كيف صنع الموقفُ الإيماني اليمنيين؟

 

مصطفى العنسي

بكل فخر واعتزاز يمضي اليمنيون بهُــوِيَّتهم الإيمانية منذ عهد رسول الله -صلوات الله عليه وآله- وحتى اليوم.

لم ينحرفوا حينما انحرف الآخرون.. ولم تغيرهم الأحداث.. ولم يقصروا أَو يتوانوا في جهادهم ونصرهم لدين الله والمستضعفين.

حينما آمنوا دخل الإيمان قلوبهم وتأصل فيها وتجذر، وفرح بإيمانهم رسول الله وهلل وكبر وسجد لله وقال: “الإيمان يمان والحكمة يمانية”.

لقد أبهروا رسول الله بإيمانهم وشجاعتهم وصدقهم ووفائهم، وأبهروا كُـلّ قائم لله بداية من عند رسول الله ومن بعده علي والحسن والحسين وزيد والهادي ووُصُـولاً إلى حسين عصرنا وحتى اليوم، هم الصادقون الثابتون على إيمانهم.

حري بهذا الإرث الإيماني أن يصنع من شعبنا اليوم شعباً لا يُهزم وقوة لا تُقهر.

شعب عصف وكسر الاستكبار العالمي، أمريكا وإسرائيل وجحافلهم ومنافقيهم.

وهو يتصدى اليوم لشذاذ الآفاق منهم بكل صمود وثبات بل ويحقّق الانتصارات المذهلة.

لقد صمد شعبنا أمام الأحداث الجسيمة والتحولات الكبرى وغير المعادلة لصالح محور المقاومة في المنطقة بمعادلة الإيمان بالله والثقة به والتوكل عليه وبما يمتلكه من إمْكَانات محدودة حاملاً راية الحق داعياً إلى المعروف وناهياً عن أكبر منكر اليوم وهو منكر أمريكا وإسرائيل..

وقد أثمر هذا الصمود الأُسطوري في تحطيم أُسطورة أمريكا وإسرائيل والقضاء على هيبتها.. وجعلها تستعرض اليوم بأكثر من ستين دولة أمام شعبنا وتناور في البحر بالقرب من بلدنا لكي تعيد ولو جزءاً بسيطاً من هيبتها التي قضت عليها صواريخ شعبنا وطيرانه المسيَّر.

هذا التحول أتى بعد حالة فرز عجيبة فرزت وكشفت المنافقين في الداخل والخارج ممن يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف خدمة لأمريكا وإسرائيل هلعاً وخوفاً منهم ومسارعة فيهم وتحاشياً من مردود الأحداث عليهم.. ممن فضلوا الاصطفاف مع العدوان على اليمن.. واختاروا لأنفسهم طريق الخنوع والاستسلام بديلاً عن خط الإيمان والعزة والكرمة..

فمحلياً امتاز موقف المنافقين في الداخل بدورهم المتمثل في نشر الفساد والتخذيل والتفريق وخلخلة الساحة من الداخل وتخريبها ونشر الإرجاف والتخويف في أوساط شعبنا سعياً لحرف ولائهم لصالح أعدائهم عن طريق الترغيب والترهيب.. وعن طريق الموقف والقتال كمرتزِقة في صف العدوان يقتلون أبناء شعبهم.

وامتاز دور منافقي العالم بشكل عام وعلى رأسهم أعراب الخليج بشن العدوان على شعبنا بكل غطرسة وكبر وغرور نهياً ومحاربة منهم للمعروف المتمثل في مشروعنا القرآني العظيم ليحل محله المنكر المتمثل بمشروع أمريكا وإسرائيل وما يندرج تحته من عناوين المنكر الواسعة.

رغم كُـلّ هذه الأحداث والغربلة والتكتل والتحزب العالمي وانحيازهم المطلق مع العدوان على شعبنا باستثناء القليل من أبناء الأُمَّــة الأحرار في محور المقاومة..

كانت المتغيرات لصالح شعبنا الصابر والمؤمن بصدق وعود الله وكانت الأحداث بكل ما فيها من تحديات وصعوبات بمثابة مدرسة تأهل فيها شعبنا ومرسته وصقلته وزادته إيماناً مع إيمانه وثباتاً وصموداً مع تضحياته..

شعبنا تحَرّك في مواجهته للعدوان من صميم إيمانه وبما تمليه عليه مسؤوليته الدينية والإنسانية والفطرية في دفاع مقدس وتحت عنوان قرآني “في سبيل الله”.

فكان خلال سبعة أعوام من العدوان يتحَرّك بمنظور قرآني كلما ازداد تصعيد العدوان وازدادت جرائمه ازداد إيماناً وثقة بالله وبنصره وبصدق وعده (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُم وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُم).

شعبنا لم يتحَرّك على أَسَاس الربح والخسارة فهو رابح على كُـلّ حال فإما نصر أَو شهادة وهو في كلتا الحالتين رابح لا محالة.

شعبنا تحَرّك وصمد في زمن تراجع فيه الآخرون وضعفوا واستكانوا.. فكان مردود الأحداث عليه نصراً وعزاً وفلاحاً؛ لأَنَّه شعب تشرب الإيمان وخلع ثوب الذل والاستكانة.. ولم تؤثر عليه الشائعات والدعايات ولم تنل من عزمه الإرجافات والتخويفات ولم يستسلم رغم كُـلّ الآلام والمعاناة ورغم شدة الحصار وحجم التضحيات..

في نهاية المطاف نحن أمام إرادَة شعب وعزيمة قائد بهما وبالتوكل على الله سيتحقّق النصر بإذن الله كما وعدنا الله في كتابه: (الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ).

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com