المنظمات الدولية تعملُ بدور ناعم لمساندة العدوان ولن تكونَ أبداً بديلاً عن الدولة
أكثر من 100 منظمة تعمل في الميدان التربوي لكن دورها هامشي ومشبوه ولا تحقّق الحد الأدنى من أهداف الوزارة
المنظماتُ تعتبر الوجهَ الناعمَ للعدوان الأمريكي السعوديّ وَالتعليمُ لا يعتبر أولويةً لديها
هناك توجُّـهٌ لقيادة الوزارة لتصويبِ مسار المنظمات ودورها بما يحقّقُ أولوياتِ الوزارة وخططها الفعلية
المنظماتُ تحرم أكثرَ من 175 ألف معلِّم ومعلِّمة وإدارة مدرسية وتعليمية من أن يحصلوا على حافز بسيط
ناقشنا مع “الكلاستر” الحاجةَ لحافز المعلِّم وَكان ردهم أن المانحين يرفُضون دعمَ هذا الحافز
المنظمات ترفض طباعةَ الكتاب المدرسي بذريعة التصويب في المنهج
وكيل وزارة التربية والعليم لقطاع التدريب والتأهيل محمد غلاب في حوار لـ “المسيرة”:
المسيرة – حاوره إبراهيم العنسي
أكّـد وكيلُ وزارة التربية والتعليم لقطاع التدريب والتأهيل، محمد غَلَّاب، أن انتهاجَ المنظمات الدولية لا يخدُمُ الجوانبَ الإنسانية التي تروّج أنها تسعى لتحقيقها، مُشيراً إلى أنها تسعى لتحقيق أهداف خفية بعيدة عن دعم أولويات التعليم في اليمن حَيثُ يقتصر دعمها على جوانبَ غير ذات جدوى حقيقية.
وأشَارَ غلاب في حوار خاص لصحيفة “المسيرة” إلى أن ما يصل من مساعدات حقيقية لجوانب التعليم المدرسي في اليمن لا يتجاوزُ ١٥ % من حجم الدعم المقدم للمنظمات، فيما تذهبُ بقيةُ المبالغ كموازناتٍ تشغيلية للمنظمات الدولية والمنظمات المحلية العاملة معها، كما تطرق إلى الكَمِّ الهائل من المنظمات العاملة في دعم جوانب التعليم في اليمن والأهداف والأدوار الحقيقية لعملها.
إلى نص الحوار:
– بداية.. كيف تقيّم دورَ وحضورَ المنظمات الدولية والمحلية في دعم جوانب التعليم في ظل هذا الحصار الأمريكي السعوديّ على اليمن؟
المنظماتُ وما أدراك ما المنظمات؟! هي عنوانٌ مجوَف، ومفرَّغٌ من محتواه وعلةٌ مزمنةٌ ومرضٌ للأسف مموَّل، نحن بحاجة هنا أن نكشفَ جانباً مؤلماً ومظلماً من جوانب عمل المنظمات، خُصُوصاً في الميدان التربوي، ومن منطلق قوله تعالى: (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَانُ قَوْمٍ عَلى اَلَّا تَعْدِلُوْا، اِعْدِلُوْا، هُوَ اَقْرَبُ لِلتَّقْوى)؛ وكي لا يُفهَمَ أننا نهدفُ من خلال حديثنا هنا إلى تأليب المجتمعِ اليمني على المنظمات وحشد الغضب عليها، بقدر ما نهدفُ لإيضاح أمرَين مهمَّين: الأول أن تعيَ المنظماتُ أننا نعلَمُ كُـلَّ تحَرّكاتها وأهدافها الظاهرة والخفية، والثاني لنمنحَها فُرصةَ تعديل سلوكياتها وَخططها وأهدافها وأن تدرك أنها ممول ومانح، وليست بديلاً عن الدولة ولن تكونَ كذلك أبداً.
ونؤكّـد هنا أن المنظمات الأممية والإقليمية التي تحرص على تفريخ منظمات محلية لها تمثل طابوراً خامساً من خلال أجندتها وأهدافها ومشاريعها المشبوهة بغض النظر عن معاناة شعبنا الكريم.
