الاقتصادُ الإماراتي يهتزُّ بعدَ أعاصير اليمن.. أوهنُ من بيت العنكبوت
مسؤولون وخبراء اقتصاد لـ “المسيرة”: الخسائر الأولية تقدَّر بحوالي 10 مليارات دولار حتى الآن
المسيرة| عباس القاعدي
عصفت الأحداثُ الأخيرةُ باقتصاد دويلة الإمارات، فبعد أن كانت تعتمدُ على الاستثمار والسياحة لبناءِ اقتصادِها الوطني، وكانت تعد في نظر العالم بيئةً آمنةً ومستقرَّةً، باتت اليوم عكس ذلك تماماً، وسيستمر وضعها بهذا الشكل إلى أن ترفع يدها من اليمن، وتغادر جميع المناطق التي احتلتها بدفع وإيعاز من الأمريكيين والصهاينة.
وتمتاز دويلة الإمارات بوجود أكبر سوق اقتصادي مفتوح للعالم، ويمتلك فيها الأجنبي أكثر مما يمتلك فيه الإماراتي، إلا أنها أصبحت ساحة حرب مفتوحة، وبيئة طاردة للاستثمارات؛ بسَببِ أعاصير اليمن التي أفقدتها ثقة المستثمرين وألحقت بها أضراراً وخسائر كبيرة في اقتصادها، الذي يعتبر في الأَسَاس اقتصاداً “رَيعياً” يعتمدُ على الصادرات من النفط والغاز، ولا يقوم على الإنتاج المحلي الداخلي، حَيثُ تعتبر دويلة الإمارات من الدول المستهلكة وليست من الدول المصنعة.
ويؤكّـد وكيل وزارة المالية الدكتور يحيى علي السقاف أن عمليات “إعصار اليمن الثلاث” التي نفذتها القوة الصاروخية والطيران المسير كشفت الزيف عن دويلة الإمارات، وأصبحت ضعيفة وأوهن من بيت العنكبوت، وأصبح اقتصادها معرَّضاً للانهيار وفي حالة سيئة.
ويقول السقاف في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة”: إن دويلة الإمارات تكبّدت خسائرَ فادحةً وكبيرة، وتجاوز الآثارُ المباشرة إلى توقف صادراتها من النفط، وتسبب في ارتفاع أسعاره، وقامت الكثير من الدول بإلغاء عقودها الآجلة لشراء النفط الإماراتي، موضحًا أن ما قامت به القوات المسلحة اليمنية يعتبر رداً على الحرب الاقتصادية التي تشنها دول العدوان السعوديّ الإماراتي منذ سبع سنوات على اليمن حَيثُ أقدمت دولة الاحتلال الإماراتي على احتلال وتعطيل معظم الموانئ اليمنية وعلى رأسها ميناء المخاء وبلحاف وتوقيف صادراته من النفط والغاز، متسائلاً: كيف لدويلة صغيرة مسكنها من زجاج أن ترمي بالحجارة على مساكن الآخرين ولا تنتظر الرد.
ويرى الدكتور السقاف أن أحد الأسباب الرئيسية في توقف النشاط الاقتصادي لليمن هو تحويل الاحتلال الإماراتي المنشآت الاقتصادية اليمنية إلى ثكنات عسكرية، كُدِّس فيها جميع أنواع الأسلحة، ما أَدَّى إلى توقف التصدير وخروج الشركات الدولية والمحلية من مواقع الإنتاج، وبالتالي وبحسب التقارير الاقتصادية والدولية التي تشير إلى أن تكلفة الفرصة الضائعة في الناتج المحلي الإجمالي لليمن بلغت عشرات المليار من الدولار، الأمر الذي أَدَّى إلى تقليص فرص العمل وتفاقم معدلات البطالة والفقر.
