احتجاز سفن الوقود يشل القطاعات الخدمية: تحذيراتٌ من تداعيات كارثية واسعة النطاق
تراجع الخدمات المقدمة للمرضى بنسبة 50 % وإغلاق بعض الأقسام
تخادُمٌ فاضحٌ بين المنظمات الأممية وتحالف العدوان لرفع وتيرة المعاناة
المستشفياتُ الخَاصَّة تعلنُ “الطوارئ القصوى” ومياهُ الحديدة تطلقُ نداء استغاثة
المسيرة | خاص
واصلت القطاعاتُ الوطنيةُ الخدميةُ دَقَّ ناقوس الخطر، والتحذيرَ من تداعيات أزمة الوقود الناجمة عن الحِصارِ المفروضِ على البَلَدِ من قبل تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي، والتي أثّرت بشكلٍ كارثيٍّ على العديدِ من الخدمات الضرورية والإنسانية، في ظِلّ تواطؤ أممي ودولي يشجِّعُ دولَ العدوان على مضاعفة الأزمة الإنسانية الأسوأ على مستوى العالم.
وأعلن اتِّحَادُ المستشفيات اليمنية الخَاصَّة، أمس الثلاثاء، حالة الطوارئ القصوى، مؤكّـداً أنه في حال استمرار توقف وصول المشتقات النفطية إلى المستشفيات وارتفاع كُلَفِ الحصول على الوقود فَـإنَّ هذا الأمر سيؤدي إلى عجز تام عن تقديم الخدمات الطبية.
وأوضح أن أزمة المشتقات النفطية أَدَّت إلى تراجع الخدمات المقدمة للمرضى بنسبة 50 %، وإغلاق عدد من الأقسام في بعض المستشفيات، معبِّراً عن استنكار شديد لعمليات قرصنة واحتجاز سفن الوقود من قبل تحالف العدوان.
وأكّـد الاتّحاد أن هناك “تهديداً جدياً بتوقف الخدمات الصحية” نتيجة استمرار احتجاز سفن الوقود.
ويواصل تحالف العدوان احتجاز سفن الوقود ومنعها من الوصول إلى ميناء الحديدة، في عقاب جماعي وحشي لكافة أبناء الشعب اليمني، وقالت شركة النفط هذا الأسبوع: إن فترة احتجاز إحدى السفن التي تحمل الديزل تجاوزت ستة أشهر.
وأكّـد اتّحادُ المستشفيات اليمنية الخَاصَّة أن انقطاعَ المشتقات النفطية أَدَّى إلى وفاة العديد من المرضى في أقسام العناية المركَّزة والطوارئ والعمليات، وأن المستشفيات أصبحت عاجزةً عن حفظ وتخزين الأدوية الخَاصَّة بالأمراض المزمنة مثل السكر والأورام.
وطالب الاتّحادُ الأممَ المتحدة ومبعوثها إلى اليمن “باستخدامِ أقوى الضغوط على تحالف العدوان لإدخَال المشتقات النفطية”، محمِّلاً إياها المسؤوليةَ الكاملة عن تداعيات ونتائج الحصار المفروض على الشعب اليمني.
كما دعا كافةَ المنظمات الاغاثية والإنسانية إلى الوقوف مع القطاع الصحي وتعزيز دوره في تقديم الخدمات الطبية الأولية وإنقاذ الحياة في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلد.
وكان القطاع الصحي قد دق ناقوس الخطر عدة مرات منذ بدء الأزمة الأخيرة الناجمة عن احتجاز سفن الوقود، حَيثُ أَدَّى انقطاع المشتقات النفطية إلى توقف وتدهور العديد من الخدمات المقدمة للمرضى، علماً بأن القطاع الصحي يعاني منذ بدءِ العدوان نتيجةَ شُحَّةِ الإمْكَانات وصعوبة إدخَال الأدوية والتجهيزات الطبية؛ بسَببِ الحصار التعسفي المفروض من قبل دول تحالف العدوان وبرعاية أمريكية مباشرة.
وكانت مصانعُ الأوكسجين الطبي أعلنت قبل أَيَّـام أن احتجازَ سفن الوقود أَدَّى لتراجع الإنتاج إلى 45 بالمئة، وأن الوضع بات خطيراً في أقسام العناية المركزة والأمراض التنفسية وغيرها من الأقسام الصحية الهامة.
إلى جانب ذلك، أطلقت مؤسَّسةُ المياه والصرف الصحي بمحافظة الحديدة، أمس، نداءَ استغاثة لقرب نفادِ مخزونها الاحتياطي من الوقود.
وأوضح مدير عام المؤسّسة، عبد الرحمن إسحاق، أن قرصنة سفن الوقود من قبل تحالف العدوان قلّصت من ساعات ضخ المياه بنسبة 50 بالمئة.
وكشف إسحاق عن جانبٍ من التخادُمِ العلني الفاضح بين تحالف العدوان والأمم المتحدة لتشديد الحصار على الشعب اليمني، حَيثُ كشف أن منظمة اليونسيف تعتزمُ إيقافَ دعمها لمؤسّسة المياه بمادة الديزل مع نهاية الشهر الجاري.
