أوجهُ التشابه والاختلاف بين الزَّكَاة والرِّكَاز
صالح مقبل فارع
هُنَاكَ أوجه تشابه وأوجه اختلاف بين الرِّكَاز “الْخُمُس” والزكاة، نلخصها فِيْمَا يأتي:
■ أوجه التشابه:
يتشابه الرِّكَاز والزكاة فِيْ عِدَّة أشياء وَهِيَ:
1- الْوَلايَة، فولاية النوعين وَاحِدَة، وَهِيَ الدَّوْلَة ممثلة فِيْ الْهَيْئَة الْعَامَّة لِلزَّكَاةِ.
2- كَمَا يتشابهان فِيْ الوجوب، فكلاهما واجب عَلَى كُـلّ مَن يحوزه.
3- ويتشابهان أَيْـضاً فِيْ البلوغ، فَلَا يشترط البلوغ لمالك كليهما.
4- كَمَا يتشابهان فِيْ مصرف الْمَسَاكِيْنَ، فالمسكين مصرف لكليهما.
5- كلاهما مَشْرُوْع من اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلا للبشر أي دخل فِيه أَو فِيْ تقديره أَو تشريعه.
■ أوجه الاختلاف:
يختلفان فِيْ عِدَّة أوجه وَهِيَ:
1- التعريف:
■ فالزكاة هِيَ نصيبٌ من المال مقَدَّرٌ شرعاً يؤخَذ من أموال الأغنياء والموسرين ويُعطَى لمستحقيه الثمانية المذكورين في الآية رقم 60 المذكورة في سورة التوبة، بناء على أُسُسٍ وشُرُوطٍ مُحدّدةٍ، وهي من الحقوق الأَسَاسية والمعلومة من الأموال، ومُقَدَّرَةٌ بمقدار معلوم أَيْـضاً، ومُقَيَّدَةٌ بضوابط شرعية يجب الالتزام بها.
■ أَمَّا الركاز: هو المال الذي في باطن الأرض سواءٌ أكان بخلق الله تَعَالَى كالمعادن من ذهب وفضة وماس وياقوت ونحاس ورصاص ونفط وحديد وفحم وغيرها أَو بفعل الإنسان وهو المال الذي يتركه أَو يدفنه الناس في الأرض وليس جزءًا منها ويسمى كنزًا.
فالركاز يشمل المعدن والكنز، وسمي ركازًا؛ لأَنَّ كُـلّ واحد منهم مركوز في الأرض، فالمعدن مركوز في الأرض بأصل الخلقة أي بصنع الله سبحانه وتَعَالَى، والكنز هو ما كان مركوزًا بصنع البشر، فالركاز يشمل كُـلّ ما استخرج من باطن الأرض سواء من أصل الخلقة أَو مما دفن فيها.
2- الشروط:
■ فشروط الزَّكَاة غالبًا: هِيَ: الإسلام، والمِلكية، والنصاب، والتمكين، وأن يحول عَلَيْهِ الحول، باستثناء بَعْض الأموال الَّتِي لا تشترط النصاب وَلا تشترط حَوَلان الحول مثل الزروع والثمار وَمَا أَخْرَجت الأرض.
■ أَمَّا الرِّكَاز فَلَا يُشْتَرَطُ فِيْهِ التمليك وَلا الإسلام وَلا النصاب وَلا حولان الحول، بَلْ يجب فورًا بمُجَـرّد وجود الغنيمة.
3- الْمَال المُزَكَّى والمال والمُخَمَّس:
■ فمال الزَّكَاة متعدد ومتنوع، بين الأموال الباطنة وَهِيَ الذَّهَب وَالفِضَّة والنقدين وكل مَا هُوَ مُخزَّن، والأموال الظاهرة: وَهِيَ أموال التجارة وَكَذَلِكَ الثروة الحيوانية [الإبل، البقر، الغنم، العسل]، وَكَذَلِكَ فِيْ كُـلّ مَا أَخْرَجت الأرض من زروع وثمار.
■ أَمَّا مال الرِّكَاز فَهُوَ وَاحِد لا ثَانِي لَهُ، وَهُوَ الْغَنَائِم. أي: أموال الغنيمة. وَهِيَ ثَلاثَة أنواع إما غنائم الحرب والمعركة. وإِمَّا الثروات الظاهرة والباطنة الموجودة في الأرض، وإِمَّا الخراج والمعاملة وما في الذمة.
4- المقدار:
■ فمقدار الزَّكَاة متعدد بحسب الْمَال المزكَّى، وهُوَ العُشُر أَو نصف العُشُر أَو رُبُع العُشُر بحسب الْمَال المزَكَّى.
■ أَمَّا الرِّكَاز فمقدارُه موحد وَهُوَ الخُمُسُ “20 %”.
5- المصارف:
■ مصارف الزَّكَاة ثَمَانِيَة، وَهُمْ: الْفُقَرَاءُ، وَالْمَسَاكِينُ، والعَامِلُونَ عَلَيْهَا، وَالْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ، وَفِي الرِّقَابِ، والغَارِمُون، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وابْنُ السَّبِيلِ. وهم الأصناف المذكورون فِيْ قوله تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة:60].
■ أَمَّا مصارف الرِّكَاز فعددهم سِتَّة وَهُمْ: اللَّه، وَالرَّسُوْل، وذَوُوْ القُرْبَى، واليَتَامَى، وَالْمَسَاكِيْنُ، وابن السَّبِيْلِ. وَهِيَ التي ذكرها الله سبحانه وتَعَالَى في قَوله تَعَالَى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُـلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الأنفال:41].
6- التكرار:
■ تجب الزَّكَاة عَلَى شكل دوري ومتكرّر وسنويًّا، أي: عند تمام كُـلّ عام، أَو عند حصول الحصاد. فمتى تَمَّتْ السّنة يجب الزَّكَاة عَلَى نفس الْمَال المزكى فِيْ السّنة الْمَاضِيَة، وَهَكَذَا، وَقَدْ تجب زكاتان من مال وَاحِد فِيْ آنٍ وَاحِد.
■ أَمَّا الرِّكَاز فَلَا يجب إِلَّا مرة وَاحِدَة فَقَطْ، وَهُوَ عِنْدَمَا توجد الغنيمة فَقَطْ، وَلا يتكرّر بتكرّر الْعَام.