ونظراً لعدم تشغيل المواقع الاقتصادية والموانئ التجارية والتي كان لدويلة الإمارات المحتلّة الدور الكبير في توقفها وتردي الأوضاع الاقتصادية، يؤكّـد الدكتور السقاف أن عمليات “إعصار اليمن الثلاث” جاءت كرد واضح وشرعي وقانوني للدفاع عن استقلال وسيادة اليمن واستعادة جميع الثروات الاقتصادية المنهوبة.
خسائرُ وأضرار
وحولَ التداعيات والآثار الكارثية لعمليات إعصار اليمن على الاقتصاد الإماراتي، يؤكّـد وكيل وزارة المالية الدكتور يحيى السقاف، أن التداعيات والآثار كثيرة ومؤهلة للتصاعد والارتفاع بالتزامن مع استمرار هذه العمليات مستقبلاً ما لم تكف دويلة الإمارات من العدوان والحصار وترحل من كُـلّ شبر في اليمن.
ومن تلك الآثار والتداعيات فقد سجل مؤشر دبي وأبو ظبي أكبر تراجع وأغلقت معظم أسواق الأسهم في الإمارات بشكل خاص وفي الخليج بشكل عام ولحقت خسائر كبيرة من موارد المطارات نتيجة توقف عملية الطيران وهناك أَيْـضاً خسائر أُخرى تتمثل في خسائر الاستثمارات المالية الأجنبية التي تقدر بمئات المليارات من الدولارات، وفقدان الثقة الاستثمارية في خارطة الاستثمار العالمي وخسائر في حركة تدفق الأموال، كما سيتأثر قطاع العقارات والمباني؛ باعتبَارها أحد أشكال غسيل الأموال في الإمارات، وهناك خسائر قد تلحق ببعض المراكز الاقتصادية مثل المطارات وحقول إنتاج النفط ومحطات التكرير، بحسب الدكتور السقاف.
ويشير السقاف إلى أن تداعيات وآثار عمليات إعصار اليمن كثيرة ومُستمرّة على الاقتصاد الإماراتي، حَيثُ ستطال القطاع الفندقي والسياحي الذي اشتهرت به عالميًّا دويلة الإمارات، وستخسر عشرات المليارات من توقف معرض إكسبو المزمع إقامته في دبي والمتوقع بأن يزوره أكثر من 25 مليون زائر؛ نتيجة الشعور بعدم الأمن والاستقرار نتيجة إعصار اليمن والضربات الاستراتيجية التي هزت عروش الظلمة والمستكبرين.
وكون الأمن مكملاً للاقتصاد وبدونه تنعدم أية تنمية اقتصادية، يبين السقاف أنه كلما ارتفعت نسبة الشعور بالطمأنينة والأمن، كلما ساهم ذلك بالنمو الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري ونجاح عملية الاستثمار، وبالإضافة إلى الأضرار الكارثية التي ستلحق بالاقتصاد الإماراتي، وبحسب السقاف فَـإنَّ هناك آثاراً أُخرى سياسية تتمثل في انهيار وتصدع دولة أبناء زايد وآل نهيان نتيجة فقدانهم السيطرة على إدارة شئون الدولة نتيجة الانهيار الاقتصادي المتوقع وبسبب الخسائر جراء عدوانهم على اليمن وسيؤدي ذلك بالأخير إلى سخط شعبي ومجتمعي سيعمل على إزالة هذا النظام الفاشل من حكم هذه الدويلة.
فقدانُ الأمن
من جانبه، يؤكّـد الصحفي والخبير الاقتصادي، رشيد الحداد أن دويلة الإمارات اليوم تستجدي العالم لإنقاذ اقتصادها القائم على مصادر غير مستقرة وحساسة كالنفط والسياحة والخدمات والتبادل التجاري والنقل البحري والجوي والاستثمارات الأجنبية من أعاصير الرد والردع اليمنية، التي تنفذها القوات المسلحة التي أعلنت أن دويلة الاحتلال الإماراتي غير آمنة.
