زراعة الحمضيات في اليمن.. بيئة خصبة تنتظر الرعاية والاهتمام

 

المسيرة – محمد صالح حاتم

تمتلئ الأسواقُ اليمنية بمحاصيل الحِمضيات (البرتقال – اليوسفي- اللّيمون) مع بداية فصل الشتاء، وتحديداً شهر نوفمبر من كُـلّ عام، وهي ذات فوائد صحية كبيرة؛ لاحتوائها على فيتامينات عدة، منها فيتامين C التي يحتاجها الجسمُ خلال فصل الشتاء.

وانتشرت زراعةُ الحِمضيات (البرتقال واليوسفي والليمون) في محافظات يمنية عدة، وخَاصَّة المناطق الدافئة من المرتفعات الوسطى، في الأودية، والمنحدرات الطويلة المطلة على سهل تهامة في الحديدة، وفي “حمام علي” في “ذمار” شمالاً، وكذا في بعض مناطق “البيضاء” و”رداع” وسط اليمن، وفي “أبين” جنوباً، ومأرب شمال شرق، وهي الأكثر إنتاجاً على مستوى اليمن، وكذا حضرموت وعمران.

وخلال العقود الماضية تعرضت أشجار البرتقال في محافظة الحديدة والحمضيات بشكل عام لعملية اقتلاع؛ بسَببِ تفشي مرض أصاب الأشجار، فتم إصدار قرار من وزارة الزراعة بقلع كامل أشجار الحمضيات من المحافظة، وهو ما تسبب في تقليص المساحة المزروعة، وتدني كميات الإنتاج.

المساحة وكميات الإنتاج

وتحتل الحمضيات ما نسبته 13 % من مساحة الفواكه في اليمن:

أولاً: البرتقال:

تنتشر زراعة البرتقال في محافظات يمنية عدة، أشهرها محافظة مأرب، وبحسب كتاب الإحصاء للعام 2019م، فقد بلغت المساحة المزروعة بالبرتقال في اليمن حوالي (7869) هكتاراً، وبلغت كمية الإنتاج السنوي (119084) طناً.

وبحسب المصدر نفسه، فقد جاءت “محافظة مأرب” في المرتبة الأولى في زراعة وإنتاج البرتقال، حَيثُ تقدر المساحة المزروعة بحوالي (4507) هكتارات، وكمية الإنتاج (70712) طناً، وتلتها “محافظة الجوف” بمساحة (1571) هكتاراً، والإنتاج (20989) طناً، وجاءت “محافظة صعدة” ثالثًة بمساحة تقدر بحوالي (294) هكتاراً، وكمية الإنتاج (7456) طنًّا.

وتوزعت بقية المساحة وكمية الإنتاج على بقية محافظات اليمن.

وأصناف البرتقال المزروعة في اليمن هي: “البرتقال المُر” ومنها: “النارج”، و”البرتقال الحلو”، أهمها “أبو سرة” المبروم، و”أبو سرة” تحتوم (نافليت ونافلينا) والعادي، ومنها البلدي، فالنسيا (السكري).

ثانياً: اليوسفي:

تبلغ المساحة المزروعة باليوسفي في اليمن -حسب كتاب الإحصاء الزراعي للعام 2019م- (1252) هكتاراً، وبلغت كمية الإنتاج (20280) طنًّا.

وجاءت محافظة صعدة في المركز الأول إنتاجا ًبكمية (5040) طنًّا، وفي مساحة (217) هكتارًا، ومن حَيثُ المساحة جاءت محافظة مأرب في المركز الأول بمساحة تقدر بحوالي (350) هكتاراً، وكمية الإنتاج (4741) طنًّا، و”محافظة الجوف” ثانيًا بمساحة (309) هكتارات، وبلغت كمية الإنتاج (3526) طنًّا، وتوزعت المساحة وكمية الإنتاج الباقية على بقية محافظات اليمن.

أصناف اليوسفي: “مندري” مثل البلدي، و”أبو فلس” قشرة حمراء (كرفنتينا)، والمعنق.

ثالثاً: الليمون:

بلغت المساحة المزروعة بالليمون في اليمن في العام 2019م حسب كتاب الإحصاء الزراعي (2496) هكتاراً، وكمية الإنتاج (25668) طنًّا.

وتصدرت “حضرموت” المحافظات اليمنية مساحة وإنتاجاً، (955) هكتاراً، والإنتاج (10550) طنًّا، ومحافظة الحديدة ثانياً بمساحة (366) هكتاراً، وكمية الإنتاج (4014) طنًّا، وتوزعت المساحة الباقية وكمية الإنتاج على بقية المحافظات.

أصناف الليمون المزروعة في اليمن: الليمون الحامض المخرفش (بلدي، حلو)، والأظاليا (يوريكا، الشبونة)، ومن الليمون الهندي الجريب فروت لب أبيض مارش، وذات اللب الأحمر، وغيرها.

ويوضح مدير مكتب الزراعة والرّي بمحافظة صعدة المهندس “زكريا المتوكل” أن زراعة البرتقال في المحافظة تدهورت في الآونة الأخيرة بشكل كبير على صعيد المحافظة (الصفراء، سحار، صعدة، وأجزاء من مجز) لدرجة أنها كادت تختفي، ولم يتبق إلا في عزلة (آل سالم) بمديرية كتاف؛ وذلك نتيجة لانتشار مرض (الموت التراجعي) الذي أصاب أشجار البرتقال بشكل كبير.

