عُظماءُ بِعطائِهم وصدقهم مع الله
أحمد المتوكل
تحَرّك أُولئك الشهداءُ من واقع استشعارهم بالمسؤولية تجاه الله ورسوله والأولياء الصالحين، ونصرةً للمستضعفين، ودفاعاً عن الوطن والدين.
لم يكن في قاموس الشهداء البحثُ عن المكاسب المادية، ولا نَيْلُ المناصب والرُتب، وإنما استجابة لأمر الله بقتال كُـلّ معتدٍ أثيم، فبذلوا نفوسهم في سبيله ونذروا حياتهم ومماتهم له وحده، فتقبلها الله منهم وأكرمهم بالحياة الأبدية والمغفرة والمساكن الطيبة في جنات عدن.
لولا تضحياتُ الشهداء لكانت داعش والقاعدة -أدوات أمريكا وإسرائيل- تذبح وتسحل وتغتال المواطنين في كُـلّ محافظة وفي كُـلّ شارع من شوارع اليمن، كما يحدث اليوم في المناطق المحتلّة، وكما حدث في العراق وسوريا، ولكن الله سبحانه وتعالى أمرنا بالجهاد في سبيله للحفاظ على عزتنا وكرامتنا ونيل رضاه والفوز في الدنيا والآخرة، وجعلَ الجهاد بالمال والنفس بعد الإيمان به وبرسوله هو السبيل الوحيد للنجاة من عذابه، وتلك هي التجارة الرابحة مع مَلِك المُلوك وجبَّار السماوات والأرض، وهي المعيار الأَسَاسي لصدق إيمان المسلم.
في الذكرى السنوية للشهيد نتذكرُ عظمة الشهداء، وعظمة ما قدموه من عطاء، وكيف أنَّ أمرَنا يُهمهم، فلم ينسونا سواء في حياتهم وهم في الدنيا، أَو بعد استشهادهم، يستبشرون لكل من لم يلحق خلفهم بركاب الجهاد، ويطمئنونهم بأنه لا خوفٌ عليهم ولا حزَن إذَا جاهدوا في سبيل الله واستشهدوا، فكل مؤمن يدخل الجنة لا يتمنى أن يعود إلى الدنيا قط، إلا الشهيد فَـإنَّه يتمنى أن يعود ليُجاهد ويُقتَل في سبيل الله ويدخل الجنة، ثم يعود ليُجاهد ويُقتَل في سبيل الله عشر مرات، لما يلقاه من كرامات وفضل ونعيم عظيم كما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
يترتبُ علينا في هذه المناسبة استشعار المسؤولية أمام الله وأمام تضحيات هؤلاء الشهداء، وأن نستلهم منهم العزة والوفاء والصدق والثبات على الحق، ومعاهدتهم أن نسيرَ في خُطاهم، وأن نرعى أُسَرَهم، وأن لا نقبل بالفساد والفاسدين، ولا بالسُّفهاء المجرمين؛ لأَنَّ الرضا أَو السكوت عن كُـلّ فساد ومنكر بيعٌ لدماء الشهداء، وشراءٌ للضلالة بالهدى.