عملية إعصار اليمن الثالث.. نسف الأمن الموهوم لدويلة الإمارات
خبراء سياسيون وعسكريون: الضربة ستكون معيقة لمشروع “الإبراهيمية” التي تروّج لها الإمارات
المسيرة – محمد الكامل
تصاعدت وتيرةُ الاستهداف اليماني للعُمق الإماراتي، والتي تأتي ضمن عمليات متدرِّجة باتت تشكّلُ رُعباً للكيانَين الإماراتي والصهيوني، وتلفت انتباهَ العالم إلى الحربِ “المنسية” على بلادنا.
وتأتي هذه العملية بالتزامن مع زيارة الرئيس الإسرائيلي إلى أبو ظبي، في مشهد استفز اليمنيين، الذين يعطون القضية الفلسطينية أولوية كبيرة في اهتماماتهم وفي القضايا المصيرية للأُمَّـة.
ويرى المدير التنفيذي لمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية اليمني عبد العزيز أبو طالب، أن العدوان يحاول تثبيت قواعد اشتباك في هذه المعركة العدوانية على أَسَاس القوة الضاربة والمفرطة والمتوحشة، مطبقاً نظرية “الصدمة والرعب” في محاولة لتركيع الشعب اليمني وجيشه ولجانه المقاومة.
ويشير أبو طالب في تصريح خاص “للمسيرة” إلى أنه وبعد التصعيد الإماراتي الأخير أرسلت القيادة الثورية رسالة تحذير شديدة تذكر أبو ظبي بهشاشة بنيتها الزجاجية، ولكنها وباستنادها إلى وهم “الباتريوت” وخطأ الاستنتاجات أقنعت نفسها بتجاهل تلك التهديدات، فجاءها الإعصاران اليمنيان الأول والثاني، منوِّهًا إلى أن اللافت في الإعصار الثاني هو ازدواجية الرسالة لدويلة الإمارات والولايات المتحدة في استهداف قاعدة “الظفرة” التي تضم قوات أمريكية.
ويؤكّـد أبو طالب أن عملية الإعصار اليمني الثالث تحمل رسالة مزدوجة أَيْـضاً ولكن هذه المرة للعدو الصهيوني، والذي نعتقد -حسب التفكير الاستراتيجي اليمني- أن الضربة أُجِّلت لأيَّام حتى وصول رئيس كيان العدوّ في زيارته الأولى لدويلة الإمارات، متابعاً حديثه بالقول: إن هذه الضربة جاءت لتكسر وتنسف مقولة الأمن الموهوم الذي وعدت به تل أبيب للإماراتيين، فلا القبة الحديدية تستطيع صد الإعصار اليمني ولا الاستخبارات الصهيونية تنبأت بتلك الضربة.
ويوضح أبو طالب أن هناك رسائل عديدةً ودلالاتٍ مهمة حملتها الصواريخ والمسيَّرات اليمنية، حَيثُ نؤكّـد لهم ونعلن للجميع، لا لموجة التطبيع والعدوّ الذي لم يحم نفسه لن يكون قادراً على حمايتك، لافتاً إلى أن هذه الضربة ستكون معيقة لمشروع الإبراهيمية التي تروج لها الإمارات، والتي تأتي ضمن المشروع الصهيو أمريكي للسيطرة والهيمنة على المنطقة، كما أنها رسالة للعدو بأن القيادة الإيمانية والقرآنية لديها الشجاعة والقدرة على قطع اليد الصهيونية التي تعبث في اليمن والمنطقة، ولن تأبه لحسابات القوة الاستكبارية، ولا لتهديد الأمم المتحدة ومجلسها الذي لم يوفر الأمن يوماً للأمم المستضعفة ولن يكون هناك خطوط حمراء على حساب أمن واستقلال وسيادة يمن 21 سبتمبر.
وينظر الكاتب وَالمحلل السياسي الدكتور أنيس الأصبحي، من الزاوية ذاتها لـعبد العزيز أبو طالب، مُشيراً إلى أن دلالات استهداف العمق الإماراتي مع زيارة رئيس كيان العدوّ الصهيوني تدل على مدى الاتّفاقات الأمنية والعسكرية والاستراتيجية التي كانت تقرّرها الإمارات أَو من خلال ما يسمى اتّفاق إبراهام مع الكيان الصهيوني والذي يقوم على أَسَاس الاستحواذ على الجزر وباب المندب، لصالح النظرية الأمنية للكيان الصهيوني.