ومن حَيثُ العدد هناك أكثر من100 منظمة عاملة في الميدان التربوي، وهذا عدد مهول، ومن حَيثُ الدور فدورها هامشي و”مشبوه”؛ كون برامجها لا تحقّق الحد الأدنى من أهداف الوزارة ولا تلبي الاحتياجات ولا تحقّق أولويات التربية والتعليم.
– لا تحقّق أولويات التعليم أية أولويات بالتحديد؟
أولويات الوزارة تتمثل في حافز للمعلِّم المخلص الذي يؤدي دورَه الوطني بلا مرتب من مترس التربية والتعليم في جهاد العلم والمعرفة والبناء العلمي وبهذا هي تحرم أكثر من 175981 معلِّماً ومعلِّمة وإدارة مدرسية وتعليمية من الحصول على حافز بسيط، رغم أن هذا الحافز لا يحقّق حتى المستوى الأدنى للمعيشة، والأولوية الثانية هي طباعة الكتاب المدرسي الذي يتجاوز 45 مليون كتاب مدرسي للطلاب والطالبات، وبهذا حرموا أكثر من ستة ملايين طالب وطالبة من الكتاب المدرسي والذي يعتبر حقاً من حقوقهم بكافة الأعراف والقوانين، والأولوية الثالثة تجهيز المبنى المدرسي والمستلزمات المعينة لتحقيق العملية التعليمية، ليأتي بعدها الأولوية الرابعة المتمثلة بالتدريب والتطوير المهني في الوسائل، والأساليب وطرق التدريس والإدارة الصفية والقياس والتقويم والتخصصات العلمية وَأَيْـضاً الدورات الإدارية المدرسية والأخصائي الاجتماعي وغيرها من الدورات التدريبية التي تحقّق التنمية العلمية والارتقاء المهني، لكن نسبة هذه البرامج من تلك البرامج والأنشطة التي تدّعي المنظمات تمويلها لا يتجاوز نسبة الـ 15٪ بمقابل برامج ما أنزل اللهُ بها من سُلطان كـ “برامج الدعم النفسي والأزمات والطوارئ والجاهزية والطرق الاحترازية لمواجهة “كورونا” وغيرها من البرامج، متناسيةً هذه المنظمات أن الشعبَ اليمني يواجهُ عدواناً خبيثاً حَرَمَهُ من أبسطِ مقومات الحياة، وحصاراً مكتملَ الأركان، وتدميرَ ممتلكاته ومقدراته ونهبَ ثرواته، وتبديدَ أحلامه وآماله واغتيالَ طفولته، ولذلك فالتعليم لا يُعتبَرُ أولويةً لدى المنظمات، وتمارِسُ فيه دوراً مشبوهاً لا يخدُمُ أهدافَ التعليم ولا يلبي احتياجات الوزارة، وتمثل هذه المنظمات الوجه الناعم للعدوان الأمريكي الإسرائيلي السعوديّ الإماراتي، وإن بَدت في الصورة العامة أنها صاحبة اليد البيضاء إلا أنها في حقيقتها يدٌ سوداءُ لا خيرَ منها أبداً.
– كُـلُّ هذه الجلبة تتمخَّضُ عن مساعدات لا تتجاوز نسبة 15 %؟
فقط 15 % ما يصلنا، فمن حَيثُ المبالغ المالية التي حشدوها 50٪ إلى 60٪ منها تصرف كنفقات تشغيله للمنظمة الدولية، وما تبقى موزعةً بين الشمال والجنوب، وعندما تسلم هذه المنظمات الدولية مشروع ما لمنظمة محلية يتم احتساب نسبة 25٪ مما تبقى من المبلغ نفقات تشغيلية للمنظمة المحلية وهنا يحق لشعبنا أن يقول بأن المنظمات لا يهمها معاناة المعلِّم والطالب وولي الأمر واحتياجات التنمية الحقيقية في البلد بقدر ما يهمها الحصول على بيانات وإحصائيات دقيقة للمتاجرة بمعاناته في السوق الدولية للمانحين ليحقّقوا مكاسبَ مالية لأنفسهم يستفيدُ منها العدوانُ لوجستياً، وهذا يتجلى واضحًا أمام الجميع، فلم نجد لها دوراً بارزاً وواضحاً تجاه مجازر العدوان بحق الشعب اليمني، ولا تجاه قَطْعِ المرتبات والحصار، ولم تطالبْ بوقف الجرائم المنظمة للعدوان على مؤسَّسات التعليم وَاستهدافه المباشر للمدارس وللمباني التربوية، ولم تطالب هذه المنظمات قوى العدوان بإيقاف عدوانهم، بل إنها لم تتبن أدنى موقف تجاه العدوان سواء بإصدار بيانات تنديدية أَو غيرها ولم تظهر أي تحَرّك جاد لإظهار مظلومية الشعب اليمني للعالم، بل هي من تتغنى أنها تدعم الشعب اليمني وهذا افتراء إلا من نسبة خجولة جِـدًّا لا تكاد تذكر.
