صرخةٌ من الصميم
العلامة / محمد محمد المطاع
خشيةً مِن أن يسألَني اللهُ عن صمتي وتقاعُسي عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهل يوجدُ منكرٌ على وجه الأرض أشدُّ من هذا المنكر القادم من الجارة الكبرى على اليمن؟، أنا على يقين أن السؤالَ آتٍ أن لم أواجه هذا المنكرَ بما أستطيع.
كيف لا والقرآنُ الذي هو حجة عليّ يصرخ في وجهي ويقول (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) أفلا أكون واحداً من هذه الأمة ورسالة العالم طوق في عنقه لا تبرأ ذمته إلّا بأدائها؟ ولما كان هذا المنكر قد حمله الطغيان والكبر والزهو وتظافرت على حمله كُلّ قوى الشر والشيطان وأجهزت على شعب مسلم مؤمن تعلم الوحدانية وهو يحبو على الأرض وشرب رحيق الإسلام قبل أن يولد الموحّدون.. كان حتماً عليّ وفرضُ عين أن أواجهَ هذا المنكر بما أستطيع وقد رأيت أن أخاطب المباشر والآمر والممول وهو ولي أمر الشقيقة الكبرى. أقول له: ما الذي حملك أن حشرت كُلّ رؤساء الكفر وكل مرتزقة العالم بما يحملون من سلاسل وأغلال وأدوات قاتلة ومدمرة على شعب اليمن المسلم المسالم؟ ما الذي حملك إن كنت من تلقاء نفسك فقد خلعت العقال ولبست الظلال من رأسك حتى أخمص قدميك، وإن كنت ذراعاً لليهود والنصارى فقد انغمست في سبغتهما وكنت كما صرخ القرآن في وجهك وقال (ومن يتولهم منكم فإنه منهم)؟!.
أنا أسألك ثانية – وإن كان السؤال في الوقت الضائع – أَليس الشعب اليمني شعباً مسلماً موحداً مؤمناً؟ أَليس هو جار أول لك؟ أَليس هو أول من مد يده للمصافحة والسلام مع جاره عبر التأريخ؟ أَليس السيد الذي أراد أن يصلح ما أفسده ولاة أمر الشقيقة، أعلن بانه يريد علاقة طيبة متوازية مع المملكة؟ أفي هذا الشعار غبن عليك؟ لماذا فرضتم على الشعب اليمني شخصاً كان في صف المستعمر البريطاني إبان تحرير الجنوب اليمني وفرضتم عليه سنتين كانتا عِجافاً أفسد ما بقي فيها من الصلاح، وعلى شطط تجرع الشعب السنتين حتى انتهيا وبعصاكم الغليظة ومن تقمصكم من اليهود والنصارى استمر سنةً بعد السنتين بدون شرعية وأنها كما يقال على مذهب الطبنجة، ثم فر هارباً من غضب الشعب إليكم ليقول: لكم انتهت عمالتي معكم. فإذا بكم تردونه وتعلنون للعالم أنه الشرعي!!، أما تخجلوا حتى من اليهود والنصارى الذين ألبسوكم أوساخهم؟ أَليس وبهذا الإفك تقتلون شعباً وتذبحون بشريته وتجلبون المجرمين من العالم كله ليذبحوا ويشهدوا بالذباحة؟ ما هكذا يا سلمان.. تعال انظر ما صنعت طائراتُ التحالف في جارك الملاصِق لك. تعال لتشاهد الأطفال الرُّضَّع وقد اختلط عظمُهم بعظام أمهاتهم. تعال لتشاهد طائرات الحلف الساقط الذي باع كرامته وإسلامه ورجولته بالمال الذي هو مال المسلمين. تعال لتشاهد مئاتِ المدارس والمعاهد والمساجد كيف طحنتها طائرات التحالف. تعال لتشاهد آلاف المساكن وقد سوّتها طائراتك بالأرض وقطعت أوصال ساكنيها. تعال لتشاهد المستشفيات وقد تحولت قبوراً لمرضاها. تعال لتشاهد المقابر اليمنية وقد اكتظت بمن فيها حتى بدأ الدفن الجماعي.. تعال لتشاهدَ البُنية التحتية كيف حوّلتها طائراتك إلى صحراء قاسية تشبه تصحُّر عقليتك. تعال لتشاهد الطوابير على الوقود والغاز وعلى الماء وعلى حليب الأطفال وعلاج المرضى. تعال يا سلمان انظر ما صنعته يداك في اليمن.
