العودةُ للعسكرة
مرتضى الحسني
قديماً تُعرَّفُ العسكرةُ بأنَها تجنيدُ الناسِ وتدريبُهم للقتالِ والدفاعِ عن الأرض أَو استخدامهم في الغزوِ وما إلى ذلك، وإباحةُ كُـلّ مَـا هو ظاهرٌ على أرضِ العدوّ؛ باعتبَارهِ مكسباً للمنتصرِ وحقاً له دونِ مراعاةِ الحُرمات أَو الأخلاق أَو القيم إلا في النادر، ومع تطورِ العالمِ وزحفِ العمرانِ على الأرض وترسيمِ الحدود وتخلخلِ الرخاء والأمن حول العالمِ والمعاناةِ من آثارِ الحروبِ خَاصَّة العالميةِ الثانية، أُنشئ القانون الدولي الإنساني وبموجبِه يتمُ الفصلُ بين الأهداف العسكريةِ والمدنيةِ سواءً البشر أم الحجر.
شيءٌ رائعٌ وجميلٌ أنْ يوضعَ حَــدٌّ يُميّزُ ما بين العسكري والمدني ويجعلُ للحربِ أخلاقاً تحفظَ للأبرياء أرواحهم وأملاكهم وخصوصياتهم.. إذاً بوجودِ هذا الشيءِ انتهت العسكرةُ وأصبح العالمُ ذا نُضجٍ وحداثةٍ في السلمِ والحربِ ويفرّقُ بين العسكري والمدني وموحياً بنهايةِ العسكرة.
ولكن ما يحدث في عدوانِ تحالفِ الشرِّ على بلادِنا يدحظُ كُـلّ تلك القوانين ويتعاملُ معها مثل (الأطرش بالزفة) عائداً بنا إلى زمنِ العسكرةِ باتِّخاذهِ كُـلَّ ظاهرٍ على الأرض اليمنيةِ عُرضةً للقصف والدمارِ في أي وقت، هذا إن لم يكن قد تعرضَ للضرب من قبل.
أشغلَنا تحالفُ العدوانِ بإعادة الأملِ ولم نكُ نعيِ بهذه الكلمةِ التي يُطنطنُ بها في كُـلّ قنواته ويتغنى بها في كُـلّ مؤتمراته بأنّ الأملَ هو عسكرتُنا وإعادتُنا إلى الزمنِ الغابرِ حتى وإنْ كُنّا لا نعرفُ شيئاً من التطورِ والتحضرِ والتمدنِ سوى بعضِ الجسورِ الخرسانية والآبارِ النفطيةِ وَأسوأ شبكات الاتصال الحديثةِ وخَاصَّة الإنترنت والقليل من البنى التحتية المتواضعةِ جِـدًّا، والحمدُ لله لم يألُ التحالفُ جهداً في التهاونِ معها فكانت أول أهدافهِ مدعياً عسكريتها لا مدَنيتها وآخرها شركةُ الاتصال الدولية (تيليمن)!!!.
عسكرَنا التحالفُ لتدميرِنا واجتهدَ في ذلك ومدعياً بأنّ ذلك يتماشى مع القانون الدولي الإنساني وَأَيْـضاً في الاحتراز من الضررِ الذي سيلحق به منّا، بحسبِ قوله.
حججُ التحالفِ واهيةٌ في مضامينها أولاً ومفضوحةٌ في أفعالها ثانياً وسيفندها الشظفُ اليمني سواءً في الميدانِ العسكري أَو السياسي، وسيأتي اليومُ الذي ينزعُ فيه جبروت الغزاةِ وطغيان الأنذال ويذيق كُـلّ أُولئك الأنذال من شذاذِ الآفاق علقمَ الندامةِ الموت، وليس ذلك على الله ببعيد.