استراتيجيةُ أمريكا وبريطانيا ضد روسيا والصين وأُورُوبا!
أشرف شنيف
لقد كان لخروج المملكة المتحدة من الاتّحاد الأُورُوبي تبعات سياسية واقتصادية على الاتّحاد الأُورُوبي، ذلك الخروج “المخطّط له والمدروس بعناية” من قبل أمريكا وبريطانيا ساهم أَيْـضاً في دعم وتقوية حلف الناتو الذي تقوده أمريكا وذلك التحالف كان لمواجهة روسيا الاتّحادية، ثم رأينا مؤخّراً تشكل تحالف جديد “عبر المحيطين الهادي والهندي” مع بريطانيا وأستراليا مع الهند في مواجهة جمهورية الصين الشعبيّة بعيدًا عن تحالف “شمال الأطلسي”، تلك التحَرّكات الاستراتيجية تستهدف روسيا والصين وَأَيْـضاً أُورُوبا، ولقد أتت صفقة الغواصات النووية الأمريكية مع أستراليا “طعنة في ظهر فرنسا” -كما أطلق عليها مسؤولون فرنسيون- وذلك ضمن طعنات أمريكا لأُورُوبا كما أراها.
في نفس السياق، رأينا تصنيف الصين وروسيا كعدوتين استراتيجيتين للولايات المتحدة الأمريكية وذلك باتّفاق وإجماع الحزبين الجمهوري والديموقراطي، ولقد أتى ذلك التصنيف بعد ملاحظة تحالف الصين وروسيا الاستراتيجي وسعيهما إلى خلق منظومة اقتصادية وسياسة ومالية عالمية جديدة قائمة على تعدد الأقطاب، وذلك كان يلتقي مع رؤية فرنسا وألمانيا “عن استحياء” عبر تصريحات ماكرون وميركل حول رؤيتهما المستقبلية للعالم، ورغبتهما كانت تلتقي مع إقامة علاقات متوازنة مع روسيا والصين وأمريكا، وذلك التوجّـه كان بمثابة “انقلاب أبيض” على النظام الأمريكي في عدة مناطق تراها أمريكا ومن ضمنها إنشاء جيش أُورُوبي مشترك ليسحب البساط من تحت أمريكا وحلف الناتو العسكري.
مما لا شك فيه أن المشاريع والمبادرات الروسية والصينية الاقتصادية والتي كانت تهدفُ لربط أُورُوبا بآسيا وذلك عبر مشروع سيل الشمال الروسي وطريق الحرير الصيني تَحَــدٍّ جيوسياسي آخر كان موجَّهاً ضد أمريكا في أُورُوبا تحت مسميات مشاريع اقتصادية، ولهذا وضعت الولايات المتحدة تلك المشاريع ضمن التحديات المستقبلية وقامت “منذ تدشينها” بضربها بطرق شرعية وغير شرعية، حتى وصلت إلى مبتغاها -إلى حدًّ ما- وذلك بخلق بؤر صراع تقطعهما وكذا زعزعة أمن واستقرار دول محورية، فقد رأينا دولاً تشتعل داخلياً عبر افتعال فوضى سياسية تحت مسميات الديمقراطية مثلما حدث في اليمن وسوريا ومصر وإيران وأُوكرانيا وفرنسا ومحاولة الانقلاب في تركيا وزعزعة حدود الصين وروسيا..
أخيرًا، لقد نجحت الولايات المتحدة في تأجيج الوضع في أُورُوبا عبر دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نحو أُوكرانيا لتأمين روسيا خُصُوصاً بعد تجاوب الدول الأُورُوبية مع حلف الناتو مع تولي جو بايدن للحكم في أمريكا على حساب دونالد ترامب الذي ساهم في تفكيك حلف الناتو؛ بسَببِ غطرسته مع حلفاء أمريكا الأُورُوبيين، ولقد أتى الديمقراطيون ليصلحوا ما أفسده ترامب ويستكملوا ضرب روسيا والصين بدهاء قلّ نظيره في إدارة الملفات والحروب والصراعات الدولية، وبذلك عادت أُورُوبا وبمساعدة تأجيج بريطانيا -حليفة أمريكا- للحرب في أُوكرانيا إلى السيطرة الكاملة وخُصُوصاً مع خروج المستشارة ميركل من الحكم في ألمانيا ودخول شولتس الأقل خِبرةً، وسنرى سيناريو طويل المدى لضرب روسيا على نار هادئة كما هي استراتيجية أمريكا في ضرب خصومها، والخاسر الأكبر أُورُوبا وروسيا وسيأتي الدور لاحقاً على الصين.