سنخوضُ البحرَ معك
بتول عبدالله الحوثي
عندما تمُرُّ الأُمَّــةُ بمرحلة عصيبة من حياتها تعتبر نقطةَ تحول هامة يتكالبُ فيها الأعداءُ بشكل واضح وجلي وتظهر بشاعةُ إجرامهم ويفتنون الناسَ في دينهم ويسعون لإفسادهم.
حينها يرسلُ اللهُ عَلَمًا قائمًا بالقِسط آمرًا بالعدل سابقًا بالخيرات، ذا خُلقٍ عالٍ وسلامةٍ في الصدر وصدقٍ في النية واتباع لمنهج بارئه يتقرب إليه بخدمة عباده ونصرة المستضعفين فيرى المسلم فيه كهف الملاذ ومقصد الرشاد.
أوكلت إليه مهمةُ تربية أتْبَاعِه وتزكية نفوسهم وتحصينهم من سيطرة عدوهم عليهم، ويقفُ معهم في وجه من يدَّعي أنه ربهم الأعلى وحين سرى بهم بأمرِ الله إلى حَيثُ أراد الله يجن جنونُ أعداء الحرية والسلام فيلحقون بهم ومعهم جنود الحروب الصلبة والناعمة والحقد الذي يحملونه في قلوبهم أثقلَ بكثيرٍ من الأسلحة الفتاكة التي يقتنونها.
وفي تلك الحالة، حَيثُ العيونُ شاخصةٌ والقلوبُ واجفةٌ يصطدمُ السائرون ببحرٍ لا نهاية له، لا خطة تعمل ولا قارب يستقل فإما أن يستسلم أَو يقتل.
هنالك يتغربَلُ الناسُ ويصبحُ الشخصُ فيها واحداً من اثنتين: إما منافقٌ صريحٌ يخشى البحرَ ومخاطرَه ويخشى فرعونَ وجنودَه وينسى اللهَ في ملكه وقدرته فينساه اللهُ من تأييده وعونه وينسيه اللهُ نفسَه ويتكرّرُ في قلبه صدى عبارة: “أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ”.
وإما مؤمنٌ صريحٌ يزدادُ ثباتاً وعزماً يرى في عصا موسى شاهداً على قُدرة الله وعظمته ونفاذ ملكه، ويرى في موسى مصاديقَ هدي الله ونوره فلا يجد بُدًّا من متابعته وإكمال المسيرة مهما نبحت الكلابُ، أما خوض البحر معه فهو من دواعي سروره بل سيصنع من جسده جسراً لعبوره ويفديه بروحه ولسانُ حاله يقول: “إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ”.
وهكذا نحن.