التغريب في يمنيتنا بغرض التخريب
رويدا البعداني
المجتمع اليمني تميز بارتباطه الوثيق بالله وبالمبادئ الإسلامية التي تحفظ للمرء كرامتَه واعتزازه بهُــوِيَّته الدينية التي لا تسمح لأية أفكار مخالفة أن تنتزع منه هذه الهُــوِيَّة، وقد صادفتنا الكثير من الأدوات والمسميات التي تطمح أن تنخر في هذه الهُــوِيَّة، وهذا يشكل خطراً على مستقبل الأجيال الواعدة، فُهناك حرب خفية خبيثة تدور في رحى الأعوام محاولة طحن هُــوِيَّتنا وقوميتنا بما في ذلك العولمة التي تحاول إجهاض انتمائنا الإسلامي داعية إلى تبني النموذج الأمريكي في كافة المجالات الاقتصادية، والسياسية، والثقافية وغيرها.
اليوم نحن نمرُّ بثورة فكرية عارمة، وبات من السهل جِـدًّا غزو أفكار الشباب وَإغوائهم عما خُلقوا لأجله، فمسألة التقليد والمحاكاة الغربية أضحت من أكثر الظواهر انتشاراً وفتكاً بفكر الإنسان وثقافته، فمثل هذه الظواهر قد تترتب عليها أسئلة نأى الغالبية عن حمل ثقلها، واستصعب على أهل الفكر إجابتها، لذا ما فتئت في مكانها تنتظر الإجَابَة لعلَّ خريف الأيّام القادمة سيجيب عنها.. منها: هل سيسود الغرب المتقدم بشتى مجالاته ويقضي على هُــوِيَّتنا القومية العربية بعولمته الفكرية والاقتصادية؟ هل سينجح الغرب في تشويش عقلية العرب كما جرت العادة ويصيب سهمه المسموم ضحيته؟ وهل بإمْكَان الغرب تجريد العربي من هُــوِيَّته وإحلال ثقافته الغربية بدلاً عن ثقافته القومية الإسلامية؟!
أسئلة مبرحة تكتلت في زاوية مضطربة لتغدو بمثابة موجة فكرية، تفرض نفسها على ذوي الفكر، والواقع العربي المعاش كفيل بأن يتحدث عن مآسي الحروب الخفية البالغة الأثر التي شغلت أرباب الأقلام، ومحطات الإعلام العربي فما نراه اليوم جاثياً على شوارعنا الإسلامية ليس بمحض الصدف بل ينم عن وجود وحش كاسر يتربص بجيل اليوم، ويغزو شبابهم باسم الحضارة والتحضر، لقد توغلت الحرب الناعمة في جذور المجتمعات إلا ما رحم الله، وغدا الأغلب يعيش على الفتات الغربي فتراهم غربيين من الطراز الأول بامتيَاز واجتياز، لكنهم في الحقيقة يعيشون الخواء الفكري الثقافي.
كان للشبكة العنكبوتية والهواتف الذكية، والقنوات والفضائية أثرٌ بالغٌ في ترسيخ هذه الآفة في ذهن العالم العربي الإسلامي، وهذا ما قد يتطلب اتِّزاناً فكرياً ووعياً ثقافيًّا واسع الأفق، وليس عجيبًا أبداً أن نرىَ اليوم قوى الاستكبار المعادية للأُمَّـة العربية، تنشط بشكل ملحوظ لإثارة النعرات الطائفية والتعصب الديني، وجعل الدين عائقًا وحجر عثرةٍ أمام التطور والتقدم، وربط التطور والتقدم بالانحلال والتخلص من القيم والمبادئ واتِّخاذها طريقًا لمزيد من التمزق والحروب لمزيد من تأجيج الصراعات بين الشعوب العربية الإسلامية، وتسعى جاهدة لإضعاف الرابطة القومية، ومن ثم استبعاد الوحدة العربية، لتُشعل فتيل الخصومة بين الدين والهُــوِيَّة، وهذا بدوره يمكن أمريكا من تعزيز مفهوم الحضارة بالطابع الغربي الذي تريده وهذا ما حذر منه السيد القائد في خطابه الأخير الذي توجُ بمحاور جمة تدفع بالفرد إلى الإحساس بالمسؤولية بهذا الدين وخَاصَّة نحن في غضون هذه الأيّام العبقة بنسائم شهر رجب.