النظامُ الدولي يندثر
د. مهيوب الحسام
من حق أمريكا التي تقودُ هذا النظامَ الدولي الإجرامي المتهالك منذ 1945م أن تقاومَ سقوطها واندثار نظامها ليس بكل الوسائل التي تراها مناسبةً؛ لأَنَّه لم تعد تملك الكثير منها بعد أن فقد نظامها جل عوامل بقائه من خلال ما قام به من إجرام بحق شعوب العالم قتلاً بأبشع صور القتل وتدميراً وكذباً وتضليلاً وذهابها به إلى أبعد مدى في الإجرام والسقوط القيمي والأخلاقي.
ولكن ليس من حقها الاستمرارُ في إنكار الحقائق عن تغيُّر الواقع من حولها ونظامها المهزوم على كافة الصعد بعدما باتت اليوم الأمور مكشوفةً لكثير من شعوب العالم.
من المبكر الحديث عن توريط الصهيومريكي الغربي لروسيا في حربها مع الأطلسي بأوكرانيا؛ لأَنَّها ما زالت في بدايتها، كذلك من المستبعد أن روسيا خاضت هذه الحرب دون دراية ودراسة كاملة لمآلاتها ونتائجها على روسيا وأُورُوبا والعالم، وَليس كما يقول الغرب بأن نتائجَ هذه الحرب تعتمدُ بشكل كبير على سرعة الحسم الروسي وفي حال طالت كَثيراً فَـإنَّ الأبواب عندها تكونُ مشرَعةً على كُـلّ الاحتمالات.
ما تردّدُه أمريكا والغرب عُمُـومًا من هكذا توصيف ليس تحليلاً وإنما استراتيجية يعملون عليها وتمثل رغبتَهم في سقوط أكبر عدد ممكن من الضحايا المدنيين ولكن لروسيا استراتيجيتها التي لا تتطابق بالتأكيد مع رغبات أمريكا والغرب وقد أعلنتها عمليةً خَاصَّةً نظيفةً قدر الإمْكَان وهي مبنية على استراتيجية التطويق والخنق للمدن والتفاوض مع الجيش الأوكراني ذي العقيدة الوطنية وهذا ما يلاحظ من خلال سير المعارك في أسبوعها الأول.
ومهما تكُنْ نتائجُ الحرب سواءٌ أكانت نتيجةَ مفاوضات قبل الحسم أَو بعد الحسم فَـإنَّها لن تتجاوزَ الشروطَ الروسية، والأهم من ذلك فَـإنَّ ما بعد الحرب ليس كما قبلها، فعجلة التاريخ دارت ولن تعود للخلف، وَالنظام الدولي الحالي لن يبقى على حاله فعجلة تغييره دارات هي أَيْـضاً وعلى روسيا التي تماهت مع هذا النظام الإجرامي دهرا منذ 1990م بعد انهيار الاتّحاد السوفيتي أن تدرك تماماً بأن الفضل في ضعف هذا النظام وقيادته الصهيوأمريكية يعود لصمودِ محور المقاومة من إيران إلى لبنان وسوريا وفلسطين واليمن خُصُوصاً بعدما تأكّـدت عمليًّا بأنها مستهدَفةٌ من أمريكا الغرب بذات القدر من الاستهداف لمحور المقاومة.
وعلى روسيا التي صوّتت مع العدوان الإنجلوصهيوأمريكي ضد الشعب اليمني في ذروة فرض العقوبات عليها من قبل ذات العدوان أن تُعيدَ حساباتها بوقوفِها مع الشعوب الحرة التي تسعى للتحرّر من أمريكا ونظامها الدولي الإجرامي وهيمنته عليها وأن تنحازَ إلى هذه الشعوب لا الأنظمة العميلة لأمريكا والتابعة لها، وأن قوتها في انخراطها بالتعامل مع الشعوب للتحرّر من الهيمنة الغربية.