ويقول الحداد في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة”: إن إعلان القوات المسلحة بأن دويلة الإمارات غير آمنة لا يقل أهميّة عن العمليات الجوية التي طالت الإمارات خلال الأسابيع الماضية، فهذه الدولة التي بنت مجدها الزائف على أوجاع الآخرين واستطاعت أن توظف كُـلّ الاضطرابات التي شهدتها المنطقة خلال العقدين الماضيين لبناء سمعة سياحية واستثمارية واستقطاب السياح والمعارض الدولية ورؤوس الأموال فقدت أمنها الذي يعد أهم عامل لجذب رؤوس الأموال الأجنبية.
وبخصوص عملية إعصار اليمن الثالث، يوضح الصحفي والخبير الاقتصادي رشيد الحداد، أن العملية الثالثة كانت رسالة قوية لكل رؤوس الأموال العربية والدولية، حَيثُ أكّـدت فيها القوات المسلحة اليمنية لكل دول العالم، أن الإمارات ساحة حرب مفتوحة وليست بيئة استثمارية وسياحية آمنة، وأن هذه الدويلة أصبحت طاردة للاستثمار، ولم تعد بيئة أعمال مؤاتية.
ويؤكّـد الحداد أن عمليات إعصار اليمن الثلاث ألحقت بالاستثمارات الأجنبية أضراراً كبيرة؛ كون الإمارات كانت منطقة جذب للاستثمارات الأجنبية، وبسبب الضربات الثلاث وَتحذيرات القوات المسلحة اليمنية المتكرّرة للاستثمارات الأجنبية سوف ترتفع خسائر هذا القطاع الحيوي الهام إلى مليارات الدولارات وستفقد الإمارات ما كسبته من ثقة استثمارية في خارطة الاستثمار العالمي، والتي يبلغ حجم الاستثمارات الأجنبية في الإمارات، حسب أحدث الإحصائيات الرسمية، نحو 174 مليار دولار، يتركز معظمها في قطاعات النفط والغاز والاقتصاد الرقمي والعقارات والطاقة المتجددة والزراعة والابتكار والتكنولوجيا.
وبحسب الخبير الاقتصادي رشيد الحداد، فَـإنَّ العمليات الثلاث ضربت الاستثمار الأجنبي المباشر، وتداعياتها على القطاع السياحي والفندقي لدويلة الإمارات التي تفوَّقت على الصين في نسبة الأشغال الفندقي والسياحي العام الماضي سيكون كبير.
ولأن دويلة الإمارات تصنَّفُ كثاني أكبر اقتصاد عربي بعدَ السعوديّة وأكثر الدول العربية نشاطاً فيما يتعلق بالتبادل التجاري والعلمي والسياحي والاقتصادي مع دول العالم، يؤكّـد الحداد أن الأعاصيرَ اليمانيةَ سوف تعصفُ بكافة القطاعات الاقتصادية المحلية والإقليمية والدولية في حال لم تتوقف دويلة الإمارات عن عدوانها في اليمن.
وكتقديرٍ أولي وفقاً للمؤشرات وتراجع أسهم الشركات الإماراتية في الأسواق المالية والدولية، وبحسب الخبير الاقتصادي الحداد، فَـإنَّ الخسائرَ الأولية للاقتصاد الإماراتي جراءَ عملياتِ إعصار اليمن الثلاث تقدَّرُ بقرابة ١٠ مليارات دولار حتى الآن، متوقعاً ارتفاعَ الخسائر على المدى المتوسط والبعيد إلى أكثر من ٥٠ مليار دولار، وفي حال نقلت الاستثمارات الدولية مقراتها وسحبت شركاتٌ أُخرى رؤوسَ أموالها ونقلت أنشطتَها إلى دول آمنة فَـإنَّ فاتورة العدوان على الشعب اليمني سيرتد وبالاً على الاقتصاد الإماراتي، وقد تفوق الأضرارُ والخسائرُ كافةَ التوقعات الاقتصادية، ولذلك فَـإنَّ تكرار العمليات الهجومية على مواقعَ حسَّاسة في العُمق الإماراتي سيعيد الإمارات إلى مطلعِ تسعينياتِ القَرنِ الماضي.