عطاءٌ حتَّى الخلود
رويدا البعداني
في الوقتِ الذي توشك فيهِ الحربُ أن تضع أوزارها، ويخمدُ أورها، ويتهاوى دخانها، تحل علينا ذكرى الشهيد فنقف وقفة فخر وإجلال ونحنُ نُرتل آيات الحمد على أضرحة الشهداء.. الشهداء الذين سقوا الأرض رحيقاً بدمائهم الطاهرة، لنعيش على تراب هذا الوطن في سلام وطمأنينة.
جميعنا نعلمُ أنَّ شعبنا اليمني العظيم منذُ سبع سنوات عجافاً يواجهُ عدواناً غاشماً جهولاً وما زال، في ظلِ صمتٍ أممي وخذلان دولي، غيرَ أن هذا الشَّعب تَجَشَّم لظى الحرب حتَّى الرمق الأخير؛ كونه ما اعتاد العبودية قط، وهُنا تجلت المواقف المشرفة، وارتسمت البطولات الجسام على أرض المعارك، واشتعل البأس اليماني مُدافعاً، وحتَّى هذه اللحظة ما زالت المعنويات نفسها، والهِّمة ذاتها، ولم ولن يتوانى هذا الشعب حتى يبلغ النَّصر محله، ويرتشف عبير الحرية من على تراب وطنه.
فلا يكاد يمر جُمادى الأولى إلا وتطلُ علينا الذكرى السَّنوية للشّهيد التي تُعانق منازل الشهداء، وتواسي أطفالهم وأسرهم، وهذا لا يعني أنَّ للشَّهيد يوماً محدّداً، فذكراه تتجددُ وتفوح رياحيناً عبقة في كُـلّ آن، إنما على سبيل التفرد والاحتفاء بهذه الذكرى العظيمة.
الكثير يعرفُ أُسر الشُّهداء، ويحصي خسارتهم الفادحة ولكن القلة من يضعونهم نُصب الأهميّة، ويقدمون لهم الرّعاية السَّامية، في حين أن هذا أقل واجب يُقدم لهم عرفاناً وتكريماً، لذا كان هذا اليوم أشبهُ بوسام يمنحُ كُـلّ عام للرجل الذي ترك منزله وأهله وأطفاله ليذود عن أرضه، كما هو محطة تذكير لمواساة أسر الشهداء، وتفقُّد أحوالهم، ومساندتهم على أعباء الحياة، وهكذا سيغدو هذا الشَّعب معطاءً حتى الفناء.