ويرجع المتوكل سبب ذلك -كما يرجحه المختصون- لعدم وجود أصول محترمة، مؤكّـداً أن زراعة البرتقال لم تعد توجد إلا في “آل سالم” بمديرية كتاف؛ وذلك نتيجة لخصوبة تربتها، وتوافر المياه فيها، وهو ما ساعد على انتشارها في المنطقة.

ويكشف المهندس زكريا أن المساحة المزروعة في “آل سالم” تتراوح ما بين 500- 600 هكتار، وتبلغ كمية الإنتاج حوالي 4000 طن، مُشيراً إلى أن أصناف البرتقال الموجودة في صعدة هي البرتقال العادي، والبرتقال أبو سرة (المغربي)، وأصناف اليوسفي صنفان:

الأول: يوسف أفندي. والثاني: الوزان، وهو الأكثر جدوى في التسويق؛ كون قشرته سميكة، ويتحمل النقل والتحميل ما قبل وما بعد الحصاد.

ويشير المهندس “زكريا” إلى أن موسم جني البرتقال واليوسفي يبدأ في المحافظة من بداية شهر نوفمبر، ويستمر إلى نهاية ديسمبر، مُشيراً إلى أن خطة التسويق لموسم البرتقال واليوسفي تتم عبر مراكز لإعداد الصادرات تابعة لبعض المستثمرين، ومنها “مؤسّسة ارتقاء” التي تقوم بعمليات الفرز والتدريج والتشميع للفواكه، وهو ما تم القيام به العام الماضي، والذي شهد قيام بعض التجار بشراء البرتقال من “محافظة مأرب”، وتم فرز وتشميع وتغليف وتخزين وتبريد كميات كبيرة وقت ذروة الإنتاج، وإخراجها للسوق خلال ندرة الإنتاج، مؤكّـداً أن هذا الإجراء عزز من سعر المنتج وقت الذروة، وتوفير المنتج أَيَّـام الندرة.

ويوضح المتوكل أن هناك خططاً للنهوض بزراعة الحمضيات في صعدة، وذلك عن طريق شراء بذور من صنف برتقال ثلاثي الأوراق المشوك؛ كون هذا الصنف مقاوم للملوحة، والجفاف والنيماتودا، منوِّهًا إلى أن التوسع في زراعة الحمضيات في صعدة سيكون عبر المشاتل الموجودة في المحافظة، ومنها “مشتل آل سالم”، و”مشتل حيدان”، و”سحار”، و”مشتل في مجز” و”سحار”.

ويضيف “المتوكل” أن هناك ما يقارب 12 ألف شتلة من الليمون البلدي سيتم توزيعها على المزارعين؛ بهَدفِ التوسع في زراعة الليمون.

فوائد الحمضيات والأمراض التي تصيبها

وتحتوي الحمضيات على الفيتامينات، مثل: فيتامين CA، وB12، وَB2، وB1، وفيتامين السترين، وتحتوي على نسبة عالية من الألياف، وكذلك على الأملاح المعدنية، مثل: المغنسيوم، والكالسيوم، والبوتاسيوم، كما تحتوي على الفوسفور، والبروم، والكلور، واليود، والصوديوم، والنحاس، والحديد، وتمد الجسم بالسكريات قليلة الدهون.

وتصاب الحمضيات بالحشرات القشرية، العناكب، البق الدقيقي، كلب الموالح، صانعات الأنفاق، التقرح البكتيري الاخضرار، التصمغ، أَو تعفن الجذور، ذبابة الموالح السوداء، برغوث الموالح، الذبابة البيضاء، التدهور السريع، الانتراكوزا، مرض مالسيكو، النيماتودا.

ويقول مختصون: إن انتشار الأمراض والآفات الزراعية التي تصيب الحمضيات، وكذا غياب التسويق الزراعي، وعدم وجود ثلاجات تخزينية للحمضيات في أثناء ذروة الإنتاج، واستيراد البرتقال وبشكل كبير، وعدم الاهتمام بالتصنيع الغذائي للحمضيات، مثل: العصائر والمربيات، وغيرها، والتي- إن وجدت- ستعمل على ارتفاع أسعار منتجات الحمضيات.

التسويقُ الزراعي للحمضيات

ويقول نائب مدير إدارة التسويق الزراعي والتجارة الخارجية، علي هارب: إنه وَبهدف تنظيم تصدير واستيراد السلع الزراعية، وحيث إن المنتج المحلي من محصول البرتقال على وشك النزول إلى الأسواق، فقد صدر تعميمٌ من الأخ نائب وزير الزراعة إلى مستوردي البرتقال بعدم إدخَال أية كميات من البرتقال الخارجي أَو تداوله في الأسواق ابتداءً من تاريخ 15 أُكتوبر 2021م؛ وذلك لما فيه مصلحة المنتج المحلي، مُشيراً إلى أنه تم إصدار تعميم وإشعار إلى مستوردي الفواكه من الإدارة العامة للتسويق والتجارة الزراعية، وذلك بمنع تداول وعرض منتج البرتقال الخارجي ابتداء من 15 أُكتوبر 2021م، مُضيفاً أنه تم إصدار تعميم آخر وإشعار أخير، وَأن الإدارة -وعبر لجان التفتيش وبالتعاون مع الجهات المختصة- ستقوم بمصادرة أية كمية من البرتقال المستورد سواءٌ أكانت موجودةً في الأسواق أَو في المنافذ.

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com