وَأَضَـافَ أن “هناك توائماً كبيراً بين قرصنة العدوان على سفن الوقود وإيقاف منظمات الأمم المتحدة دعمها لمؤسّسة المياه والصرف الصحي”.
وأكّـد أن “توقُّفَ أحواض معالجة الصرف الصحي سيؤدِّي إلى تدفُّقها بين الأحياء السكنية، وهذا يُسَبِّبُ آثاراً صحية وبيئية كارثية”.
وكانت العديدُ من القطاعات الخدمية حذّرت خلال الأيّام الماضية من تداعيات كارثية نتيجة استمرار احتجاز تحالف العدوان لسفن الوقود، حَيثُ أَدَّى انقطاع المشتقات النفطية إلى توقف العديد من الخدمات.
وقالت شركة النفط اليمنية: إن تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي ما زال يحتجز خمس سفن نفطية منها سفينة تحمل مادة الغاز، وأربع سفن بحمولة إجمالية تبلغ (113.814) طناً من مادتَي الديزل والمازوت ولفترات متفاوتة بلغت بالنسبة للسفن المحتجزة حَـاليًّا أكثر من ستة أشهر، على الرغم من استكمال كُـلّ تلك السفن لكافة إجراءات الفحص والتدقيق عبر آلية بعثة التحقّق والتفتيش في جيبوتي (UNVIM) وحصولها على التصاريح الأممية التي تؤكّـد مطابقة الحمولة للشروط المنصوص عليها في مفهوم عمليات آلية التحقّق والتفتيش.
وحذر الاتّحادُ العام لمُلَّاك المحطات البترولية الأهلية، أمس، من حدوث كارثة إنسانية نتيجة توقف القطاعات الخدمية بفعل استمرار تحالف العدوان في احتجاز سفن المشتقات النفطية.
واستنكر الاتّحادُ في بيان صادر عنه خلال وقفة احتجاجية نظمت بالتعاون مع موظفي شركة النفط اليمنية أمام مكتب الأمم المتحدة بصنعاء، الصمتَ الأممي المعيب إزاء الممارسات التعسفية لتحالف العدوان، واعتبر أن منعَ دخول سفن الوقود النفطية -رغم حصولها على تصاريح أممية- جريمةٌ بحق الشعب اليمني تتنافى مع القيم والمواثيق والقوانين الدولية والإنسانية.
وأكّـد البيانُ أن صمتَ المجتمع الدولي والأمم المتحدة وحقوق الإنسان شجَّعَ دولَ العدوان على الاستمرار في محاصرة الشعب اليمني والقرصنة على سفن الوقود والتسبب في كارثة إنسانية.
ومن شأن تداعياتِ احتجاز سفن الوقود أن تضاعِفَ الأزمةَ الإنسانية التي أعلنت الأمم المتحدة أنها الأسوأ على مستوى العالم، وهو ما يفترَضُ به أن يفضيَ إلى تحَرُّكٍ أممي ودولي فاعل للضغط على تحالف العدوان؛ مِن أجلِ إيقاف العقاب الجماعي الوحشي على الشعب اليمني، غير أن ما يحدث هو العكس، حَيثُ تتماهى الأممُ المتحدة بشكل معلَنٍ وفَجٍّ مع استراتيجية تحالف العدوان في استخدام سفن الوقود والمِلَفِّ الإنساني كأوراق تفاوض وابتزاز للحصول على مكاسبَ عسكرية وسياسية.
وركّزت إدارة بايدن منذ صعودها إلى الحكم على تشديدِ إجراءات الحِصارِ لاستخدامه كورقة ابتزاز، في نفس الوقت الذي حاولت فيه خداعَ الرأي العام من خلال دعايات ومزاعم “وقف الحرب”.
وأكّـدت وزارةُ النقل بحكومة الإنقاذ، أمس الأول، أن الحِصارَ المفروضَ على اليمن تسبَّب بوفاة أكثرَ من 120 ألف مريض ممن كانوا بحاجة ماسَّة إلى السفر للعلاج بالخارج، وأن أكثرَ من 480 ألف مريض ينتظرُهم مصيرٌ مجهولٌ في حال استمرار الحصار على مطار صنعاء لعدم قدرتهم على السفر.
وبالتوازي مع الحصار واحتجاز سفن الوقود، كثّـف تحالفُ العدوان خلالَ الفترة الأخيرة غاراتِه العدوانيةَ على العديد من المؤسَّسات الخدمية، في محاولة للدفع بالمعاناة الإنسانية والمعيشية إلى ذروة جديدة.
وشملت أزمةُ الوقود الأخيرة كافةَ محافظات الجمهورية، وعلى رأسِها تلك الواقعةُ تحت سيطرة تحالف العدوان وأدواته، الأمر الذي نسَفَ بوضوح كُـلَّ محاولات التضليل بخصوص أسباب الأزمة.
ويُدينُ استمرارُ هذه الأزمة الأممَ المتحدة بشكل خاص، لصمتها المخزي إزاء تَحَدِّي تحالف العدوان لآليتِها المعتمَدةِ للتفتيش وعدمِ احترامِه لتصاريحِها الرسمية الممنوحة للسفن.