– بحديثكم عن المنافع المتبادلة بين المانح والمنظمات.. هل يقايض المانحون المال مقابل تلك المعلومات؟
طبعاً، كُـلُّ معلومات العمل تكونُ بيد المنظمة، وبالتأكيد هي تصل للمانح وبدورهم، يقومون بعمل تحليل البيانات، ومنها نجد تقارير أممية، وَأَيْـضاً خلق رأي عام لاتِّخاذ قرار تجاه العدوان، وبالتالي لا نجد إلا دعمًا مُستمرًّا للعدوان وأدواته.
– أشرتم إلى أدوارٍ مشبوهة للمنظمات.. مَـا هِي هذه الأدوار والمهام التي هي خارج السياق العام الظاهر الذي تدعيه المنظمات؟
من خلال هذه الحقائق والأرقام والنسب المئوية التي ذكرناها آنفاً، تتضحُ حقيقةُ الدور المشبوه لعمل المنظمات الدولية والمحلية، ويتبين أنها لا تملك مشروع بناء ونهضة.
وَالدور الهامشي والمشبوه هو ما نراه في عمل المنظمات هذه لأن برامجها الممولة هي خارج الاحتياج الفعلي والحقيقي والملح للميدان التربوي في مختلف المجالات، فعندما نقوم بتقديم برامجنا واحتياجاتنا الحقيقية التي يحتاجها فعلاً الميدان التربوي والتعليمي، نقابل بالترحاب، لكن إلى أن يتم البحث عن تمويل لها هكذا يقولون والبرامج والأنشطة التي لا تخدم أهداف الوزارة ولا تلبي احتياجات الميدان التربوي كلها ممولة ومتوفر الدعم لها فورًا.
أيضا نطاق التدخل لهذه المنظمات يكون في محافظات معينة ثم لمديرية في هذه المحافظة ثم لعددٍ محدودٍ جِـدًّا من المدارس ثم لعدد من المعلِّمين في هذه المدارس، وَأَيْـضاً أغلب الأحيان ببرامجَ هامشية، كذلك أعمال الصيانة وَالترميم لا تكاد تتجاوزُ ترميمَ حمَّامات المدرسة، أَو بناءَ فصول طوارئ لا تتسعُ لعشرين طالباً وَغير مستدامة؛ كونها أشبهَ ما تكون بحالة إسعافية.
– ماذا عن الأدوارِ الخفية التي تؤديها المنظمات الدولية في الداخل؟
التحَرُّكاتُ الخفیةُ تتمثل في تبنّي استمرارِ الفساد المالي والإداري لدى الموظفين وخلق ولاءات للمنظمات من الكادر في الميدان، واستهداف ناعم للجانب الأخلاقي بصورة ممنهجة، وإلغاء لركائز المشروع القرآني، وشد الناس إلى قيادة غربية ومنهج يهودي، وَتقديم نفسها كبديل وحل وداعم أمام المجتمع عما عجزت عنه الدولة من خدمات ورعاية للشعب وَغيرها من الأمور ذات الصلة إلى جانب التغطیة على جرائم العدوان؛ باعتبَار أن من يسمون أنفسَهم “الشرعية” الشيطانية وتحالفهم الملعون هو من سمح للمنظمات بالعمل في مناطقنا وإلا كان منعهم.
إضافة إلى سعيها اللامباشر لإلغاءِ حالة العِداء لأمريكا و”إسرائيل” ومن بكنفهم؛ باعتبَار أن المِنَحَ المالية تُقَدَّمُ منهم وَلا ننسى التأثيرَ العقائدي في حالة الولاء والعداء؛ باعتبَارها صلب ديننا والكثير من القضايا ذات الصلة بأهدافهم الخفية.
