن طائرتَي (CH4) الصينتين تم إسقاطهما بصواريخ من منظومة لم يكشف عنها بعد.
ومن بين الطائرات الأربع، تم إسقاط اثنتين (من الفئتين) خلال 24 ساعة فقط، يوم الأربعاء الفائت، في إنجازٍ نوعي أكّـد بشكل قاطع على أن تطور قدرات الدفاع الجوي يقوم على أرضية صلبية كفيلة بمواجهة التقنيات الحديثة للطائرات المعادية، كما أكّـد على أن هناك اليوم مخزوناً استراتيجياً من صواريخ “أرض – جو” المصنعة محلياً، بما يكفي لخوض هذه المواجهة وتسجيل انتصارات تأريخية فيها.
هذا أَيْـضاً ما أكّـده رئيس الوفد الوطني المفاوض، وناطق “أنصار الله” محمد عبد السلام، الذي قال في اليوم نفسه: إن “قدرات القوات المسلحة اليمنية ومنها الدفاعات الجوية –بحمد الله- في تطور مُستمرّ”، مُشيراً إلى أن إسقاط طائرتي Scan Eagle الأمريكية وCH4 الصينية، خلال يوم واحد، وغيرها من الإنجازات الميدانية المُستمرّة، تمثل دلالة واضحة على هذا التطور.
وَأَضَـافَ عبد السلام: “على العدوِّ أن يدركَ ألا خيارَ أمامه سوى المبادرة بإعلان وقف العدوان ورفع الحصار”، في إشارة واضحة إلى ما تصنعه هذه الإنجازات من تحولات استراتيجية تضاعف المأزق العسكري للعدو إلى أقصى حَــدٍّ.
وتُضافُ إنجازاتُ قوات الدفاع الجوي خلال الثلث الأول من هذا الشهر إلى إنجازات سابقة، حَيثُ ارتفع عددُ طائرات (Scan Eagle) الأمريكية التي نجحت القوات المسلحة في إسقاطها خلال هذا العام إلى ثمان طائرات، فيما ارتفع عددُ طائرات (CH4) المقاتلة الصينية إلى 12 طائرة منذ بدء الحرب بحسب تقديرات أولية، وهو ما يجدد التأكيد على أن منظومات الدفاع الجوي اليمنية قد باتت قادرة على تحييد هاتين الفئتين من “الدرونز” المعادية بشكل تام.
وإلى جانب هذين النوعين، هناك قائمةٌ متميزةٌ تضم أنواعاً مختلفة من أحدث الطائرات المعادية المأهولة وغير المأهولة التي تمكّنت الدفاعات الجوية من إسقاطها منذ بدء الحرب، علماً بأنه تم إسقاط عدة طائرات من كُـلّ نوع تقريبًا، ويمكن القول إن قوات الدفاع الجوي قد تمكّنت من تحييد أنواع أُخرى إلى جانب (Scan Eagle) وَ(CH4) على امتداد مسار تطوير المنظومات الدفاعية.
صحيفةُ المسيرة كانت قد استعرضت سابقًا أبرز أنواع “الدرونز” (المقاتلة وغير المقاتلة) التي تم الإعلان عن إسقاطها منذ بدء الحرب، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: (MQ9 ريبر) الأمريكية “الحاصدة”، وَ(MQ1 بريداتور) الأمريكية “المفترسة”، وَ(RQ20 – بوما) الأمريكية، وَ(سكان إيغل Scan Eagle) الأمريكية، (CH4) الصينية، وَ(وينغ لونغ 1و 2) الصينيتان، وَ(كاراييل) التركية، وكلها من أبرز وأحدث أنواع الطائرات بدون طيار، ومن أغلاها ثمنا.
وشهد مسار تطوير قدرات الدفاعات الجوية اليمنية إنجازات ثقيلة العيار فيما يتعلق بالطائرات الحربية المعادية، حَيثُ تمكّنت من إسقاط وإصابة واعتراض عدة طائرات أبرزها: تورنيدو، و”F15″، و”F16″، إلى جانب عدد من مروحيات “أباتشي”.
هذا الإنجازاتُ المتتاليةُ والمتنوعةُ تؤكّـدُ بشكل واضح على أن مسارَ تطوير قدرات الدفاع الجوي مضى تصاعدياً وبخُطًى ثابتةٍ لا مجال فيها للمصادفات، وُصُـولاً إلى ما نشهده اليوم من حضور واسع وكثيف، الأمر الذي يمثل صفعة كبرى لتحالف العدوان بالنظر إلى أن مجال الدفاع الجوي بالذات كان من المجالات التي بدأ تطويرها من الصفر؛ بسَببِ تدمير قوى العدوان والولايات المتحدة للقدرات الدفاعية اليمنية بشكل كامل، وبالنظر أَيْـضاً إلى الظروف الصعبة و”المستحيلة” التي جرى فيها هذا التطوير تحت القصف والرصد والحصار الخانق.
ومن خلال تهديد الطيران الحربي وتجريده من “مميزاته” وفاعليته في المواجهات، مع تحييد أنواع كثيرة من الطائرات بدون طيار، يمكن القول بشكل عام إن مسار تطوير قدرات الدفاع الجوي قد وصل حَـاليًّا (بحسب ما هو معلَن فقط) إلى نسبة مرتفعة من “تحييد” سلاح الجو المعادي، وهو اختراق نوعي هائل لم يكن بالحسبان أبدا، ويبشر بتغيير كبير في موازين المعركة العسكرية التي بات تحالف العدوان على وشك أن يخسر آخر أسلحته فيها.
ولعل من مظاهر هذا التغيير الكبير في موازين المعركة أَيْـضاً، المفارقة التي بروز تطور القدرات الدفاعية اليمنية بالتزامن مع حديث وسائل الإعلام الأمريكية عن اقتراب نفاد الذخائر الدفاعية السعوديّة، وتعاظم مخاوف المملكة من استمرار الضربات اليمنية على العمق السعوديّ، في نفس الوقت الذي تتعاظم فيه قدرات الدفاع الجوي على مواجهة الهجمات السعوديّة على المحافظات والمدن اليمنية!