مواجهةُ التصعيد والتحديات من منظور قرآني

 

وسام الكبسي

من أهم ما يعتمده العدوُّ قبل أيّ تصعيد له في المواجهة العسكرية هو الاعتمادُ على استراتيجيتِه المعهودة (الحربُ النفسية والإعلامية) وإن حاول إخراجَها كُـلَّ مرة بقالبٍ آخرَ إلَّا أن مضمونَها لا يتغيَّرُ كخُطَّةٍ ثابتةٍ لديه.

منذُ بدءِ عدوانه على الشعب اليمني وهو يركِّزُ على ضَرْبِ النفوس واحتلالها؛ ليتمكّنَ من غزوِ الأرضِ والسيطرةِ عليها، من خلالِ نشرِ الشائعات المختلفة والمركّزة ترافقُها حملةٌ إعلاميةٌ ضخمةٌ ركائزُها معلوماتٌ مضلِّلة وكاذبة الهدف منها نزعُ الثقة وخلقُ إرباك واهتزاز معنوي جماعي، وتضخيم إمْكَانياته أكثر من اللازم، بغطاء دولي للإجرام المرتقب لعزل الشعب اليمني في زاوية مظلمة ليسهل لهم ارتكاب الجريمة دون أن يرف جفن أحدٌ ما في العالم، وهي رسالة مضمونها (إما الاستسلام أَو الإبادة) وهذا ما يفعله العدوان في تصعيده، والدورُ الأبرزُ للعدوّ (الإماراتي الإسرائيلي).

ورغم التفوق العسكري الهائل لتحالف الشر الشيطاني إلا أن الخوف الذي يتملَّكُهم هو ردةُ الفعل، فهم يستبقون تصعيدَهم بحملات الحرب النفسية والهجمات الإعلامية للتأثير على معنويات الناس والتقليل من التحشيد القتالي وتفكيك الحاضنة مع تشديد الحصار ومنع دخول المشتقات النفطية لخلق أزمة الغرضُ منها إيجادُ التذمر وكُلُّها عواملُ ضغط تدفع إلى الريب ثم الجمود أَو الانحراف والتنصل عن المسؤولية.

وهذا النمط من الحروب أصبح غير ذي جدوى أمام وعي وإيمان الشعب الذي أصلُ هُويته الإيمان وتاجُ مجده الحكمة وذروةُ سنامه الجهاد، والإيمان والحكمة نور وبصيرة يمنحان الإنسانَ الوعيَ العالي والفَهمَ الصحيحَ لكيفية التعامل مع التحديات أياً كان حجمها أَو مصدرها، وهذا العامل الأهم الذى جعل الشعب اليمني ثابتاً وصامداً أمام عواصف التحالف الإعلامية والعسكرية والاقتصادية منذ سبع سنوات.

وفي هذه المرحلة الفارقة والمفصلية من عمر العدوان ودخولها في منعطف جديد وتصعيد أشد وكأننا نعيش الأيّام الأولى للعدوان ومع ظهور البريطاني والإسرائيلي للعلن بعد فشل أدواتهم من بعران الخليج ومرتزِقتهم تشتدُّ الهجمةُ الإعلامية ويزدادُ الإرجاف وتُضخَّمُ التحَرُّكاتُ والإمْكَانات، ويبذُلُ العدوُّ جهداً أكثرَ وأموالاً أضخم، وبدون تكلفة وفي دقائق معدودات يظهر قرين القرآن ليعصف بهذه الهجمة ويقدم للأُمَّـة كُـلّ الأُمَّــة الرؤيةَ القرآنيةَ في مواجهة التصعيد والتحديات وكيفية ذلك من خلال القرآن الكريم، ومما قاله السيد القائد في ذلك (في قوله تعالى: “إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ”، لاحظوا في تجليات الإيمان الصادق، أمام حالة الإرجاف والتهويل، وقد تتزامن مع أحداث مؤلمة، مؤسفة على الأرض تحصل، لكنهم لا يرتابون، المؤمنون الحقيقيون، المؤمنون الواعون، المستبصرون، المتيقنون، الواثقون بالله -سبحانه وتعالى- المتوكلون على الله -سبحانَه وتعالى- لديهم وعي حتى عن أسباب الأحداث ونتائجها، ولذلك لا يرتابون أبداً مهما كان حجم الدعايات الرائجة، الشائعة).

والهجمة الإعلامية الموجهة لكافة شرائح المجتمع اليمني بأحدث وسائل الإعلام المتعددة ومن كافة أنحاء العالم الشيطاني وبكل اللُّغات والأساليب وعلى مدار الساعة التي عبّر عنها القرآن الكريم بالناس (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) فكان مواجهتها بالثبات على الموقف الحق مع أهميّة تقديم المواقف القوية والرادعة وكلّ ذلك من خلال الإيمان الصادق بالله تعالى والتوكل عليه -سبحانه وتعالى-، وهذا ما تجلّى واقعاً وجسّده الجيشُ واللجانُ الشعبيّة ومن خلفهم شعبُ الصمود من خلال إعصار اليمن الذي قد يستمر وبشكلٍ أعنفَ.

ونتيجةَ الاستجابةِ لتوجيهات الله والارتباط الإيماني بحبلِه المتين والخشية من الله وحدَه لا سواه (فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)، فإن النتيجةَ الحتميةَ للمنطق الحق والمواقف القوية (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ. إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).

هذه الرؤية القرآنية التي تبدأ بمعالجة النفس وتزكو بها وتعمِّقُ الارتباط بالله، ثم الجِدّ في تحمُّل المسؤولية والاهتمام على المستوى العملي بتقديم المواقف القوية في مواجهة التصعيد وتحديات الأعداء.

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com