– أمام هذه الأدوار الخفية.. لماذا الصمت إذاً من هذه الأهداف التي تَمُسُّ جوهر الأُمَّــة؟
بالتأكيد ليس هناك صمت، بل هناك تحَرُّك جادٌّ من قيادة الوزارة لتصويب مسار عمل المنظمات وتجفيف منابع الفساد حتى يتحقّق ذلك، وبالمقابل هناك عمل دؤوب للبحث عن بدائل من هذا البلد الطيب، حتى نحقّق اكتفاء ذاتي من الداخل.
ولا ننسى أن اتِّخاذ موقف تجاه المنظمات يحتاج لقرار جريء من القيادة السياسية يترافق معه وعي شعبي كبير ومساندة مجتمعية؛ مِن أجلِ الحرية والاستقلال.
– برأيكم أُستاذ محمد.. لماذا تتجاهل المنظماتُ أولوياتِ التعليم الملحة، وعلى رأسها الاهتمامُ بالمعلِّم والطالب والمنهج.. ما فائدة الدعم إذاً؟
لأَنَّها تُدارُ من قِبَلِ مَن يديرون هذا العدوان على بلدنا، وبالتالي هو من يتحكم بتوجيه المنحة بالطريقة التي تخدمه ولا تخدم البلد، وهذا ما أخبرنا به الله سبحانه تعالى عنهم (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أهل الْكِتَابِ وَلَا الْـمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ)، وَبالتأكيد فالمنظمات الدولية تعمل وبدور ناعم لمساندة العدوان في التلذذ بمعاناة الشعب اليمني، والذي يعتبر المعلِّم حجر الزاوية في نهضة البلد وتحرّره، والمنهج المدرسي رفضوا تمويله لأكثر من مرة.
– لماذا؟
بذريعـة التصويبات التي تمَّت في المنهج، ويشترطون طباعةَ منهج 2014م.
– هل تتحدَّثون معهم عن حاجة المعلِّم الضرورية لحافز نقدي لاستمرار العملية التعليمية؟
بالنسبة لحِرمانِ المعلِّم من الحافز، نحن نناقش هذا الأمر مع كتلة التعليم التي تسمى “الكلاستر”، وهم كافة المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية، البالغ عددهم أكثر من 100 منظمة، ويردون علينا أنهم لا يستطيعون تقديمَ الدعم بهذا الجانب، ويعزون ذلك إلى أن المانحين رفضوا منحَ حافز.
– على ذكرك لهذا العدد الكبير من المنظمات العاملة.. ألا ترى أن هذا العدد مبالَغٌ فيه؟
هذا هو رقم فعلي ١٠٠ منظمة تعملُ في اليمن في مجال دعم التعليم كما يصفون، وأغلبها محلية تعمل لتنفيذ أجندة المنظمات الدولية للأسف.
– أمام هذه الأدوار الوهمية.. أين تقف وزارة التربية وقطاع التعليم من ذلك؟
هناك توجُّـهٌ عامٌّ لقيادة البلد وتوجيهات صدرت من معالي وزير التربية والتعليم، السيد العلامة يحيى بدر الدين الحوثي، بتصويب مسار المنظمات، ودورها بما يحقّقُ أولوياتِ الوزارة وخططها وبما يلبي الاحتياجات الفعلية للتربية والتعليم، وهي وفق عمل مرحلي مرتَّب ومنظَّم، وبالمقابل نأملُ من المنظمات أن تعيَ جيِّدًا أهميّةَ المرحلة، وأن تعمَلَ وفق المبادئ الإنسانية التي تدّعيها وتجعل منها عنواناً لها، وسنكونُ لها من الشاكرين، وإلا سنقول لهم شكر الله سعيكم، فالشعب اليمني ليس شعباً شحاتاً هو شعبٌ كريمٌ أعزَّه اللهُ تعالى، ووصفه الرسول –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بيمنِ الإيمَان والحكمة، وسيحافظ على هذا مهما كان حجمُ التضحيات، وكما حقّق الانتصاراتِ في ميدان المواجهة عسكريًّا وأمنيًّا، وصناعةً وتطويراً، سيحقّقُ ذلك في الميدان التربوي، متوكِّلاً على الله عز وجل.