وإذا أردت أن أخرجك من هذا المأزق الذي وقعت فيه فإني أشك أن تهتديَ إلى ما يمكن أن يشهدَ لك بالندم والتراجُع، وهو أن توقف العدوان وتقول للحلفاء إلى هنا وكفى، خذوا طائراتكم ففيها من النجاسة ما لا يطهرها البحر بأكمله، وأعلن لليمن اعتذارك واطلب هادي وبحاح والعبيد الذين شريتهم وأودعهم السجن كفارةً لليمن، وأعلن للشعب اليمني بأنك تتحمل بناء كل ما هدمته في اليمن وتتحمل ديات الشهداء وتقر من الميزانية للجرحى والمعاقين والشهداء، وادخل إلى السجن كُلَّ من دفعك وأفتى لك وحرّضك على قتل اليمنيين، وابنك المراهق اربطه في حبل مع الحمير على الأقل يتعلم منها فقد تكون أدرى منه في الرفس والركض والنهيق.. هل تفعلُ هذا يا سلمان؟؟ إني أشهد الله أني قد أدَّيت واجبي ونهيتُ عن المنكر وأمرتُ بالمعروف، فَإن فعلها سلمان فسوف نرد أمرَه إلى الله وإن لم يفعلها فهو في النار؛ لأنه قاتل عمد لمعصومي الدم ويشهد على إجرامه ومن تحالف معه ورضي بأفعاله الثقلان الجن والإنس، وسوف يظل وصمة عار هو ومَن تحالف معه ورضي بقتل اليمنيين عبر التأريخ.
أما بين يدي الله فسوف تتعلق النساء والأطفال والشيوخ بدمائها وأشلائها في عنقه، وها هو يسمع النذير (ومَن قتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنمُ خالداً فيها وغضب اللهُ عليه ولعنه وأعدَّ له عذاباً عظيماً).. هذا فيمن قتل مؤمناً واحداً فما بالك بقتل شعب كامل!؟ والذي لم يقتله بالطائرات قتله بالمرتزقة الذين جلبهم من كُلّ العالم، وَكذلك بالحصار الخانق.
أما المنافقون المحليون الذين يتجسسون على المسلمين المؤمنين المرابطين ويحددون أماكنَ ضرب الطائرات، فقد باعوا كرامتهم وأخلاقهم ودينهم ووطنهم فإنهم لا يقلون سوءاً ولا إجراماً من سلمان وولده المعتوه ومَن تحالف معهم.
أما الشعب السعودي الشقيق فليس بينه وبين اليمن إلّا الجوار والإخاء، وقد عرف اليمنيين وهم يشاطرونه في البناء والزراعة وغيرهما بشرّف تشهد لهم السماء قبل الأرض وحتى الذين رفضوا قتلَ اليمنيين من الأمراء وغيرهم ممَّن فيهم مروءةٌ وأخلاقٌ ونبضٌ إسلامي.
أما مَن يسمون أنفسهم علماء وسَدَنة للحرمين وقد أيّدوا قتل اليمنيين فَإن الحُجة عليهم أعظم وهم عند الله ألوم، وقد سقطوا إلى قعر جهنم، عن علم وروية، ولا ندري هل جهلوا أن اليمن أول من ناصر الإسلام وأنهم هم الأوس والخزرج؟، وهل جهلوا شهادة الرسول لهم بالإيمان والحكمة والفقه؟، وهل جهلوا أن من المملكة مَن كان يتوافد على طلب العلم في اليمن وهل جهلوا أن اليمنَ حتى هذه اللحظة هو الوحيدُ الذي لم يَرْتَمِ في أحضان اليهود والنصارى وأنه هو المتمسك بالإسلام المحمدي.
قاتل اللهُ المالَ المدنَّسَ كيف يمسحُ الرجولةَ.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.