زهراءُ في زمن الانحطاط

 

غازي الزرود

مع أننا للأسف نعيشُ في زمن أصبح فيه واقعُ المسلمين مؤلماً للغاية، لما صاروا فيه من ذُلٍّ تحت إمرة من قد ضرب عليهم اللهُ الذِّلَّةَ والمسكنة، وأخبرنا بأنهم أوهنُ من بيت العنكبوت؛ بسَببِ أنهم ابتعدوا عن كتابِ الله الكريم ومنهجه ورسوله صلوات الله عليه وآله وأعلام الهُدى من أهل البيت عليهم السلام، وأصبحوا يتحالفون ويطبِّعون مع أعداء الله ويتولونهم وقد نهى اللهُ عن توليهم، لهذه الأسباب سُلبت منهم العزةُ والكرامةُ، وكما أن الكثير من أبناء الأُمَّــة الإسلامية قد تأثروا بتلك الثقافات المنحطَّة بواسطة الإعلام الدولي للدول الغربية الذي يتمثل في نمط موجَّه ومدروس لخلق رأي عالمي مؤيِّد لقرارات الدول الغربية ويجعلون شبابَ وشاباتِ المسلمين متقبِّلين لثقافتهم الخليعة بل ومنبهرين بها ويتبعونها وينسونهم رَبَّهم اللهَ الذي هو أعلمُ بما هو الخير لهم وقد أخبرهم أن اليهود هم أشدُّ عداوةً لنا ولا يريدون لنا أيَّ خير من ربنا ويعضُّون على أناملهم من شدة غيظهم منا ويودون أن يردونا من بعد إيماننا كافرين، مع هذا الواقع المأساوي الذي قال عنه النبي الأكرم (لتحذُنَّ حذوَ بني إسرائيل)، إلا أن المرأةَ التي لا تزال محافِظةً على ثقافتها الإسلامية وعلى حشمتها وعفتها وطهارتها ولم تتأثر قط بالثقافة الغربية فَـإنَّها تكون كالبتول الزهراء سيدة نساء العالمين ومن هي الزهراء؟

هي العظيمة الشريفة الطاهرة العفيفة هي سيدة نساء العالمين وهي النور الإلهي، هي تلك المرأة التي لا تسكُتُ على الظلم وتأبى الكفر وتقارع النفاق وَهي النموذج الراقي والأُسوة الحسنة لكل بنات الأُمَّــة الإسلامية وَأَيْـضاً هي قُدوة حتى للرجال، فهي أُمُّ أبيها وزوجةُ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -عليه السلام- وهي حبيبةُ الله، هي صاحبةُ الصبر وصاحبةُ البصيرة، هي الأُمُّ الحنونُ وهي أُمُّنا الزهراء -عليها الصلاة والسلام- وهي النموذج الراقي والرمز الحقيقي للمرأة المسلمة

وبما أننا نعيش ذكرى ولادتها -عليها السلام- والتي من عظمتها ومن كرامة الله لها أنها كُـلّ ما ذكرت في البال فور ما تذكرنا معها العفة والطهارة، فيجب على كُـلّ الفتيات استغلال هذه الذكرى المباركة للتعرف على صاحبتها عليها السلام، أكثر ويحاولن الاقتدَاء بها ليكُنَّ معها في الجنة.

وكذلك يجب على كُـلّ الآباء والإخوة أن يحرصوا على تربية نسائهم التربيةَ الحسنةَ وعلى العفة والطهارة والحشمة وتذكيرهن بما كانت عليه فاطمة الزهراء عليها السلام، وأن يجعلنها الرمز الذي يتمسكن به ويقتدين به، وَأَيْـضاً هم يجب عليهم أن يكونوا شديدي الغيرة كما كان الإمام علي عليه السلام، الذي كان يطفئ الضوءَ؛ لكي لا يرى أحد “ظل” زوجته فاطمة أَو ابنته زينب عليهن السلام، ولنضع تحت كلمة “ظل” خطاً أحمر ولنستحضرها في أذهاننا ألفَ مرة، وقد لا يستوعبُ البعضُ ماذا يعني أن أحداً يخافُ أن يرى الآخرون ظِلَّ زوجته أَو ابنته من شدة غِيرته عليهن هذه هي الغيرةُ الحقيقيَّة والتي لا يشبهها سوى رش العطر على جرح إن صح التعبير.

ويجبُ علينا جميعاً الحذر من الحرب الناعمة التي تدار من أمريكا مباشرة والتي تستهدف شباب وشابات الأُمَّــة الإسلامية عبر طرق ووسائل كثيرة ومختلفة وتهدف إلى إفسادنا وإلى أن تجعلنا منحطين ومتجردين عن ديننا وهُــوِيَّتنا الإيمانية وثقافتنا القرآنية وإبعادنا عن الله ليسلب منا توفيقه وعونه وتأييده ورعايته وليسهل لهم السيطرة على أفكارنا وأوطاننا ونهب ثرواتنا وإهانتنا دون أن نصدر أية ردة فعل ودون أن لا نستطيعَ أن نقولَ لهم “لا” مهما أذلُّونا وقهرونا.

وكذلك يسعون إلى أن يجعلونا منبهرين بثقافتهم المنحطة والهزيلة ومتبعين لموضتهم ويضعون لنا رموزاً وأعلاماً خليعين ليكونوا قُدوة لنا وكل هذا تحت عناوينَ برَّاقةٍ ومخادعة جِـدًّا، فقد يتشدقون بالحرية والديموقراطية وهم أكثر ما يكونون بعيدًا عنها فحريتهم لا تنتهي في الفساد الأخلاقي والعهر وهم أكبر العنصريين والمفرقين بين البشر ولا يخفى على أحد الفرق الذي لا يقارن بين المواطن الأمريكي ذي البشرة البيضاء والمواطن الأمريكي ذي البشرة السوداء وهم أكبر الدكتاتوريين إن أُبديت وجهة نظر مخالفة لهم وحتى في برنامج التواصل الاجتماعي “فيسبوك” المعروف بأنه أمريكي إذَا قام أحد مستخدميه بنشر أي منشور يحتوي على وجهة نظر أَو رأي مخالف للثقافة أَو السياسة الغربية فسرعان ما يقومون بحذفِ ذلك المنشور ويعترفون بأنهم قاموا بحذفه؛ لأَنَّه يخالف معايير مجتمعهم “المنحط”.

ولكن هيهات لهم أن ينجحوا في هذا ما دمنا نمتلك من الوعي ما يجعلنا حتى لا نستمع إليهم استماعاً، فكيف بأن نتبعهم؟!

وما يجعلنا أَيْـضاً متمسكين بكتابِ الله رَبِّنا وبنبيِّنا وبالإمام علي وفاطمة الزهراء وأهل البيت عليهم السلام.

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com