في رحاب الشهيد القائد
خلود الشرفي
ونحن على مشارف العام الثامن من العدوانِ الهمجي الغاشم على يمن الإيمَـان والحكمة، يمن العروبة والإسلام، وتزامناً مع احتفالات شعبنا اليمني المجاهد الثائر بذكرى إسراء سيدنا محمد -صلوات الله عليه وَآله وسلم- إلى بيت المقدس، وما تحمله هذه المناسبة العظيمة من دلالات ودروس، وأحداث وعبر تجعل من القدس الشريف نصب أعيننا أملاً في تحريره في القريب العاجل، وتطهيره من دنس اليهود والمتصهينين، فَـإنَّ هذا بلا شك يرتبط برباط وثيق وعلاقة فريدة مع توجّـهات الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي -سلام الله عليه- الذي تمر بنا هذه الأيّام ذكرى استشهاده -رضْوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ-، حين عرجت روحه الطاهرة إلى أعلى عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أُولئك رفيقا، وتكللت جهوده ومساعيه بالشهادة في سبيل الله تعالى التي ظفر بها وفاز بها على رغم أنف المعتدين الذين ظنوا أنهم بقتله قد أخمدوا صوت الحق وأطفأوا نور المسيرة القرآنية الخالدة، وما علموا أن قرناء القرآن الكريم والعترة النبوية الطاهرة لا ينالهم الفناء، ولا يأتي عليهم الزوال فهم أحياء موجودين ما دام القرآن الكريم موجوداً بين أظهرنا، وهذا ما يؤكّـده رسول الله صلوات الله وعلى آله حينما قال: “إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به فلن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيفَ الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عَلَيَّ الحوضَ” وصدق رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم، فها هم أعلامُ الهدى كابراً عن كابر يبذلون أرواحَهم وحياتَهم في سبيل الله تعالى لإنقاذ المستضعفين من عباده، ورغم تحالف الظالمين والطغاة عليهم من كُـلّ حدب وصوب، إلاَّ أن صوتهم الحق يعلو ولا يُعلى عليه.
مهما عمل الظالمون والمتجبرون والمستكبرون، ومهما استكبروا ومهما سفكوا من الدماء الطاهرة، يظل أهل البيت النبوي الطاهر منبع القيم والرقي والأخلاق الفاضلة والمنهج القويم والذي كان أَسَاس انتصارهم في كُـلّ الميادين رغم قلة العدد والعدة، ولكن يقينهم بمعية الله تعالى لهم، وثقتهم بأنهم على الحق في مواجهة قوى الشر والطاغوت كانت من أهم عوامل النصر والثبات، إضافة إلى إحساسهم بمعاناة الشعوب، ومظلومية الناس على أيدي الحكام المجرمين والظالمين، هذه الأسس والعوامل كلها كانت بمثابة الحافز والدافع للتحَرّك الجاد في سبيل الله تعالى، والقوة الكامنة وراء العزم والإرادَة التي تتحدى المستحيلات وتتعدى الحدود..
إن الشهيد القائد -سلام الله عليه- برؤيته الثاقبة، وبصيرته النافذة، وتحليله القرآني المنطقي قد أستطاع تشخيص المشكلة وإيجاد الحل، وسبر أغوار الأُمَّــة الإسلامية، وعرف أماكن ضعفها، ومكامن الخلل فيها، فوضع ميسم الحق، على مكان الداء، وعالج الأوضاع ودرس الأحداث على ضوء القرآن الكريم، عندما أطلق مشروعه القرآني العظيم، والذي عرف قيمته وأثرة القرآني الكبير الأعداء قبل الأصدقاء، فحاربوه بكل قوتهم، وحاول الأمريكان واليهود احتواء المسيرة القرآنية العظيمة قبل بزوغ نورها، ودأبوا على وأدها في مهدها، ولكن.. “يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ”.
وما العدوان الذي يشهده يمننا الحبيب خلال ثمان سنوات إلا محاولة يائسة من قوى الشر والطاغوت، والاستكبار العالمي للقضاء على صوت المسيرة القرآنية الخالدة، وإسكات صوت هذا الشعب المظلوم الثائر، ولكن هيهات فقد انقلبت الموازيين، وصار السحر ضد الساحرين، فقد تنامى السخط الشديد ضد المعتدين، وأثبت الشعب اليمني الثائر العظيم بأنه ذلك الشعب الحر الأبي الذي يؤثر الشهادة في سبيل الله تعالى على كُـلّ ما سواه، وأن إرهاب العدوان وبطشه وتنكيله بالشعب وقصفه المنازل على رؤوس ساكنيها، وقتله النساء والأطفال في كُـلّ مكان لن يزيده إلا ثباتاً وصموداً، وتضحية واستبسالاً في سبيل الله تعالى..
فها هم اليمنيون الأحرار يقدمون الغالي والرخيص، ويبذلون قوافل من الشهداء الأبرار من فلذات الأكباد، وثمرات الأفئدة قرباناً لله تعالى، وفداء لهذه الأرض التي تستحق كُـلّ الفداء..
كيف لا؟! وقد قال عنها الله عز من قائل في كتابه الكريم: “وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ”.
فسمَّاها الأرض الطيبة، وأمرنا بشكره كَثيراً، على نعمة هذه الأرض الطيبة الخصبة المليئة بالثروات، المشتملة على خير خلق الله تعالى، من أئمة الهدى، وقرابين الرحمة الإلهية، الذين هدانا الله بهم.. واتمم نعمته علينا بوجودهم فهم أسرار الرحمة، ومنابر الهداية، سلام الله عليهم أجمعين