وما الشهادةُ إلا من عند الله
أفنان محمد السلطان
يتسابق الكثير في الدنيا لنيل الرفعة والعلو في الدُنيا ويبذلون أقصى جهودهم ليبنوا لهم مجداً زائلاً وعزة لا تدوم، متجاهلين العزة الحقيقة والمجد الدائم الذي لا يزول الذي ثمرتهُ في الدُنيا وحصادهُ العظيم في الآخرة الذي يجب على الإنسان أن ينشدهُ دائماً ويسعى إليه بكُلِ ما أوتي من جهد وقوة وتمكين في الأرض، كرامة أبدية لا تزول، ترقية ربانية تجعلك من الخالدين، وهو درب الشهادة التي سلكها عظماءُ هذه الأُمَّــة، ربانيون لا يخافون في الله لومة لائم، هكذا هي انطلاقتهم وفي الميدانِ أولو قوةٍ وأولو بأسٍ شديد، يشدّ اللهُ أزرَهم ويسدد رمياتهم ينصرهم في المعارك ويقذفُ الرعب في قلوبِ أعدائهم عند الهجوم فهذه هي عدتهم وعتادهم التي يستندون عليها.
دربُ الشهادة عظيم لا ينالهُ إلا من صدقوا مع الله عهده فأوفاهم وعده بالجنة والخلود الأبدي عنده الذي يُنجيهم من أهوالِ الفزع ويطمئنهم من الجزع، ويأمنون من عذابِ يوم عظيم، ليجعل الله مقام الشهداء مع الأنبياء والصديقين والصالحين وحسن أُولئك رفيقًا، فالشُهداء تحَرّكوا وبذلوا كُـلّ غالٍ ونفيس في سبيل إعلاء كلمة الله لتكون هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى، ففضلهم الله تفضيلا واصطفاهم اصطفاء ويكفيهم فضلًا من الله عندمّا قال ((وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)).
طريق الحق واضح لمن أراد أن يبلغ المقام الرفيع الذي يبلغهُ الشهداء، وبما أن الموت قضية حتمية لا بُـدَّ منها فاستثمرهُ بالجهاد وفيما يرضي الله حتى تفوز بجنةٍ عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ولا تحسب أن تدخل الجنة دون جهاد وأعمال صالحة تبيض وجهك يوم لا ينفع الإنسان إلا ما سعى، وكما قال الأمام علي عليه السلام: “إن أرواحكم غالية فلا تقبلوا لها ثمناً إلا الجنة”.
فالشهادة في سبيل الله هي طريق مختصر لنيل كُـلّ هذا الفضل والنعيم والتفضيل ومّا الشهادة إلا من عند الله يؤتيها لخَاصَّة أوليائه الذين قال الله عنهم واصفًا شعورهم ((فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلا خوفٌ عَليهِم ولاهُم يَحزنُون)).