السعوديّة تجسست على رئيس لجنة الخبراء المحقّقين في اليمن عبر “بيغاسوس” الإسرائيلي
كمال الجندوبي:
– هذه ممارسات “دولة مارقة” حاولت تشويهَ الفريق بكل الوسائل وعملت على إنهاء مهمته
– توقعنا استهداف اللجنة منذ 2018؛ لأَنَّ نتائج التحقيقات أزعجت السعوديّة والإمارات
صحيفة “الغارديان” البريطانية:
المسيرة | متابعة خَاصَّة
على الرغم من نجاحِ تحالُفِ العدوان في إنهاء عمل لجنة الخُبرَاء الدوليين المحقّقين في جرائمه في اليمن، بعد ممارسة ضغوطٍ فاضحةٍ على مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إلا أن “الفريق” لا زال حتى الآن يُدينُ الرياضَ وأبو ظبي ورعاتَهما، ويفضحُ أساليبَهم القذرةَ التي تؤكّـدُ بشكل قاطع أن منعَ استمرار التحقيق الدولي في الانتهاكات جاء في إطار مسلسلٍ من محاولات ممنهجة ومعلَنةٍ لتضليل العالم عن حقيقة ما يجري في اليمن؛ مِن أجلِ الاستمرار بارتكاب المزيد من الجرائم الوحشية.
في فضيحة مدوية جديدة لتحالف العدوان وللنظام السعوديّ بشكل خاص ضمن هذا السياق، نشرت صحيفةُ الـ”غارديان” البريطانية، أمس الاثنين، تقريراً يكشفُ تعرُّضِ هاتف التونسي كمال الجندوبي، رئيس لجنة الخبراء الدوليين المحقّقين في انتهاكات الحرب على اليمن (التي تم حلها)، للاختراق من قبل شبكة تجسس إسرائيلية تستعين السعوديّة والإمارات بخدماتها.
وبحسب الصحيفة، فَـإنَّ عملية التجسس “حدثت قبل أسابيع فقط من إصدار الجندوبي وفريق الخبراء التابع له تقريرًا دامغًا خَلُصَ إلى أن التحالف الذي تقوده السعوديّة في حرب اليمن قد ارتكب انتهاكاتٍ جسيمةً للقانون الإنساني الدولي يمكن أن تؤديَ إلى مسؤولية جنائية عن جرائم حرب”، الأمر الذي يشيرُ بوضوح إلى أن تحالف العدوان بقيادة السعوديّة كان يهدفُ لإعاقة صدور هذا ذلك التقرير؛ للتغطية على جرائمه.
وقالت الغارديان: إن تحقيقاً أجرته بالتعاون مع وسائل إعلام أُخرى، وجد أن رقمَ هاتف الجندوبي يظهرُ في قائمة بيانات مسرَّبة في مشروع “بيغاسوس” التجسسي التابع لشركة (NSO) الإسرائيلية، والذي ظهرت مؤخّراً العديد من الفضائح بخصوص استخدامه للتجسس لصالح أنظمة خليجية على رأسها السعوديّة والإمارات.
وَأَضَـافَ التقرير أن “القائمة المسربة تضمنت أعداداً من الأفراد الذي اختارهم العملاءُ الحكوميون لمجموعة NSO الإسرائيلية، كأهداف محتملين للمراقبة” مؤكّـداً أن “البيانات تشير إلى أنه تم اختيارُ الجندوبي كهدفٍ محتملٍ للمراقبة من قبل المملكة العربية السعوديّة، والتي كانت عميلًا قديمًا لـ NSO قبل أن يتم إسقاطها في وقت سابق من هذا العام بعد مزاعم بأنها أساءت استخدام أدَاة المراقبة”
وبحسب التقرير، فقد وصف الجندوبي استهدافَ هاتفه بأنه يمثل أفعالُ “دولة مارقة”، وقال: “لا توجدُ كلماتٌ أُخرى. بصفتنا محقّقين دوليين، من المفترض أن نكون محميين على الأقل، لكنني لست متفاجئًا على الإطلاق. لقد كنت قلقاً بشأن هذا منذ عام 2019”.
وَأَضَـافَ الجندوبي: “علمنا أنه من المحتمل استهدافُنا [اللجنة] منذ نشر تقريرنا لعام 2018. لقد أحدث هذا التقريرُ صدمةً في المملكة العربية السعوديّة والإمارات العربية المتحدة. لم يتوقعوا مثلَ هذه النتائج”، في إشارة إلى ما وثّقه التقريرُ من جرائم حرب وانتهاكات جسيمة ارتكبها تحالفُ العدوان بقيادة السعوديّة والإمارات وأتباعه في اليمن.
وَأَضَـافَ الجندوبي: “لقد استخدموا كُـلَّ دعاياتهم ووسائلِ إعلامهم لتشويه سُمعتنا وتشويه عملنا. كُـلّ شيء متوقع منهم، حتى تصويت 2021 الذي أنهى مهمتنا”.