ويوضح الأصبحي في تصريح مقتضب لصحيفة “المسيرة” أن ذلك فيه دلالة ورسالة قوية لكيان الإمارات وللكيان الصهيوني أَيْـضاً، بأنه غير آمن، وأن نظريته الأمنية ووجوده الحيوي المزيف لن يستقر على جغرافية اليمن، مؤكّـداً أنها كانت ضربة موفقة؛ بهَدفِها الاستراتيجي، إضافة إلى إضعاف هذه الكيان الهش دويلة الإمارات التي تسعى لتحقيق أطماعها، طبعاً مع أطماع الكيان من خلال عدوانها على اليمن ومن خلال الدول الأُخرى المتحالفة مع الكيان الصهيوني.
تغيُّرُ موازين القوى
من جهته، يوضح الصحفي والمحلل السياسي صقر أبو حسن، أن رسائلَ كثيرةً حملتها عملية إعصار اليمن الثالثة والتي استهدفت عاصمة إمارات العدوان، خَاصَّة أن التوقيت يأتي في ظل زيارة رئيس الكيان الصهيوني الغاصب للإمارات والتي تؤكّـد التعاون الإسرائيلي والإماراتي في سبيل استهداف اليمن.
ويشير أبو حسن في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” إلى أن تصريحات الناطق الرسمي للجيش اليمني “يحيى سريع” كانت صادقة بما يكفي لتشير إلى أن موازين القوى تغيرت كَثيراً لصالح اليمن في معركتها في سبيل الحرية والاستقلال، وخطواتها الواثقة في تحويل مسار المعركة إلى خطوة الردع والزجر لكل القوى التي تحالفات لضرب واستهداف اليمن.
ويضيف أن استهداف الإمارات في ظل زيارة الرئيس الإسرائيلي لها تذكرنا باستهداف الجيش اليمني للسعوديّة إبَّان زيارة الرئيس الأمريكي السابق “ترامب” قبل سنوات؛ بهَدفِ عقد صفقات وإفراغ الخزينة السعوديّة من المال، تحت شعار “الحماية من الجيش واللجان الشعبيّة في اليمن”، لافتاً إلى أن ما بين زيارة ترامب للسعوديّة وزيارة الرئيس الإسرائيلي للسعوديّة سنوات من العدوان وحلقة طويلة من التعاون بين قوى العدوان ضد اليمن لتكشف أن اليمن أقوى مما يظنون وباتت يد جيشه تطول عواصم العدوان، وأن أقوال قادة اليمن تتبعها أفعال، بل وأفعال موجعة.
ويتفِّقُ الخبيرُ العسكري العقيد مجيب شمسان مع أبو حسن في هذا الجانب، مؤكّـداً أن هذه العملية التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية بما يُعرف بعملية “إعصار اليمن الثالثة” إلى داخل دويلة الإمارات جاءت بالتزامن مع زيارة رئيس الكيان الصهيوني، وَهي ذات دلالة وأبعاد تتجاوز بطبيعتها الأدوات إلى الفاعلين الأَسَاسيين على الشعب اليمني وعلى رأسهم الكيان الصهيوني.
ويضيف شمسان في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة”: وهذا إن دل على شيء فَـإنَّما يدل أولاً على أن القوات المسلحة اليمنية اليوم بات لديها القدرة على تنفيذ كُـلّ التهديدات التي تطلقها وتغطية بنك الأهداف في كُـلّ جغرافيا دول العدوان طولاً وعرضاً.
ويزيد بالقول: “ومن ناحية أُخرى فَـإنَّ العملية تعكس مدى الشجاعة التي تمتلكها القيادة اليمنية في اتِّخاذ قرار بمثل هذا المستوى دون أن تكون هناك أية مبالاة بردود الأفعال سواء على المستوى الإقليمي أَو الدولي”، لافتاً إلى أن هذه ربما النقطة الأبرز في القرارات اليمنية والقيادة اليمنية التي باتت إسرائيل اليوم تراقبها بشكل جدي، وتعتبر بأن القيادة اليمنية تتفرد عن بقية المكونات الأُخرى من محور المقاومة بالشجاعة الكافية لاتِّخاذ القرارات الصارمة سواء على مستوى تنفيذ ضربات نوعية أَو على مستوى الاستراتيجيات الأُخرى.
وينهي كلامه بالقول: “وبالتالي نحن اليوم أمام معطيات ومتغيرات مختلفة تؤكّـد أن لا خطوطَ حمراءَ أمام القوات المسلحة اليمنية سواء على مستوى العمق الإماراتي أَو السعوديّ أَو غيرها من جغرافيا دول العدوان القريب والبعيد.