لا تحسبنَّ الذين استشهدوا ماتوا

 

احترام المُشرّف

هم الأحياء حقاً، هم القادة، هم السادة، هم الأبقى، هم الأنقى، هم سلسلة الصفاء الذين اقتدوا وساروا في طريق قاداتهم النجباء، فكل قاداتهم شهداء فإمامهم شهيد المحراب الإمام علي عليه السلام، وقائد ثوراتهم شهيد كربلاء الإمام الحسين عليه السلام، وقائد مسيرتهم شهيد مران حسين البدر رضوان الله عليه، ورئيس دولتهم شهيد الغدر صالح الصماد رحمة الله تغشاه، وبين هؤلاء وفي ركب هؤلاء قوافل من الشهداء الذين هم نجوم الأرض ونور السماء.

عرفوا أي ناس هم قاداتهم وأي رجال هم أئمتهم فانطلقوا كأسود الوغى حازمين أمرهم أن لا يعودوا إلَّا وهم منتصرون بإحدى الحُسنيين، وفازوا وكانوا في ركاب الخالدين، أبت نفوسهم الأبية أن يأتي عليها يوم ولا تكون في سفينة النجاة وكانوا من الناجين فهم الأحياء الذين لا تُلصق بهم صفة الموت ولا تليق بأجسادهم الطاهرة أن تبلى وتكون تراباً.

نظروا إلى الدنيا بكل ما فيها فلم تملأ أعينهم ولم ترضى بها قلوبهم ولم تقنع بها عقولهم، فقالوا لها أنت لا تليقين بنا فإما أن نعيش فيكِ مجاهدين أعزاء أَو نغادرك شهداء كرماء، فتسابقوا لنيل المجد وتدافعوا في باب الجهاد وتنافسوا على نيل الشهادة وربحوا بيعهم مع الله وفي سبيل الله.

وما كلماتنا عنهم لتزيدهم شرفاً فهم الشرفاء وما دخولنا روضاتهم إلَّا لكي يكون لنا الشرف في دخولها ولكي تسموا أرواحنا ونحنُ في رحابهم ويكون لما تسطره أقلامنا مكانٌ في الخالدين، أما أن بمقدور أحد أن يصفهم فهذا هو المحال فهم أناس ليسوا منا وإن عاشوا ردحاً من الزمن بيننا، ولسنا منهم وأن كنا أهلهم وعشيرتهم، فمن جاد بروحه راضياً مطمئناً قابلاً مختاراً هو ليس بالملائكي هو فوق مرتبة الملائكة فليس للملائكة جانب شهواتي مما تميل إليه النفس من زوجة ومال وولد، أما الشهداء فقد تركوا الأهل والمال والولد وبذلوا المُهج فكيف يكون لهم أشباه إلَّا من كان منهم.

عندما أنظر ملياً إلى روضة الشهداء التي تزينت بها قريتنا بشهداء من أبنائها ومن القرى المجاورة وقد سكنها خيرة أبنائها وكواكبها الذين عاشوا بيننا ولم نكن نعرف كم المسافة التي بيننا وبينهم.

نعم عاشوا بيننا ولم نكن نعرف أننا نعيش بين كوكبة من أولياء الله الصالحين الذين أخفوا كراماتهم لتتجلى لنا وقد أصبحوا في روضاتهم متجاورين، أقف ملياً أمام روضاتهم وأنا أحيّيهم وأعرف تماماً أنهم يردون التحية بمثلها وأقول في نفسي هل تركتمونا وهل خلت حياتنا من أمثالكم.

ويأتيني الجواب وأنا أشاهد مجموعة من الشباب يدخلون إلى روضة الشهداء وقد حزموا أمتعتهم وودعوا أهلهم وأتوا لتحية من سبقهم في درب الجهاد وبعد أن وقفوا في خشوع أمام من سبقوهم، رأيتهم وقد رفعوا أسلحتهم مردّدين شعار الحق:

الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لِإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام.

وانطلقوا متوجّـهين إلى الجبهات عازمين إلَّا يعودوا إلَّا منتصرين أَو شهداء.

انثنيت عائدة وقد أتاني الجواب بأني أعيش على أرض كُـلّ من فيها أولياء فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com