وقال بأن استهداف هاتفه يكشف عن أساليب دولة لا تهتم “بالالتزامات والحد الأدنى من القواعد الدولية”.
ونقل التقريرُ عن “ميليسا بارك”، المحقّقة في فريق الخبراء البارزين والنائبة الأسترالية السابقة، قولها: إن “الدعوات إلى المساءلة عن الجرائم المرتكَبة في اليمن ستزدادُ في أعقاب هذه الفضائح”.
وقالت الغارديان: إن الخبراءَ في مختبَر الأمن التابع لمنظمة العفو الدولية ومختبر Citizen، الذين يبحثون عن هجمات المراقبة الرقمية المعقدة، وجدوا آثارَ “بيغاسوس” على هاتف الجندوبي المحمول، وهذه الآثارُ ترتبطُ أَيْـضاً بطابع زمني في قاعدة البيانات يشير إلى وقت اختيار الرقم.
وقال الخبراء: إن التحليلَ أظهر أن “أحد عملاء NSO حاول اختراق الجهاز”.
وحول عملية الاختراق، يوضح التقرير أنه “إذا تم استهدافُ الهاتف ببرنامج (بيغاسوس) التجسسي التابع لـNSO، فَـإنَّ مشغِّلي البرنامج يتوفرُ لديهم وصولٌ كاملٌ للهاتف، بما في ذلك القدرة على اعتراض المكالمات الهاتفية وقراءة الرسائل النصية والتسلل إلى التطبيقات المشفرة وتتبع الموقع الفعلي للفرد، ويمكن لبرامج التجسس أَيْـضاً تحويلُ الهاتف المحمول إلى جهاز استماع عن طريق التحكم عن بعد بمسجل الصوت”.
ونقل التقرير عن روبرت كولفيل، المتحدث باسم ميشيل باتشيليت، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان قوله: “إن استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والسياسيين هو مُجَـرّدُ مثال آخر على كيف يمكن أن تتحولَ الأدوات التي يُزعم أنها تهدفُ إلى معالجة المخاطر الأمنية إلى أسلحة ضد الأشخاص المخالفين”.
وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولي، أغنيس أغنيس كالامارد، التي عملت سابقًا مقرّرة خَاصَّة للأمم المتحدة: إن استهدافَ الجندوبي “صادمٌ وغيرُ مقبول”.
وأضافت: “إن استهدافَه أثناءَ التحقيق في الانتهاكات وعلى يد طرفٍ رئيسي في النزاع، يَدُلُّ على ما هو أكثرُ بكثير من السخرية والاستخفاف القاسي بمبدأ المساءلة، على الرغم من أنه كذلك بالتأكيد.. إنه يشيرُ إلى مزيدٍ من الأدلة المستهجنة على تجاهل السلطات السعوديّة التام للقانون الدولي، واستعدادها لفعل أي شيء للحِفاظ على إفلاتها من العقاب، ويظهر مرةً أُخرى عدم احترام تام للأمم المتحدة والصكوك المتعددة الأطراف وإجراءات حقوق الإنسان”.
وقالت الصحيفة: إن التعليقاتِ التي تلقتها من قبل الأمم المتحدة على هذه المعلومات كانت “فاترةً”، وهو أمرٌ غير مستغرَبٍ بالنظر إلى أن ضغوط “الترهيب والترغيب” التي مارستها السعوديّة؛ مِن أجلِ إنهاء عمل فريق الخبراء، بحسب ما أكّـدت الصحيفة في وقت سابق من هذا الشهر.
وكانت “الغارديان” قد ذكرت في تقريرٍ مطلعَ ديسمبر أن الضغوطَ التي مارستها السعوديّة؛ مِن أجلِ دفع أعضاء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للتصويت ضد تجديدِ ولاية فريق الخبراء، تضمَّنت “استغلال الوصول إلى الأماكن المقدَّسة في المملكة”، حَيثُ هدّدت السعوديّةُ بأنها لن تعترفَ بشهادات التطعيم الإندونيسية ضد فَيروس كورونا للإندونيسيين الذين يسافرون للحج إلى مكة.
وذكرت الصحيفة أَيْـضاً أن الإمارات انخرطت في حملة الترهيب والترغيب تلك، وأغرت دولةَ السنغال بتوقيع مذكرة تفاهم لإنشاء مجلس أعمال إماراتي سنغالي مشترك، يهدفُ لتعزيز التعاون بين البلدين، وهو ما حدث بعد أسبوع فقط من التصويت.
وتشكل هذه المعلوماتُ فضيحةً مدويةً تؤكّـدُ أن استمرار التجاهل الأممي والدولي لجرائم وممارسات تحالف العدوان والنظام السعوديّ، يمثل تواطؤًا واضحًا وتشجيعًا فَجًّا للرياض ورُعاتها على مضاعفة انتهاكاتها الوحشية واستخفافها بالقوانين الدولية.